خسارة فادحة تكبدها مزارعو البطاطس بمحافظة المنيا، حيث لم يغطِّ إنتاج 30 ألف فدان تكلفة الزراعة؛ لعدة أسباب أبرزها ارتفاع ثمن التقاوي واحتكارها من قِبَل بعض الدول، فضلًا عن التغيرات المناخية، بالإضافة إلى تدني أسعار المحصول. ويزرع محصول البطاطس عروتين في العام، الأولى في شهر يناير وتسمى «الصيفية»، والثانية في نهاية أغسطس وتسمى «الشتوية»، وتختلف كل منها في تكلفة الزراعة، ويتم اقتلاع محصول العروة الصيفي في شهر مايو، يدخل بعدها الثلاجة، ليخرج في أغسطس ويعاد زراعته كعروة شتوي؛ لأن الفدان الواحد يغطي زراعة نحو 3 إلى 4 أفدنة بعد خروجه من الثلاجة. وتتمركز زراعة المحصول في المنيا بمراكز مطاي وسمالوط والمنيا، بمعدل 30 ألف فدان، وأصبحت زراعة العروة الشتوي بمثابة محصول رئيس في المنيا، يجهز الفلاح الأرض بحسب مواعيد يحددها دون احتساب لعامل المناخ؛ ليستطيع استزراع الأرض 5 مرات كل عامين. وقال حسام بشر، صاحب ثلاجة بطاطس: المزارع خسر نحو 3 آلاف جنيه عن كل فدان هذا العام، مما دفع الفلاحين إلى الإحجام عن زراعة المحصول. وعبَّر محمود عزمي، شيخ قرية الشيخ مسعود بالمنيا، عن غضبه قائلًا: «هما بيجربوا فينا السلالات الفاسدة اللي بتدي محصول مش بيتصدر زي أي محصول في أي محافظة تاني، وفين البلد والجمعيات الزراعية ووزارة الزراعة ودورهم مع الفلاح وصحة الناس بوجه عام؟». ويقول عماد عبيد، رئيس اتحاد الفلاحين بالمنيا: محصول البطاطس أصيب هذا العام بنكسة كبيرة في المحافظة، فتدنى معدل إنتاجية الفدان ليتراوح من 5 إلى 7 أطنان، بدلًا من 13. وأضاف عبيد ل«البديل» أن التكلفة تختلف بين العروة الصيفي والشتوي، فالأخيرة عالية التكلفة، إذ تبدأ مع حرث الأرض ووضع شلتات البوتاسيوم «السوبر» وتكلف من 400 إلى 500 جنيه للفدان، يليها تجهيز الأرض «التحويطة» ويكلف 200 جنيه، و150 جنيهًا أجر الشفاط أثناء عملية الري، لتصبح جملة تكلفة تجهيز الأرض للزراعة 850 جنيها، ويحتاج الفدان 2 طن تقاوي بطاطس من المخزنة، بتكلفة تتراوح من ألف إلى 3 آلاف جنيه، حسب سعر السوق، وإذا كانت الأرض منزرعة مسبقًا بالعروة الصيفي من عدمه، ثم تبدأ عملية المتابعة والاحتياجات الضرورية للزراعة من تسميد ووضع التقاوي وري وعزيق وترديف وتنظيف، وفي النهاية الحصاد، يتراوح العائد ما بين ألف و500 إلى 3 آلاف جنيه. وعن أسباب الخسارة، يقول: البداية مع تقاوي المحصول، تكون دائمًا مستوردة من دول أجنبية، بواسطة تجار احتكروا الأصناف، وكذا عملية التعاقد مع الشركات، كل منهم يحتكر صنفًا أو أكثر، ويكون وحده المتحكم في السعر الذي يجري التعاقد والبيع على أساسه، فمن تجار الجملة إلى تجار التجزئة في الأرياف، وأخيرًا للمزارع والفلاح، ويكون البيع من خلال العرض والطلب، ويتم التحكم في الأسعار دون وجود رقابة من الدولة، إلَّا من لجنة فحص خاضعة للحجر الزراعي». وكشف رئيس اتحاد الفلاحين بالمنيا عن أن سلالة التقاوي المسوردة لم تقاوم تقلبات المناخ؛ لأنها في عامها الأخير، لذا لم يعط المحصول الإنتاج الخضري المطلوب، وبالتالي النمو الدرني كان سيئًا، كما أن بعض التقاوي كانت مصابة بالعفن البني وأنواع لا تصلح للتصدير لعدم طلبها. واقترح رئيس اتحاد الفلاحين أن تكون هناك مجمعات زراعية تضم أصحاب مصانع وشركات استيراد وتصدير في المجال الزراعي؛ تشجيعًا لرؤية الرئيس في توصيل المنتج للفلاح والمواطن بأسعار مخفضة، على أن تقوم الجمعيات بدور السياسة التعاقدية وتكون شريكًا في تنظيم الزراعات التي يتم التعاقد عليها. واستطرد: على البنك أن يخفض قيمة الفائدة الاستثمارية من 13 إلى 8% عند الاقتراض، ويخفض أيضًا الفائدة الزراعية من 5.5 إلى 4%، وهي فائدة نصف سنوية؛ تشجيعًا للفلاح على شراء الميكنة الزراعية الحديثة، مما يساعد على تطوير الزراعة وزيادة الإنتاج. وأوضح الدكتور محمود منصور، أستاذ بكلية الزراعة جامعة المنيا، ل«البديل» أن الظروف الجوبة أثرت على نمو المحصول وبالتالي السلالة، التي تتأثر بعوامل الضوء، والأمطار. وطرح منصور مبادرة للزراعة التعاقدية من أجل الحفاظ على الإنتاج الزراعي، والتعاون المشترك بين الدولة والفلاح والمنتج، وعودة هيبة الدولة والقانون وفرض سياستها على السوق، مما يساعد المنتج على تحقيق ربح، والمستهلك في الحصول على منتج صحي بسعر مناسب.