توالت ردود الأفعال الدولية تجاه التطورات الأخيرة التي يشهدها الملف السوري خلال الأيام الجارية، لاسيما بعد تلويح السعودية بالتدخل البري في سوريا، وظهور تقارير روسية ترجح تحركًا تركيًّا للاستعداد للمشاركة في هذا التدخل، وبينما سارعت واشنطن بالترحيب بهذا القرار، معتبرة هذا الأمر تسهيلًا لقوات التحالف في الحملة التي تقودها أمريكا ضد تنظيم داعش الإرهابي، كان رد الفعل السوري عنيفًا منتقدًا هذا التصعيد السعودي. وأكدت سوريا عبر وزير خارجيتها وليد المعلم أن أي قوة ستدخل في بلاده لقتال تنظيم «داعش» دون إذن من الحكومة السورية سيعتبر عدوانًا على سوريا، مضيفًا: «سنعيدهم إلى بلدانهم في صناديق خشبية». من جانبها استهجنت روسيا هذا التطور، متسائلة عبر المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا، عن نتائج الضربات السعودية في اليمن؟ قائلة: «أخاف أن أسأل.. هل غلبتم الجميع في اليمن؟». وكانت شبكة سي إن إن الأمريكية نقلت عن مصادر سعودية أن الرياض وأنقرة عينتا قيادة للقوات المشتركة التي ستدخل سوريا من الشمال عبر الأراضي التركية، ووسط هذا الحديث وهذه التقارير الغربية التي أظهرت مدى قرب هذا التوجه، يرجح البعض أن يكون هذا التلويح مجرد تهديد بعد تقدم قوات الجيش السوري. في هذا السياق قال اللواء نصر سالم، رئيس جهاز الاستطلاع بالمخابرات الحربية الأسبق، تعليقًا على ما أعلنته السعودية: إن تورط الرياض في تدخل عسكري بسوريا يزيد الأزمة ويعمقها أكثر، مضيفًا أنه يجب فتح ملف تشكيل القوة العربية المشتركة مرة أخرى إذ رغبت الدول العربية حقًّا في مكافحة الإرهاب بالمنطقة العربية، خاصة سوريا. وأكد نصر في تصريحات ل«البديل» أن الخطوة السعودية قد تكون لها تداعيات خطيرة، فمن ناحية قد يصطدم الجيش السعودي بالجيش السوري وستكون معركة غير مضمونة، مؤكدًا أنها ستكون حربًا بالوكالة بين قوتيين في سوريا، حيث ستدعم أمريكاتركيا والسعودية بغارات جوية، دون المشاركة على الأرض، وستدعم روسيا الجيش السوري بغطاء جوي. واستطرد اللواء السابق بالجيش المصري: الإدارة الأمريكية تريد أن تورط الجيوش العربية في حرب طويلة الأمد لضرب بعضهما بعضًا، مؤكدًا أن مصر سيكون موقفها واضح وهو تبني موقف داعم للقوة العربية المشتركة، إذا كانت السعودية والدول العربية راغبة في وقف تمدد تنظيم داعش الإرهابي في المنطقة، خاصة بسوريا والعراق. في السياق ذاته قال السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق: الخطوة السعودية وتلويحها بإرسال قوات برية لسوريا خطيرة للغاية، لاسيما بعد قراءة رد الفعل السوري، الذي أكد أنه سيكون اعتداءً على سيادة البلاد، متمنيًا أن تعي الرياض أن هذا التدخل يعد توريطًا من قِبَل أمريكا لاستنزاف الموارد السعودية. وعن هدف السعودية من هذه الخطوة، أكد رخا أن السعودية تتجه لهذا التصعيد بعدما فقدت المعارضة السورية مواقعها مقابل تقدم الحكومة السورية، بالإضافة إلى قرار مجلس الأمن، الذي أكد أن حل الأزمة السورية لابد أن يكون سياسيًّا، مشيرًا إلى أن كل هذه التطورات أعطت قوة للجيش السوري. وعن الغارات الروسية ومستقبلها، أكد رخا أن الإدارة الروسية لن توقف غارتها إلَّا بعزل المعابر التركية، التي يتم من خلالها تهريب الأسلحة والإرهابيين من الجنسيات كافة إلى الداخل السوري، وبعضهم يتجهون إلى مناطق الاضطرابات في روسيا مثل القوقاز، مشيرًا إلى أن موقف تركيا يتشابه مع السعودية، في ضوء تحرك الإدارة التركية الأخير لبناء مخيمات على الحدود مع سوريا لاستقبال النازحين من حلب؛ للبدء في التدخل العسكري بسوريا. وفيما يخص موقف مصر، أكد الدبلوماسي المصري أن القاهرة لن تشارك إطلاقًا بأي جندي في الحرب السورية؛ لأنه يعتبر تدخلًا في الشأن السوري، مشددًا على أن مصر تسعى دائمًا إلى الحل السياسي والحفاظ على وحدة سوريا ومؤسساتها الشرعية، مضيفًا أن مصر إذا رغبت في المشاركة بقوات في الخارج يجب أن تتجه إلى ليبيا التي تؤثر على الأمن القومي المصري.