في اللقاء الأخير الذي جمع بين العاهل السعودي الملك سلمان عبد العزيز والرئيس عبد الفتاح السيسى بالقاهرة، تم الإعلان عن إنشاء جسر برى يربط بين البلدين عبر البحر الأحمر، يمر من منطقة تبوك إلى جزيرة تيران، ثم إلى شرم الشيخ؛ بهدف زيادة التبادل التجاري وتسهيل وسائل السفر للحجاج والمعتمرين، دون دراسة إمكانية إقامة مثل هذا الكيان الضخم هندسيًّا وماديًّا وفقًا لأحدث التقنيات المعمارية على مستوى العالم. حيث أكد الدكتور هيثم ممدوح، أستاذ الهيدروليك بهندسة الإسكندرية، أن إنشاء كوبري أو جسر يصل بين شرم الشيخ وتيران خارج إمكانيات المعرفة الهندسية على مستوى العالم حتى وقتنا هذا، بخلاف التكلفة الباهظة التي ستنفق عليه، إضافة إلى أن نوعية الحديد المستخدم حاليًّا لا تصلح لتلك الإنشاءات؛ حيث إن المسافة بين خطي الشاطئ تقدر ب 5709 أمتار، والقطاع العرضي يوضح أنه في حالة إنشاء دعامة للكوبري "البغال" على منسوب تأسيس القاع -25 متر تحت سطح البحر، فإن المسافة بين البغلتين داخل البحر لن تقل عن 3474 مترًا، وعند منسوب -50 سيكون 3003 أمتار. وأوضح أنه بفرض أن «Clearance»ارتفاع الكوبري يجب ألا يقل عن 75 مترًا؛ حتى يتسنى عبور السفن أسفل الكوبري، فإن ارتفاع الدعامة الكلي لن يقل عن 400 متر لإنشاء كوبري معلق؛ ولهذا فهو مستحيل تحقيقه قبل عدة عقود، لحين توصل الأبحاث الهندسية إلى تقنية لتشييد تلك الإنشاءات دون تعرضها للانهيار، ويتطلب ذلك رصد ميزانيات عملاقة للبحث العلمي؛ حتى يتسنى تحقيق هذا التحدي الهندسي، موضحًا أن أكبر مسافة بحر صافٍ بين دعامتين توصل إليها العلم حتى الآن بلغت 1991 مترًا في كوبري Akashiباليابان. لافتًا إلى أن النرويج ما زالت منذ عشر سنوات تعكف على دراسة كيفية إقامة كوبري تقدر مسافته ب 3700 متر، ولم تتمكن حتى الآن من وضع التصميم الهندسي له. وأوضح الدكتور ممدوح أن هناك بديلًا لإقامة الجسر، وهو عمل نفق، وهذا يمكن تحقيقه؛ لأن منسوب أقل نقطة فى مضيق تيران يبلغ 143.07 متر تحت منسوب سطح البحر، مشيرًا إلى أنه حال إنشاء نفق يجب أن يكون منخفضًا عن منسوب هذا القاع بمسافة 50 مترًا، وهناك تجارب سابقة لمثل هذه الأنفاق على مستوى العالم، وثبتت نجاحها، كنفق اليابان Seikan، الذي يربط بين جزيرتي هونشو وهوكايدو، بعمق 240 مترًا من سطح البحر و100 متر أسفل قاع البحر بطول 25 كم، وأيضًا النفق الواصل بين إنجترا وفرنسا، والذي يبلغ منسوب أقل نقطة 75 مترًا، وفي المقابل فشل الربط بين المغرب وإسبانيا بكوبري يصل طوله 18 كم؛ لأن عمق المياه يصل إلى 752 مترًا. وكشف أستاذ الهيدروليك بهندسة الإسكندرية أن الربط بين تيران وأراضي المملكة سهل جدًّا؛ لأن عمق المياه ضحل، ويسهل عمل وإنشاء بغال في هذه الحالة، ولكن المشكلة في الربط بين تيران وشرم الشيخ. وتابع أن هناك بديلًا ثانيًا عن إقامة الجسر، ويمكن تحقيقة بسهولة، وهو استخدام الربط البحري، مثل خط نويبع – العقبة، وهو أفضل البدائل الاقتصادية. واختتم بأنه كان رافضًا لأنفاق قناة السويس، وكان من الأفضل هندسيًّا إقامة كباري، مؤكدًا أنه في حالة ربط شرم الشيخ بتيران، فإن النفق ممكن، والكوبري مستحيل، وأن الربط البحري أفضل.