تشهد إثيوبيا صداما قويا بين الدولة والشعب، خاصة أن الحكومة تقمع المتظاهرين بقوة مفرطة، بينما يتصدى المحتجون لهذه الاعتداءات ويتمسكون بحقهم في التعبير السلمي عن غضبهم، الأمر الذي يضع البلاد في مفترق طريق مرة أخرى. وفي هذا السياق، قال موقع «إثيوميديا» أن الاحتجاجات بدأت بالخطة السياسية المشؤومة التي تبنتها الحكومة الإثيوبية لتغيير حدود مدينة أديس أبابا، في إطار خطة الدولة الإقليمية المتكاملة للتنمية، وتمتد خطة السلطة في المدينة إلى منطقة أوروميا المحيطة بها، وتهدد معيشة سكان المنطقة بشكل كبير. وبحسب الموقع، تغتصب الحكومة الإثيوبية الأراضي من أصحابها في منطقة أوروميا؛ لتنفيذ الخطة التوسعية، وأن الأزمة الحقيقية تمثلت في عدم تشاور الحكومة مع سكان هذه المنطقة، وتم تهجيرهم بشكل قسري بشكل يتحدى نص وروح الدستور الإثيوبي. وأوضح الموقع الإثيوبي أن الجميع الآن أصبح يناقش بجدية كبيرة الأزمة الراهنة في البلاد، ومستقبل أديس أبابا في ظل التشتت والتفرقة بين المجموعات العرقية بالدولة، حتى أصبحت المجموعات العرقية المختلفة تتحاور حول كيفية العمل معا والتغلب على سياسة الحكومة المثيرة للانقسام. ويؤكد «إثيوميديا» أن ملكية الأرض أمر حيوي مجتمعيا، خاصة في المجتمعات الريفية، فتعد جزء من هوية وتراث المزارعين، ولا يقتصر الأمر على الفوائد الاقتصادية فقط، بل الأهم من ذلك أن السكان المحليين يتكاتفون مع القائمين على حماية البيئة لأن المشاريع التي تود الحكومة الإثيوبية إقامتها سيكون لها آثار بيئية وإقليمية سيئة جدا. وعمدت الحكومة الإثيوبية إلى تهجير السكان المحليين في العديد من المناطق، مثل غامبيلا وجنوب أومو، وسلمت أراضيهم إلى النخب الحاكمة أو قامت بتأجير أراضيهم للمستثمرين الأجانب دون تعويض مناسب أو بالتشاور مع المتضررين، وبالتالي أصبح هؤلاء المزارعين ضحايا خطة التنمية الحكومية، بحسب «إثيوميديا». وأشار الموقع الإثيوبي إلى أن القضية الثانية المهمة في البلاد هي الفيدرالية العرقية، فينبغي تقييم الآثار المترتبة على ترسيم الحدود الاتحادية على أسس عرقية، وكذلك إضفاء الطابع المؤسسي على الأحزاب السياسية القائمة على أساس عرقي. وتابع: «تتحدى الأحزاب السياسية القائمة على أساس الأعراق مبدأ إنشاء الأحزاب السياسية عبر السعي لبناء دائرة واسعة النطاق، على عكس جماعات المصالح أو القاعدة المجزأة، فأقامت إثيوبيا حدود عرقية جعلت المواطنين أسرى جغرافيتهم، وجعلت من الصعب إقامة علاقة أفقية بين المناطق، وأوجدت الحكومة ثقافة سياسية خطيرة في التنشئة الاجتماعية والسياسية حتى أصبحت التحديات فلسفة فيدرالية تهدف إلى تحقيق التكامل والوحدة والمساواة». واستطرد الموقع الإثيوبي: «يبقى إساءة استعمال السلطة الفيدرالية التي اقتصرت على مركزيتها بأيدي الحزب الحاكم أمر آخر يثير التوترات في إثيوبيا، خاصة أن العلاقات الاتحادية للدولة يجب أن تكون متمثلة في الحكومة الاتحادية مع وجود سلطات محددة لحكام الولايات، أما النظام الفيدرالي فيقوم على أساس عرقي وتتدخل الدولة والحكومة الاتحادية في شؤون المناطق وتنتهك سلطتهم». وأضاف: «علاوة على ذلك، أوجدت الحكومة عدم الثقة وتحول الحديث من "نحن" إلى "هم" للتفريق بين المجموعات العرقية والدينية المختلفة، وهذا الواقع يتناقض مع فلسفة الفيدرالية التي من المفترض أن تساعد في أن يتلقى جميع المواطنين متنوعا ثقافيا يتمتع بثقة كبيرة». وأردف الموقع أنه من أجل بناء أفضل لإثيوبيا ولمساعدة الدولة على المضي قدما، من الضروري ألا تكون الفيدرالية القائمة بإثيوبيا على أساس عرقي ويعاد النظر في نظام الحكم، خاصة أن الخطة الرئيسية لتوسعة أديس أبابا هي الحافز الذي أدى لاندلاع الانتفاضة الشعبية التي أودت بحياة أكثر من 150 شخصا. وساهم غياب الشفافية وسوء الإدارة والفساد على نطاق واسع ورأسمالية المحسوبية في تزايد حدة الاضطرابات الحالية، لاسيما أن الحكومة صنعت دولة بوليسية قمعية، فقبل أن يتم تعيين شخص بالجهاز الأمني لابد أن يبلغ عن خمسة أشخاص من المشتبه بهم في نشر الإرهاب أو دعم جماعات المعارضة، لذا انتشرت شبكات التجسس في المدارس والمؤسسات الدينية والمنظمات الاجتماعية، بحسب الموقع.