"سأظل أناضل لاسترجاع الوطن؛ لأنه حقي وماضيّ ومستقبلي الوحيد؛ لأن لي فيه شجرة وغيمة وظلًّا وشمسًا تتوقد وغيومًا تمطر الخصب وجذورًا تستعصي على القلع".. "إن قضية الموت ليست على الإطلاق قضية الميت.. إنها قضية الباقين".. "تسقط الأجساد .. لا الفكرة".. كلمات قالها صاحب "رجال تحت الشمس" و"ما تبقى لكم" و"أرض البرتقال الحزين"، وصاحب مفهوم "أدب المقاومة".. والذي نحتفل اليوم بذكرى ميلاده.. إنه الروائي والقاص والصحفي الفلسطيني غسان كنفاني، أحد أشهر الكتاب والصحفيين العرب في عصرنا، فقد كانت أعماله الأدبية من روايات وقصص قصيرة متجذرة في عمق الثقافة العربية والفلسطينية. ولد "كنفاني" في عكا عام 1936، وعاش في يافا، واضطر إلى النزوح عنها كما نزح آلاف الفلسطينيين بعد نكبة 1948 تحت ضغط القمع الصهيوني، حيث أقام مع ذويه لفترة قصيرة في جنوبي لبنان، ثم انتقلت العائلة إلى دمشق. عمل منذ شبابه المبكر في النضال الوطني، وبدأ حياته العملية معلمًا للتربية الفنية في مدارس وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا) في دمشق، ثم انتقل إلى الكويت عام 1965، حيث عمل مدرسًا للرسم والرياضة في مدارسها الرسمية، وكان في هذه الأثناء يعمل في الصحافة، كما بدأ إنتاجه الأدبي في الفترة نفسها. انتقل إلى بيروت عام 1960، حيث عمل محررًا أدبيًّا لجريدة "الحرية" الأسبوعية, ثم أصبح عام 1963 رئيسًا لتحرير جريدة "المحرر"، كما عمل في "الأنوار" و"الحوادث" حتى عام 1969 حين أسس صحيفة "الهدف" الأسبوعية، وبقي رئيسًا لتحريرها حتى استشهاده في 8 (يوليو) 1972 بعد أن انفجرت عبوة ناسفة كانت قد وضعت في سيارته تحت منزله. وفي أعقاب اغتياله تمت إعادة نشر جميع مؤلفاته بالعربية في طبعات عديدة. وجمعت رواياته وقصصه القصيرة ومسرحياته ومقالاته، ونُشرت في أربعة مجلدات. ترجمت معظم أعمال غسان الأدبية إلى 17 لغة، ونُشرت في أكثر من 20 بلدًا، وتم إنتاج بعضها في أعمال مسرحية وبرامج إذاعية في بلدان عربية وأجنبية عدة، بل إن اثنتين من رواياته تحولتا إلى فيلمين سينمائيين، وما زالت أعماله الأدبية التي كتبها بين عامي 1956 و1972 تحظى حتى اليوم بأهمية متزايدة. يمثل كنفاني نموذجًا خاصًّا للكاتب السياسي والروائي والقاص الناقد, فكان مبدعًا في كتاباته، كما كان مبدعًا في حياته ونضاله واستشهاده, ونال عام 1966 جائزة أصدقاء الكتاب في لبنان لأفضل رواية عن روايته "ما تبقى لكم"، كما نال جائزة منظمة الصحافيين العالمية (I.O.J.) عام 1974، ونال جائزة اللوتس التي يمنحها اتحاد كتاب آسيا وإفريقيا عام 1975.