هي لا تشبه أحدًا، تنفرد بإحساسها وبوعيها الموسيقي وثقافتها الفنية ونضجها في الاختيار، إذا جلست معها وحاورتها تكتشف ذلك بنفسك، وهي التي ظفرت بنصيب كبير من اسمها وهو «أنغام» صوت يطرب الروح، وإحساس يغازل الاحتياج للسلام النفسي. بعد صدور ألبومها الأخير «أحلام بريئة»، الذي يحقق مبيعات كبيرة، رغم مرور أشهر على صدروه، قالت إنها لم تتوقع أن يحقق كل هذا النجاح، وكأنها لا تعلم مقدار شوق جمهورها ومحبيها لصوتها ولأغنياتها خاصة، وأن الألبوم جاء بعد مايقرب من 5 سنوات من ألبوم «ما حدش يحاسبني». تقول في حوار سابق لها، عقب صدور «نفسى أحبك» إنها تحرص دائمًا أن تعطي للموسيقى قدرًا مناسبًا من حجم الأغنية؛ حتى يتذوق المستمع الموسيقى، ويسرح فيها بطريقته؟، هكذا تأتي الموسيقى في أغنيات أنغام، دافئة لتمنح الإحساس بالراحة والطمأنينة والهدوء النابع من الموسيقى الشرقية. كل أغنية في «أحلام بريئة» لا تشبه الأخرى، تتنوع جميعها في كلماتها، وألحانها، وتوزيعها، وتعيش أنغام في كل أغنية إحساسًا منفردًا، كأنها تغني هذه الأغنية أو غيرها فقط، وتعيش هذا الإحساس أو غيره فقط. حين قال لها إعلامي إنها «امرأة جميلة»، ارتبكت أنغام ولم تجد ردًّا غير أن تبتسم فى خجل واضح وهي تقول «الله يخليك»، فكررها الإعلامي «أجزم أنكِ امرأة جميلة»، فازدادت أنغام ارتباكًا، ووضعت وجهها فى الأرض خجلًا من أن تصطدم عينها بعينه، هذه الأنثى الجميلة، شيء ماتغير في شخصيتها، لتقول في تصريح صحفى لها إن أغنية «بقيت وحدك» عرضها عليها الشاعر عصام عبد الله، منذ 18 عامًا، ورفضت غناءها؛ لأنها لم تكن تناسب «سنها وشخصيتها» حينذاك، مفضلة أن تحتفظ بها، حتى جاء أوانها في الألبوم الأخير. وتحمل «بقيت وحدك» قدرًا هائلًا من الشجن، هي حالة ناضجة وقاسية في التعامل مع حالة الفراق، وتمثل الوجع والخوف، وتقف أنغام لتغنيها وتخبرنا بشيء من النضج أن الفراق شيء محتمل. أضافت أنغام في ألبومها حالة جديدة لم تغنِّ مثلها سابقًا، هي أغنية «أكتب لك تعهد»، التي كتبها بهاء الدين محمد، هي حالة انهزامية، ولغة امرأة ضاقت بها نفسها، وضاقت عليها الحياة، بعد أن تحملت الكثير والكثير، حتى قضى الحبيب على البقية الباقية من طاقتها، فلم تعد تطيقه، ومستعدة أن تتعهد له أنها ستُكمل حياتها دون حُب، في سبيل أن يتركها لحالها، بعد أن أصبحت امرأة شبه محطمة. لغة جديدة على أنغام التي تغني دائمًا بكبرياء، فحتى في أغنية «مهزومة ضعيفة» تتحدى الحبيب، وتؤكد له أنه هو المهزوم وهو الضعيف، وحين أخطأ حبيبها وجرحها، عاقبته وأكدت له أنه لن يملك يومًا مشاعرها، وحرمته منها في أغنية «أستنى إيه»، أما هنا وتحديدًا في «مهزومة وضعيفة»، تغيرت أنغام وأصبحت ناضجة لتعبر عن الهزيمة صراحة، «ممكن تسيبني.. أشتري عمري اللي باقي قول بكام». مازالت أنغام تتفق وعشاقها على أن الحب دون مقابل هو أسمى معاني الحب بل هو الحب ذاته، وهو ما تحقق في أغنيتها «طول ما انت بعيد» التي كتبها عصام حسني، ولحنها محمدي، في معزوفة فائقة الشجن والجمال والحب، والعطاء، وإنكار الذات، والوجع. وفي أغنية «أهى جت»، التي شهدت تعاونًا مع أبناء الأغنية اللبنانية، إذ كتبتها كاثرين معوض، ولحنها هشام بولس، إلا أنها خرجت بصيغة وأسلوب مصريين خالصين، هما حالة أخرى، حدوتة مختلفة، تجعلك تفكر في حجم الثقة الكاملة التي تتمتع بها الأنثى الواثقة من حالها، غير المهتمة بغريمتها التي تنافسها على الرجل نفسه، وهى تقول «بكرة طيفي يغيظها»، وكأن أنغام ترتد إلى طفولتها وهي تغني من ألحان والدها محمد علي سليمان «عصبية وكلي غيرة». «فنجان النسيان»، الذي كتبها محمود صلاح، ولحنها محمد رحيم، حالة من الحنين الخالص، والشوق الذي يضعف القلب، والأماني المعلقة بعودة الحبيب، وربما أرادت أنغام فتح نافذة جديدة لها في لبنان، فضمت في ألبومها تجربة جديدة عليها وهي أغنية «بكره الموسيقى» باللهجة اللبنانية، كتبها نفس ثنائي أغنية «أهي جت». وخرجت أنغام في أغنية «باحب أغني» من كلمات أمير طعيمة، وألحان محمد رحيم، إلى الغناء للطبيعة والجمال والذكريات، فكانت حالة فريدة في الألبوم بكامله تبقى أغنية «جنبك مكاني» كلمات بهاء الدين محمد، وألحان شريف تاج، هي الأغنية المختلفة تمامًا في نسيجها عن باقي الأغاني، بموسيقاها الغربية، وإيقاعها السريع، وأخيرًا أغنية «ساندة عليك» التي طرحتها قبل صدور الألبوم، ثم ضمتها له، تشبه الحب المكتمل؛ لأنها حالة من غياب الخوف، والاكتفاء بالحبيب والتوحد فيه.