أثار القرار الصادر من المستشار سامح كمال، رئيس هيئة النيابة الإدارية، بعدم إخطار الجهاز المركزي للمحاسبات بالقرارات التي تصدر من النيابة في القضايا التي تنطوي على مخالفات مالية، بعض الجدل القانوني، خاصة أن الجهاز المركزي هو أكبر جهة رقابية في الدولة، ومن حقه معرفة المخالفات التي تقع في يد النيابة الإدارية التي تتولى الإشراف على جميع مؤسسات الدولة، وطالب البعض بأن تكون للجهاز المركزي سلطة للإشراف على جميع مؤسسات الدولة بلا استثناء؛ لتطبيق مبدأ دولة القانون، خاصة أنه من المتعارف عليه أن يتم إخبار الجهاز المركزي بأي مخالفة مالية تصدر من الموظفين العموم في الجهات الواقعة تحت ولايته؛ لأنه أكبر جهاز رقابي على المال العام بالدولة. وبناء على قرار رئيس النيابة الإدارية، فإن القرارات التي عقَّب عليها الجهاز المركزي بطلب إحالتها إلى المحكمة التأديبية سوف تُلغَى من تاريخ سريان هذه، وستتم إحالتها إلى الجهات الإدارية؛ لتنفيذ قرارات النيابة الإدارية دون الالتفات لتعقيبات الجهاز المركزي للمحاسبات، مع عدم إعلامه بذلك. كما اشتمل القرار التنبيه على كافة النيابات والمكاتب الفنية وفروع الدعوى التأديبية ولجان التأديب والتظلمات بعدم إخطار الجهات الإدارية للجهاز المركزي للمحاسبات في القضايا التي تنطوي على مخالفات مالية، وعدم تضمين مذكرات التصرف الإشارة إلى هذا الإجراء، الذي كان معمولًا به قبل صدور هذا القرار. وخاطب القرار كافة النيابات والمكاتب الفنية، موضحًا أنه بالنسبة للقضايا التي عقب الجهاز المركزي للمحاسبات على القرارات الصادرة بشأنها من لجان التأديب بالنيابة، وطلب إحالتها للمحاكمة التأديبية، فإنه يتم إعادتها إلى الجهة الإدارية؛ لتوقيع قرارات النيابة طبقًا للقرار رقم 429 لسنة 2015، والذي حدد اختصاص النيابة الإدارية دون غيرها بالحفظ أو توقيع العقوبة في المخالفات التي تحال إليها من الجهة الإدارية. النيابة الإدارية هيئة مستقلة المادة 197 من الدستور المصري تنص على أن النيابة الإدارية هيئة قضائية مستقلة، تتولى التحقيق في المخالفات الإدارية والمالية، وكذا التي تحال إليها، ويكون لها السلطات المقررة لجهة الإدارة في توقيع الجزاءات التأديبية، ويكون الطعن في قراراتها أمام المحكمة التأديبية المختصة بمجلس الدولة، كما تتولى تحريك ومباشرة الدعاوى والطعون التأديبية أمام محاكم مجلس الدولة، وذلك كله وفقًا لما ينظمه القانون. ويحدد القانون اختصاصاتها الأخرى، ويكون لأعضائها كافة الضمانات والحقوق والواجبات المقررة لأعضاء السلطة القضائية. وينظم القانون مساءلتهم تأديبيًّا. الدكتور رمضان بطيخ، أستاذ القانون الدستوري، أشار إلى أن الأزمة تتلخص في تقليص دور الجهاز المركزي للمحاسبات، حيث كان المتعارف عليه هو إخطار الجهاز بالمخالفات التي تكشفها النيابة. ولكن بعد العمل بهذا القرار لن يحدث هذا الإجراء، وتتواصل النيابة مع المحكمة التأديبية مباشرة دون معرفة الجهاز، وشدد على أن الجهاز المركزي هو أكبر هيئة رقابية في مصر، ولا بد من إخباره. وأضاف بطيخ أن المادة 197 من الدستور مادة تنظيمية، حيث تحدد الجهات المشرفة على النيابة والعاملين فيها، بحيث تكون النيابة الإدارية هي المشرفة على نفسها، ولا تتدخل أي جهة أخري في الرقابة عليها، وهذا معمول به في كافة الهيئات القضائية. أما الحديث عن عدم إخبار الجهاز المركزي للمحاسبات فهو الأمر الجديد بعد هذا القرار. الدكتور محمود كبيش، أستاذ القانون بجامعة القاهرة، اتفق مع نفس الرؤية، وأشار إلى أن الجهاز المركزي جهاز رقابين لا بد أن تُطلَق له سلطات كبيرة تتماشى مع الدور الذي يقوم به، وهو الإشراف والرقابة على مؤسسات الدولة، بجانب أن الجهاز من حقه معرفة التقارير التي تخرج من النيابة الإدارية؛ لأنها جزء من اختصاصه.