على أرض "عكا" شمال فلسطين عام 1936 ، ولد أشهر أدباء المقاومة الفلسطينية غسان كنفاني ورغم حياته الخاطفة والتي انتهت قبل أن يتجاوز الأربعين ، عندما اغتالته الأيادي الإسرائيلية عام 1972 في الحازمية بالقرب من بيروت بعد أن فخخت سيارته ليستشهد مع ابنة أخيه لميس . ترك لنا كنفاني إنتاجا غزيرا في الإبداع الأدبي سواء على مستوى الرواية أو القصة القصيرة، إلى جانب الكتابة الصحفية الغزيرة جامعا بين ذلك وبين العمل السياسي . ومارس أيضا الفن التشكيلي . كانت بيروت هي محطة انتقاله الأولى طفلاً حيث كان اللجوء ، انتقل بعدها إلى دمشق ومبكراً أثناء دراسته الثانوية استطاع أن يتفوق في الأدب العربي والرسم فعمل مدرسا في مدارس اللاجئين بدمشق والتحق بجامعة دمشق لدراسة الادب العربي وأسند إليه آنذاك تنظيم جناح فلسطين في معرض دمشق الدولي وكان معظم ما عرض فيه من إنتاجه الشخصى. وكانت الكويت هي محطته الثانية والتى شهدت أولى كتاباته الصحفية والقصصية أيضا فجاءت أولى أعماله مجموعته القصصة "القميص المسروق ". وعندما كانت بيروت تمثل المجال الأرحب في إلقاء التيارات الأدبية والسياسية ، انتقل كنفاني للعمل بها و بدأ عمله محرراً في مجلة "الحرية "، وكتب مقالاً أسبوعيا لجريدة "المحرر" البيروتية ، حتى لفت نشاطه ومقالاته الأنظار إليه كصحفي ومفكر وعامل جاد ونشيط للقضية الفلسطينية فكان مرجعاً لكثير من المهتمين. استطاع كنفاني أن ينقل تاريخ وطنه المغتصب ، عبر حيوات وتجارب أبطاله ، وعلى الرغم من أن روايات غسان وقصصه القصيرة ومعظم أعماله الأدبية الأخرى قد كتبت في إطار قضية فلسطين وشعبها فإن مواهبه الأدبية الفريدة أعطتها جاذبية عالمية شاملة . وحول اتفاقه مع آراء أبطال أعماله الدرامية يقول كنفاني في حوار أجرته معه إذاعة اسكندنافية - في أيام حياته الأخيرة - "أنا في العمل السياسي أدافع عن الحزب الذي أنتمي له، لكنني في الأدب الروائي والقصصي أطلق لأبطال قصصي ورواياتي حرية أن يعبروا عن مواقفهم دون تحفظ" . وقد كانت لرواية (رجال في الشمس) التي كتبها (1963) وحولها المخرج توفيق صالح لفيلم المخدوعون ، عظيم الأثر في الوعي العربي تجاه الحالة التي آلت إليها فلسطين و شعبها ، والتي يظهر فيها مجموعة فلسطينين يضطرون إلى السفر في خزان مياه وخوفاً من الحراس الحدوديين يغلق عليهم سائق العربة الخزان حتى يموتون اختناقاً في انتظار عودته . أصدر غسان كنفاني ثمانية عشر كتاباً. وكتب مئات المقالات في الثقافة والسياسة وكفاح الشعب الفلسطيني. في أعقاب اغتياله تمّت إعادة نشر جميع مؤلفاته بالعربية، في طبعات عديدة. وجمعت رواياته وقصصه القصيرة ومسرحياته ومقالاته ونشرت في أربعة مجلدات منها "ما تبقى لكم"، "أم سعد" ،"عائد إلى حيفا" ، " أرض البرتقال الحزين" ،"عن الرجال والبنادق" ،"عالم ليس لنا" ، إلى جانب مجموعة قصصية للأطفال كتبها في بيروت ، وحملت عنوان " أطفال غسان كنفاني " . تُرجمت معظم أعمال كنفاني الأدبية إلى سبعة عشر لغة ونُشرت في أكثر من 20 بلداً ، وتمّ إخراج بعضها في أعمال مسرحية وبرامج إذاعية في بلدان عربية وأجنبية عدة ، اثنتان من رواياته تحولتا إلى فيلمين سينمائيين. أنجب غسان كنفاني فايز وليلى بعد زواجه من الدانماركية آني التي تعرف عليها أثناء عمله في بيروت . Comment *