زيارات دبلوماسية مهمة شهدها هذا الأسبوع بين مصر وعدد من الدول، كان في مقدمتها زيارة وزير الخارجية السوداني إبراهيم الغندور للقاهرة والتي استغرقت يومين؛ لبحث آخر تطورات ملف سد النهضة، فضلًا عن زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري لألمانيا التي أسفر ت عن كثير من المباحثات والجلسات بين الجانبين لتعزيز التعاون، خاصة الأمني. وزير الخارجية السوداني في القاهرة زيارة وصفها كثيرون بالمهمة، لا سيما وأنها تأتي في ظل التوتر القائم بين الإدارة المصرية والإثيوبية والسودانية الخاصة بمفاوضات سد النهضة الإثيوبي، خاصة بعدما رفضت أديس أبابا اقتراحات مصر الأخيرة، بزيادة عدد فتحات السد من اثنتين إلى أربع، والتقى وزير الخارجية السوداني الرئيس عبد الفتاح السيسي ووزير الخارجية سامح شكري خلال الزيارة، ودارت اللقاءات حول تعزيز وتعميق العلاقات بين البلدين، وأكد الوزير السوداني وقوف بلاده إلى جانب مصر، في إطار العلاقات التاريخية والروابط الوثيقة بين الشعبين الشقيقين. هذه الزيارة حاولت بها مصر أن تظهر لإثيوبيا أن القاهرة والخرطوم يد واحدة، في مواجهة الأخطار المحتملة والتأثيرات السلبية الناتجة عن بناء سد النهضة، حيث بعد لقاءات وزراء الخارجية واجتماع السيسي بهم، رجحت تقارير إثيوبية أن مصر تسعى لاستمالة الجانب السوداني في مفاوضات النهضة مع إثيوبيا، وهو ما أعقبه تقارير ومقالات في الصحف المصرية تدعم هذا الأمر، وتشير بوضوح إلى أن مياه النيل تمثل حياة الشعبين في مصر والسودان، ولا بد أن يشعر المفاوض الإثيوبي أن السودان لن يقبل أبدًا الإضرار بمصالح مصر، خاصة فى قضية تخص حياة المصريين، وأن كثرة اللقاءات بين الجانبين تحمل رسائل إلى إثيوبيا مفادها أن العلاقات بين مصر والسودان علاقات أزلية ومصير مشترك. في لقاء مع عدد من الصحفيين والسياسيين خلال زيارة وزير الخارجية السوداني أكد الوزير في تصريحاته أن إثيوبيا لن تنعم بسد النهضة، إذا لم تنعم مصر والسودان به، ويطمئنان أن السد لن يؤثر على مستقبل شعوبهما، وأن الأمن المائي المصري هو أمن السودان، ووصفه بأنه خط أحمر، والسودان القوي سند لمصر القوية أيضًا. هذا التصريح كان واضحًا أنه موجه لنفي الاتهامات التي لاحقت السودان من قبلُ في الإعلام المصري، بأنها تتحالف مع إثيوبيا لبناء سد النهضة، دون النظر إلى تحفظات القاهرة من تأثيراته السلبية على مصر، وأكد الوزير أن السودان ليس محايدًا ولا منحازًا في مفاوضات النهضة، ولكنه أضاف أن انهيار السد غير وارد، مشيرًا إلى أن السودان مطمئن لسلامته، لأن الشركة المكلفة ببنائه هي شركة عالمية. زيارة وزير الخارجية المصري لألمانيا توجه وزير الخارجية المصري، إلى ألمانيا في زيارة استغرقت 4 أيام، وبحسب المتحدث باسم الوزارة فإن مباحثات شكري مع المسؤولين الألمان عن سبل دفع العلاقات المصرية الألمانية، وتنميتها في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية، حيث يتطلع البلدان إلي زيادة حجم التبادل التجاري ليتجاوز قيمة ال 4.4 مليار يورو التي تحققت في عام 2015. بدأت مباحثات شكري في ألمانيا بلقاء "كريستوف هويسجن" مستشار الأمن القومي الألماني، وتطرقت إلى جوانب عديدة من العلاقات المصرية – الألمانية وإجراءات تعزيزها وتطويرها خلال المرحلة القادمة، بالإضافة إلى تبادل الرؤى والتقييم بشأن الأوضاع الإقليمية، وتناولت المحادثات بشكل تفصيلى تطورات الأوضاع فى سوريا وليبيا والتوتر فى العلاقات السعودية- الإيرانية وسبل احتوائها في ضوء محورية دور مصر في المنطقة. وطغى التعاون الأمنى بين مصر وألمانيا على مباحثات شكري مع المسؤولين الأمنيين في برلين خلال زيارته، واعتبر مساعد وزير الخارجية السابق السفير رخا أحمد حسن، أن زيارة وزير الخارجية سامح شكري إلى ألمانيا «مخابراتية» في المقام الأول. وقال رخا إن هناك تعاونًا استخباراتيًّا بين مصر وألمانيا لسببين أولهما: رغبة برلين في القضاء على الإرهاب بالقاهرة لحماية استثماراتها والتي تبلغ 11 مليار يورو، وفقًا للعقد الموقع بين البلدين في مجال الكهرباء، مشيرًا إلى أن السبب الثاني يتمثل في رغبة ألمانيا بالتعاون مع الدول الصديقة، للتصدي للهجرة غير الشرعية والتي ينتهزها البعض لإدخال العناصر المتطرفة إلى أراضيها. واتفقت مصر وألمانيا خلال زيارة شكري على عودة لجنة تيسير العلاقات المشتركة بين البلدين التي توقفت أعمالها منذ ثورة 30 يونيو، وأعلن فرانك شتاينماير وزير الخارجية الألماني عن اتفاقه مع نظيره سامح شكري على إعادة تفعيل اللجنة المشتركة لتحقيق الانطلاقة من جديد في العلاقات بين البلدين. وفي السياق ذاته تعمل مصر وألمانيا حاليًّا على تقنين أوضاع المؤسسات الألمانية في مصر، والتي سبق وتم إغلاق بعضها بعد حكم قضائي عام 2013؛ لاتهامها بالعمل لصالح منظمات غير حكومية غير مرخصة، كمؤسسة كونراد أديناور، وذلك من خلال وضعها ضمن بروتوكول خاص يلحق باتفاق التعاون الثقافي بين البلدين، يتضمن نطاق عمل هذه المؤسسات وإجراءات متابعة أنشطتها، بما يضمن سلاسة عملها في مصر، وبحسب إحدى الصحف الألمانية أكد وزير الخارجية الألماني أن هذه المؤسسات يجب أن تعود للعمل مرة أخرى وفقًا لأسس ثابتة، مطالبًا بضرورة إنهاء العقبات التي تولدت في الماضي.