المتضررون: المحليات دولة داخل الدولة.. وغارقة في الفساد والرشوة معاناة متجددة ومأساة متواصلة يواجهها المواطنون بالإسكندرية، جراء ظاهرة البناء المخالف وفساد الأحياء التي تهدد حياة الآلاف من أهالي الإسكندرية، أو بفقدان محال إقامتهم؛ بسبب جشع مافيا الثراء السريع على انقاض البسطاء ممن يجدون أنفسهم في الشارع بعد هدم منازلهم وتضررها. ونقلت «البديل» شكاوى عديدة عن السكندريين المتضررين من فساد الأحياء، مما وصل بهم الحال إلى رفع دعاوٍ قضائية ضد رؤساء الأحياء، أملًا في الردع بقوة القانون. بداية قالت المهندسة ليلى محرم، المقيمة في 5 أ شارع محمود صدقي بمنطقة لوران، كات توجد فيلًّا مجاورة لعقارنا واشتراها أحد المقاولين وهدمها، وبناء عمارة مكونة من 22 طابقًا في أقل من ستة أشهر، رغم أن الرخصة الصادرة هي دور أرضي وأربعة أدوار علوية، رغم تعديه على أساس عقارنا، وحررت عدة شكاوٍ؛ نتيجة أن منزلنا، الذي تقطن به 33 أسرة حدث له ميل، وذلك بأوراق رسمية صادرة من لجنة كلية الهندسة جامعة الإسكندرية التي ترصد الميل، وتشققات كبيرة في الشقق، جعلت أصحابها يتركون المنزل خوفًا على أرواحهم. وأضافت: ورغم اللجوء إلى كل الجهات بالإسكندرية بداية من محافظ الإسكندرية الأسبق طارق مهدي، والسابق هاني المسيري، ونائب المحافظ سعاد الخولي، ورئيس حي شرق وقائد المنطقة الشمالية والعسكرية، واللجوء للنيابة الإدارية والرقابة الأدارية، وبعد تلك الشكاوى صدر له قرار إزالة حتى سطح الأرض، لكن فساد حي شرق جعل مقاول الهدم يكسر أجزاءً صغيرة بالدور الأخير، ثم يتركه ليعاد إصلاحه وتكملة البناء. وتابعت: ومع محاولتنا المستميتة لإنقاذ منزلنا والحفاظ على أرواحنا، يعاقبنا رئيس حي شرق الإسكندرية على شكوانا ضده بقرار إزالة لمنزلنا نحن المتضررين، وكأن تدمير حياة 33 أسرة بإلقائهم بالشارع هو العقاب الذي يصدره رئيس الحي كي نكف عن ملاحقة المقاول معدوم الضمير ومهندسي الحي. ويقول إيهاب محمد: أنا شاب سكندري كنت أعمل خارج البلاد وجمعت مبلغ 15 مليون جنيه من أصدقائي المصريين المقيمين بالخارج لشراء قطعة أرض، لنستثمر عليها وإقامة مشروع في بلدنا حتى نستقر داخل مصر، وبالفعل اشتريت قطعة أرض كبيرة 5 آلاف متر، لكن بعد الثورة استولت مافيا الأراضي بالإسكندرية عليها وشيدت 11 عمارة عليها بدون تراخيص. وأضاف: ورغم لجوئي للقضاء الذي أصدر قراراته لشركة الكهرباء والمياه بعدم توصيل المرافق لل11 عقارًا، وبعد كل الجهات التي لجأت إليها حصلت على 252 قرار إزالة، إلَّا أن مافيا الفساد والرشوة داخل حي المنتزه أول، الذي يسمى ب«حي الكويت» كناية على كميه الرشاوى التي يتقاضاها مهندسو وموظفو هذا الحي، حالت بيني وبين تنفيذ القرارت، فماذا أفعل؟؟ قررت أن أترك مصر مرة أخرى للخارج، لكن هذه المرة بلا رجعة. وبالانتقال إلى منطقة سموحة بالتحديد العقار رقم 31 ش كمال الدين صلاح، أكد المحاسب القانوني، إبراهيم جلال، رئيس اتحاد الشاغلين للعقار، أنه تقدم ببلاغ إلى رئيس نيابة سيدي جابر بتاريخ 16 يناير 2016 يتهم كلًّا من رئيس حي شرق والمهندسة رانيا، المسؤولة عن منطقة سموحة بعدم تنفيذ القانون وعدم تنفيذ الأحكام الصادرة بالإزالة بالرشوة للسكوت عن المخالفات. وأضاف أن رئيس الحي والمهندسة متواطئون في عدم تنفيذ القانون والتحايل في إصدار قرارات ووضعها في الأدراج لحماية أنفسهم فقط، وهم المسؤولون عن الفساد والرشوة، حيث يوجد عقار مخالف بجانبنا صدر له قرار إزالة من 15 طابقًا إلى أربع طوابق فقط، وعندما جاءت قوة تنفيذ الإزالة ومقاول الهدم الخاص بالحي، استخدموا معدات ثقيلة وهو "الهدم غير الآمن"، الذيجعل عقارنا المكون من 16 طابقًا ب77 شقة سكنية يتصدع، واتصلنا بالشرطة وشكينا للحي، لكن دون جدوى. وتابع: كما تصدع سور الدور السادس عشر وطوله 40 مترًا وعرضه متران، ومعرض للانهيار والسقوط على المارة والسيارات وتلك كارثة أخرى، ورغم إبلاغ للحي لم يتحرك ساكن، لكن ما حدث أنه بعد إزالة الأدوار المخالفة للعقار المجاور، بدأ المقاول بالبناء مرة أخرى، بعد أن نما إلى علمنا أنه تم دفع رشوة ب5 ملايين جنيه، وهذا العقار يعرض منزلنا للانهيار وتشريد 77 أسرة من أجل المرتشين بحي شرق. وقال ياسر قنطوش، المحامي والناشط الحقوقي بالإسكندرية: المحليات بالإسكندرية دولة داخل الدولة، ويصدر مهندسو الأحياء قرارات إيقاف أعمال وقرارات إزالة، لكن تكون حبيسة أدراجهم حتى يؤمّنوا أنفسهم فقط عندما تحدث أي كوارث انهيار للعقارات المخالفة أو المثول إلى المحكمة في القضايا المرفوعة ضدهم من المواطنين، لدرجة أن أحد الأحياء يسمى بحي الكويت من كثرة المبالغ والرشاوى المدفوعة للمهندسين. وأضاف قنطوش أن الحل إصدار تشريعات جديدة من مجلس النواب وتكون رادعة للحد من ظاهرة البناء المخالف، وسد ثغرات القانون التي يفلت منها المخالفون، بالإضافة إلى التصالح مع العقارات المخالفة وتغرمهم بمبالغ مالية، بعد تشكيل لجان من كلية الهندسة تتأكد من سلامة المبنى والأساسات، أما المباني غير الآمنه تتم إزالتها على الفور. وفي محاولة للتواصل مع المهندس محمد عبد الظاهر، محافظ الإسكندرية؛ لسؤاله عن الإجراءات الحاسمة للحد من الكوارث التي يسببها البناء المخالف، قال مدير مكتبه: استكمالًا للكتب الدورية 1 و2 لسنة 2016، الصادرة عن محافظ الإسكندرية بشأن مواجهة ظاهرة البناء المخالف وهدم الڤيلات والمباني التراثية، أصدر المهندس محمد عبد الظاهر محافظ الإسكندرية قرار رقم 118 لسنة 2016بعدم إصدار تراخيص بناء لقطع الأراضي الواقعة بمناطق الامتداد العمراني الجديد، حتى ولو كانت على شبكات طرق معتمدة ما لم يتم اعتماد المخطط التفصيلي للمنطقة وشبكة الطرق الرئيسة وفقًا لنص المادة 17 من قانون البناء 119 لسنة 2008م. والقرار يتم من خلاله تحقيق امتداد عمراني مدروس ومخطط للمناطق المضافة إلى المدينة طبقًا لاشتراطات تخطيطية وعمرانية لتحقيق مجتمع عمراني جديد ومتميز ومتكامل. كما تم أصدار القرار رقم 119 لسنة 2016م، الذي نص في مادته الأولى على تحديد ارتفاعات المباني في نطاق المحافظة مرة ونصف عرض الشارع وبحد أقصى 36 مترًا، طبقًا لأحكام قانون البناء 119 لسنة 2008م ولائحته، بما لا يتعارض مع اشتراطات هيئة القوات المسلحة وقانون الآثار وقانون الطيران المدني واشتراطات جهاز التنسيق الحضاري وأيًّا من الجهات التي لها اشتراطات خاصة. ونص القرار في مادته الثانية على أن يتم الالتزام بالمناطق ذات القيمة المتميزة والواردة من الجهاز القومي للتنسيق الحضاري والاشتراطات المرفقة بهاعند إصدار أنواع التراخيص كافة. ويعتبر هذا القرار من أهم القرارات التي صدرت لتنظيم العمران بمحافظة الإسكندرية بما يحافظ على السمة العمرانية المتميزة للمدينة، وتعود لها مكانتها بين المدن العالمية، حيث يحدد اشتراطات نسب البناء والارتفاعات المسموح بها والفراغات حول المباني بما يحقق نسق عمراني متميز؛ لكي تعود الإسكندرية كسابق عهدها عروسًا للبحر الأبيض المتوسط.