تباينت آراء القيادات العمالية في مختلف المحافظات حول موقفهم من المشاركة في 25 يناير المقبل لإحياء ذكرى الثورة، وأجمعوا على أن مطالبهم لا تزال حبيسة الأدراج، وأن وضعهم الاجتماعي والقانوني يسير إلى الأسوء، بعدما أصرت الدولة على قانون العمل الجديد، وقانون الخدمة المدنية، ورفض الاعتراف بالنقابات المستقلة، وتجريم الإضرابات، وترك الممارسات التعسفية من المستثمرين تجاه العمال، ما دفعهم إلى التلويح بأن ثورتهم قادمة لا محال، لكن بعضهم رفض أن تعرض مطالبهم خلال الاحتفال بذكرى 25 يناير، معتبرين أن الثورة أهدافها سياسية ولا يجوز خلط الأوراق ببعضها، وأن مطالبهم تحتاج إلى وقفة خاصة مع الدولة لضمان تحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية. عمال دمياط: نحتاج فتح أسواق جديدة والحماية من جشع المستوردين يقول عماد محمد، مؤسس ائتلاف عمال الموبيليا بدمياط: «ساءت أحوال العمال المعيشية مؤخرًا في دمياط، خصوصًا في مجال صناعة الأثاث، مهنة أغلب شباب دمياط التى تستوعب عددا كبيرا من العمال، لكن ارتفاع أسعار الخامات وتردى الأحوال المعيشية وإغلاق المئات من الورش، أدى لخلق حالة من الاستياء الشديد». وأضاف محمد: «المواطن الدمياطي يرى البطالة تزيد يوما بعد آخر، وإغلاق الورش مستمر، وإهمال الدولة لمشاكلنا وتهميشنا، ونحن كصناع موبيليا بدمياط لا نرى أن حل الأزمة فى مدينة الأثاث الجديدة، لكن طالبنا بفتح أسواق جديدة لمنتجاتنا ودعمنا في تسويقها، وإيجاد حلول جذرية لجشع المستوردين والتجار فى الخامات، دون جدوى، وتخلت الغرفة التجارية عن دورها تماما فى احتواء الصانع الصغير، وسيطر عليها كبار تجار دمياط، لذلك أتوقع مشاركة الكثير في ذكرى ثورة يناير». محمد . ع، عضو نقابة عمال مصنع الغزل والنسيج، يقول: «لنا مطالب من الحكومة والبرلمان المنتخب، تتلخص فى رفع الأجور، بما يتناسب مع الزيادة المستمرة في الأسعار وتراجع قيمة الجنيه المصري، ومطالبة البرلمان بإقرار قانون موحد للأجور في الدولة كباقي دول العالم؛ لأنه لم يعد من المنطقي تقاضي عامل عشرة آلاف جنيهًا وآخر مازال راتبه لم يتجاوز ألف جنيه وربما يحملان نفس المؤهل». عمال الغربية: حقوقنا مهدرة.. ونؤجل احتفالنا ب25 يناير تجنبًا للفتنة ورأى القيادي العمالي محمد أحمد سالم، رئيس الاتحاد الإقليمي لنقابات الدلتا، أن 25 يناير المقبل، ذكرى ثورة مجيدة، لكن يتم تأجيل الاحتفال بها لحين استقرار الحالة الأمنية، وتفويت الفرصة على العناصر المناوئة للدولة من الاستفادة من تحركات العمال في هذا اليوم، مضيفا: «لا أعتقد مشاركة أي قطاع عمالي في احتجاجات 25 يناير، ولم نشاهد أى بوادر للنزول حتى الآن». وعن مطالب النقابات العمالية من الدولة والبرلمان، طالب سالم بإصدار قانون لتنظيم العمل النقابي في مصر؛ ليتمكنوا من إجراء الانتخابات النقابية على أساسه، بشرط يكون متوافق مع نصوص الدستور والاتفاقيات الدولية والمعاهدات الملتزمة بها مصر، وأهمها حق العمال في تأسيس نقابات تعبر عنهم وبإرادتهم الحرة. ودعا القيادي العمالي الدولة إلى تجنب التدخل في الشأن النقابي، وتركه للعمال أنفسهم، موضحا أن عام 2015 شهد العديد من التجاوزات، أبرزها ما يتعلق بقانون 18 الخاص بالخدمة المدنية، الذى أصرت الحكومة على إصداره دون إجراء أي حوار مجتمعى، ما تسبب في حالة من عدم الاستقرار وعودة الاحتجاجات مرة أخرى، مطالبًا الحكومة بإصدار قانون التأمين الصحى الشامل الجاري إعداده حاليا، وإجراء حوار مجتمعي حقيقي بشأنه. ومن جانبه، طالب القيادى أحمد نوح، رئيس نقابة العاملين بمشروع مواقف الغربية، بتفعيل الدور النقابي لخدمة الأعضاء اجتماعيًا وثقافيًا وفكريًا، بما يخدم مصالحهم، خاصة أن العمل النقابي تطوعي وخدمي، يقدم جميع الخدمات والمساعدات للأعضاء والعمل على توعية العمال مهنيا، كما طالب بسرعة تعديل قانون العمل الموحد رقم 12 لسنة 2003 وقانون الخدمة المدنية رقم 18 وقانون الحريات النقابية، ورفع يد الدولة والجهات الأمنية عن النقابات. وتابع: «أعتقد أن دعوات الخروج في 25 يناير ستقابل بالرفض، كما سمعت من معظم العمال وعامة الناس؛ بسبب تأثير الإعلام والفضائيات على المواطنين بالهجوم على من يدعون لذلك، بجانب شعور المواطن بإحكام قبضة الجهات الأمنية بخصوص هذا الشأن، ما ولد رهبة وخوف لدى معظم المواطنين من المشاركة، وأفضل عدم الخروج أو الاستجابة لهذه الدعوة، خاصة فى الوقت الحالي؛ لأننا فى حالة حرب خارجية وداخلية، لكن لى مطلب لدى رئيس الجمهورية بإعادة النظر فيمن حوله من مستشارين، وإعادة النظر فى تشكيل حكوماتنا العقيمة التى تسيء إليه وإلى مصر بشكل عام». وحذر محمد عبد المجيد هندي، رئيس الاتحاد المصرى للعمال والفلاحين، الدولة من استمرار إهدار حقوق الطبقة العاملة، مؤكدا أن الوضع العمالي في مصر مأساوي، ومازال محلك سر، والحكومة في وادٍ والطبقة العاملة في واد آخر، ولم يعد مقبولا بعد ثورتين استمرار تطبيق قانون العمل الموحد رقم 12 لسنة 2003؛ لأنه جائر على حقوق العمال، ويجب تشريع قانون عمل عادل يراعى حق العامل. ودعا عبد العزيز الحسنين، القيادى العمالى بغزل المحلة، إلى إقامة مؤتمر لإنقاذ صناعة الغزل والنسيج، يضم كل المهتمين بالصناعة وحقوق العمال حتى ننقذ الصناعة ويسترد العمال حقوقهم المشروعة؛ لأن عمال الغزل والنسيج تتلخص مأساتهم في أنهم يحصلون على أقل مرتبات على مستوى كل القطاعات الأخرى، فالأمن الصناعي منعدم، وأمراض المهنة متوافرة، خاصة مرض السل وحساسية الصدر، إضافة إلى عدم تطبيق الحد الأدنى للأجور عليهم، رغم مرور خمس سنوات من الثورة، مؤكدا أن العمال الذين يقدروا ب26 مليون، بلا ممثلين حقيقيين لهم في البرلمان؛ نظرا لإلغاء 50% نسبة عمال وفلاحين، والخمس سنوات الماضية لم تكن كافية لازدياد وعي العمال بحقوقهم. قيادات بني سويف: القوانين لا تحمي العمال.. ونقدم فريسة للمستثمرين قال محمد إبراهيم عويس، أحد القيادات العمالية ببنى سويف، إن عمال مصر يستقبلون 25 يناير المقبل بأسى وإحساس بضياع الآمال؛ بعدما لمسوه طوال السنوات الأربع الماضية من توحش مجتمع رجال الأعمال وكبار المستثمرين، وتجاوزهم لكل الحدود فى محاصرة آمال ومطالب وحقوق العمال المصريين، سواء في قطاع الأعمال العام أو في القطاع الخاص أو فى مشروعات الاستثمار الأجنبى والمحلى، وعدم الاستجابة للمطالب العمالية فى مرتبات وأرباح تناسب جهودهم، فيما تركت الحكومة العمال فريسة لرجال الأعمال، وتقاعست عن حمايتهم من التهديدات المستمرة لأصحاب الأعمال لهم بالفصل، وفى ظل قانون عمل جائر لا يضمن حقوقا محددة أو حماية قانونية فى مواجهة صاحب العمل، فضلا عن قانون يجرم الإضراب والتظاهر بشكل غير مسبوق. وطالب عويس بضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية، وتفعيل الحد الأدنى للأجور والضمانات ضد الفصل التعسفي، وحماية حركتهم في مواجهة أصحاب الأعمال، وإصدار قانون عمل جديد يؤمن لهم حماية قانونية وتشريعية، وحركة عمالية مستقلة وحرة، وعلاقات عمل وتفاوض متكافئة مع أصحاب الأعمال وقيادات قطاع الأعمال العام والقطاع الخاص، وعلاقات إنتاج آمنة ومتوازنة، وتمثيل عمالي مناسب فى إدارة مواقع عملهم، وإعمال القوانين الدولية بشأن ديمقراطية الحركة العمالية كمثل كل دول العالم المتحضر. وأشار أحمد الشريف، عضو المجلس القومى للعمال والفلاحين، إلى الأحوال المتدنية والأوضاع السيئة للعمال والفلاحين والوضع المأساوي؛ نتيجة إهمال الحكومات المتعاقبة لهم، مطالبًا بإصدار قانون عادل لحماية العمال والفلاحين، وتأسيس صندوق قومي لدعمهم، وسن قوانين تحافظ وتهتم وتدعم النقابات المستقلة التى تتفاعل مباشرة معهم وتهتم بشؤونهم. عمال البحيرة: 25 يناير حدث سياسي لا يمثل قضيتنا قال شوقى سليمان، عضو اللجنة النقابية بشركة غزل كفر الدوار، إنه لا يوجد مبرر للمشاركة فى احتجاجات 25 يناير؛ لأن وراؤها أغراض سياسية، وليست لصالح العمال، رغم أن العمال يطالبون بتحسين أوضاعهم. وأوضح سليمان أن شركة غزل كفر الدوار، لم يتم تحديثها منذ 30 سنة؛ بسبب تجاهل الحكومات المتعاقبة، حتى بلغت خسائرها 6 مليارات جنيه حتى الآن، وتراجع أعداد العمال من 32 ألفا إلى 7800عاملًا فقط. وأكد عضو اللجنة النقابية، أن خسائر الشركة في 2015 قدرت ب480 مليون جنيه، ووصلت ديون الكهرباء فقط 300 مليون جنيه، وأن العجز الشهري فى مرتبات العاملين يصل إلى 14 مليون جنيه، مطالبًا بضرورة تحديث آلات المصنع، وتوفير مستلزمات الإنتاج لاستعادة دور المصنع التاريخي فى دعم الاقتصاد الوطني.