تعددت الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، بداية من إصدار الكنيست تشريعات تقضي بقتل الفلسطينيين بدم بارد في أكتوبر الماضي، وصولًا إلى ملاحقة القنوات والإذاعات والصحف الفلسطينية؛ في محاولة لتكميم أفواه المقاومة وتغييب القضية الفلسطينية عن الأذهان، مرورًا بحملات الاعتقال والقتل وهدم البيوت وتشريد الفلسطينيين. خطوة صهيونية على طريق التطرف أعلن جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي إغلاق جيش الاحتلال لمكاتب قناة فلسطين اليوم الفضائية في الضفّة الغربية، بتهمة التحريض على العنف، وهي التهمة الجاهزة لدى الاحتلال لتبرير أي من تصرفاته العدوانية تجاه الشعب الفلسطيني ومؤسساته، وبرر الجهاز الأمني هذه الخطوة المعادية للإعلام بأن "هذه القناة محسوبة على حركة الجهاد الإسلامي، وتعمل على تحريض سكان الضفّة الغربية والدعوة إلى شن هجمات إرهابية ضد إسرائيل ومواطنيها"، مضيفًا أن التحريض يجرى عبر البث التليفزيوني وعلى الإنترنت، ولم يكتفِ الاحتلال بإغلاق القناة، بل عمد إلى توقيف مديرها واثنين من العاملين فيها، واعتبر أن عملية الاعتقال ستسكت التحريض، مشيرًا إلى أن مدير القناة هو عنصر بالجهاد الإسلامي، وكان قد سُجن في إسرائيل بسبب أنشطته. استنكارات فلسطينية ارتفعت الأصوات الفلسطينية المستنكرة للخطوة الإسرائيلية المتطرفة، حيث أدانت نقابة الصحفيين الفلسطينيين حادثة اعتقال مدير القناة، فاروق عليّات، مشيرة إلى أن هذا الفعل المدان جاء بالتزامن مع اقتحام قوات كبيرة من جيش الاحتلال معززة بآليات ثقيلة ورافعات مكتب الفضائية ومقر شركة ترانس ميديا التي تقدم خدمات تقنية للفضائية، ومصادرة معدات الشركة ومحتويات مكتب الفضائية، قبل أن تلصق على باب مقر الفضائية أمرًا عسكريًّا يقضي بإغلاق المكتب. واعتبرت النقابة أن هذه الإجراءات تندرج ضمن سلسلة جرائم الاحتلال الإسرائيلي الممنجهة والمتصاعدة بحق الصحفيين ووسائل الإعلام الفلسطينية، والتي تعبر عن عقلية ومنهج بائد يعكس إفلاس حكومة الاحتلال وانفلاتها من عقالها، ودعت النقابة الاتحادين العربي والدولي للصحفيين إلى القيام بواجبهما في إدانة هذه الإجراءات القمعية غير المبررة بحق وسائل الإعلام العاملة في فلسطين، وممارسة الضغوط على سلطات الاحتلال للتراجع عن مثل هذه الخطوات التي كان قد أقرها المجلس الوزاري المصغر، أو ما يسمى بالكابينيت خلال جلسته أمس الأول. من جهته أدان أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، إغلاق سلطات الاحتلال للقناة الفلسطينية، وأكد أن الممارسات العدوانية الإسرائيلية من إعدامات ميدانية واغتيالات واعتقالات وهدم بيوت وتطهير عرقي ومصادرة أراضي وإغلاق وحصار وعقوبات جماعية واحتجاز جثامين الشهداء وتكميم الأفواه لن تخلق حقًّا، ولن تنشئ التزامًا، داعيًا المجتمع الدولي إلى وجوب مساءلة ومحاسبة إسرائيل. في ذات الإطار قال الناطق الرسمي باسم الحكومة الفلسطينية، يوسف المحمود، إن استهداف قناة فلسطين اليوم يأتي ضمن سياسة الاحتلال العدوانية المستمرة تجاه الإعلام الفلسطيني، معربًا عن إدانته لقرار إغلاقها، وأضاف أن هذا العدوان له تاريخ أسود امتد على مدى عشرات السنين، وطال الصحفيين، والكتّاب الفلسطينيين، وصحفيين عالميين تعاملوا بصدق مع القضية الفلسطينية. من جهتها ندّدت حركة الجهاد الإسلامي بإغلاق مكاتب القناة، معتبرة أن العدوان على فضائية فلسطين اليوم هو استهداف للخط الوطني الملتزم بنهج الانتفاضة ومشروع التحرير المدافع عن الشعب والأرض والمقدسات، مؤكدة أنه وجه من أوجه الممارسات الإرهابية للاحتلال وجيشه ومستوطنيه، وقال الشيخ خضر عدنان القيادي في حركة الجهاد الإسلامي إن الهجمة الإسرائيلية على فضائية فلسطين اليوم هي وسام شرف لها وللإعلام الفلسطيني الذي نقل المشهد حيًّا من بيوت الشهداء والأسرى وساحات الوطن المكلوم ومشاهد التضحية وانتصار الدم على سيف الاحتلال. ليست الجريمة الأولى اعتداء الاحتلال الإسرائيلي على فضائية فلسطين اليوم لم يكن الجريمة الأولى، بل هو حلقة في مسلسل طويل من العدوان على الشعب الفلسطيني واستهداف مؤسساته الإعلامية والاجتماعية ومحاولات تكميم الأفواه التي تدافع عن القضية الفلسطينية وتروج لها، حيث عمدت قوات الاحتلال، في منتصف نوفمبر الماضي، إلى إغلاق مكاتب إذاعتين في الخليل بالضفة الغربية، هما "راديو الخليل" و"الحرية"، قبل أن تغلق المحطة الإذاعية "دريم" في ذات الشهر، بتهمة تغذية العنف والتحريض عليه.