انقسم العالم الإسلامي إلى طوائف متناحرة، واشتعل الصراع مؤخرًا، ليسقط آلاف الضحايا من المسلمين، تلك المؤامرة التي خططت لها الدول الغربية بالتعاون مع إسرائيل لتفتيت الدول العربية والإسلامية، بل ومنطقة الشرق الأوسط بالكامل، لتستطيع بذلك فرض أجندتها التي تسعى من خلالها إلى رسم خريطة سياسية جديدة تمحي بموجبها بعض الدول التي تمثل شوكة في حلقها من العالم نهائيًا. مَن الذي أشعل الصراع؟ اشتعل الصراع الطائفي المذهبي وتأجج منذ أن بدأ الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003، وامتد من العراق إلى البحرين ثم إلى سوريا ليصل إلى اليمن، ويمر في طريقه على بعض الدول الأخرى لكن مصر لم تسمح بتغلغل هذا الصراع في كيانها. تعمق وتشعب هذا الصراع في عام 2006 حينما طُرحت فكرة ما يسمى الشرق الأوسط الجديد الذي تم بتخطيط صهيوأمريكى، في محاولة لإشغال العالم الإسلامي عن الصراع "العربي الإسرائيلي" بصراع جديد "سُني شيعي" يوقظ وحش الطائفية النائم فى المنطقة، ويتغذى على الدعاوى الطائفية، لتبدأ باقي الدول في الاصطفاف وتنقسم حسب مصالحها وأيدلوجيتها لتتكون تحالفات إسلامية مضادة لبعضها، وتتشتت دول أخرى غير قادرة على تحديد موقفها. إسرائيل لم تقف ساكنة، بل كانت عضوا فعالا ونشطا في هذه الحرب التي تضرب بشظاياها كافة الدول العربية الآن، وإن بحثنا عن الدور الصهيوني في هذه الحرب سنجده جليًا في مؤتمر هرتسليا، الذي يُعقد سنويًا في المركز المتعدد المجالات بالمدينة الواقعة شمال تل أبيب، والذي يُعد أحد أهم المنابر في رسم وتوجيه السياسات المستقبلية للكيان الصهيوني وتحديد الخطوط العريضة للحكومة الصهيونية، إذ يُشارك في أعماله أقطاب تل أبيب من المستويين السياسي والأمني إضافة إلى الخبراء الإسرائيليين والمتخصصين في الصراع بالشرق الأوسط من جميع أنحاء العالم. في الدورة الثالثة عشر من مؤتمر "هرتسليا"، والتي اختتمت أعمالها في نهاية شهر مارس عام 2013، أصدر المجتمعون توصيات تضمنت "تأجيج الصراع السُني- الشيعي في منطقة الشرق الأوسط من أجل تحقيق أمن إسرائيل"، حيث انتهى المؤتمر الصهيوني الاستراتيجي إلى أن من الضروري تكريس الصراع الطائفي من خلال السعي إلى تشكيل محور سُني من دول المنطقة يقوم أساسًا على دول الخليج ومصر وتركيا والأردن، وذهب مؤتمر هرتسليا إلى القول بأن هذا المحور سيكون حليفاً لإسرائيل والولايات المتحدة، في مقابل المحور المعُادي الذي وصفته إسرائيل ب"محور الشر"، والذي تقوده إيران. مصر تنأى بنفسها.. والسعودية تبادر بالتنفيذ هكذا يكون المؤتمر الاستراتيجي في هرتسليا رسم خريطة الشرق الأوسط، لكن التخطيط يحتاج إلى منفذ محترف واشتعال منطقي للموقف، وهنا كانت مصر من أول الدول المستهدفة، عندما تم قتل "حسن شحاته" في يونيو 2013 بمنطقة أبو النمرس بالجيزة، لكن السلطات المصرية استطاعت أن تطفيء نار الفرقة والاقتتال الذي كانت تحاول أطراف معادية إشعاله. السعودية لم تستطع أن تسير في درب الحكمة والتعقل بل حالفها التعنت والكبرياء، الذي ألقى بالمنطقة بأكملها في فخ الفتنة الذي حفرته إسرائيل بمساعدة أمريكا ودول غربية أخرى، فقرار المملكة إعدام الشيخ نمر باقر النمر وما ترتب عليه من قطع العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، كان بمثابة النموذج الأمثل لتنفيذ المخطط الصهيوأمريكي. انسجامًا مع موقف الرياض، أعلنت الخارجية السودانية قطع علاقاتها الدبلوماسية فورًا مع إيران، فيما أعلنت الإمارات العربية المتحدة خفض التمثيل الدبلوماسي مع إيران، لتأتي البحرين وتعلن بدورها قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران أيضًا، وطلبت من جميع أعضاء البعثة الإيرانية في المنامة مغادرة المملكة خلال 48 ساعة، كما قررت إغلاق بعثتها الدبلوماسية في طهران وسحب جميع أعضائها. ماذا عن التحالف الإسلامي؟ بناء على طلب الرياض، يعقد وزراء الخارجية العرب اجتماعًا طارئًا الأحد المقبل في القاهرة، وتوقع الخبراء أن يناقش هذا الاجتماع سبل تشكيل قوة إسلامية سُنية تكون السعودية على رأسها في مواجهة إيران واتخاذ قرار جماعى تجاه النظام الإيرانى، وبالحديث عن هذه القوة يبرز التحالف الإسلامي الذي أعلنت السعودية عنه مؤخرًا ويضم 34 دولة، فيبدو أن هدف هذا التحالف سينتقل من مكافحة الإرهاب كأولوية له وفق ما أعلنت السعودية، ليكون هدفه الأول مواجهة إيران ونفوذها في المنطقة. دور مصر الأزمة الدبلوماسية بين السعودية وإيران شهدت صمت مطبق من الجانب المصري استمر لأيام، لكن عقب اندلاع موجة قطع العلاقات الدبلوماسية بين الرياضوطهران، كان من الضروري أن تخرج الخارجية المصرية عن صمتها وتعلن موقفها بوضوح على الرغم من العلم المسبق به، الذي ينطوي على تقارب موقف القاهرة مع الدول الخليجية أكثر من إيران، حيث أكد وزير الخارجية سامح شكرى، على العلاقة التاريخية والراسخة بين مصر والمملكة العربية السعودية على المستويين الحكومى والشعبي، وأضاف "نحن اتخذنا قرارًا بقطع العلاقات مع إيران منذ 27 عامًا نظرًا للأوضاع فى ذلك الوقت، ونرى فى هذا التدخل بالشأن الداخلى للمملكة أمرًا مرفوضًا، ولا تقره أي من القوانين والأعراف الدولية". في ذات السياق توقع موقع "ديبكا" الإسرائيلي القريب من الدوائر الاستخباراتية، أن يتم تشكيل تحالف سُني يضم السعودية وتركيا ومصر بجانب إسرائيل لمواجهة حزب الله وإيرانوالعراقوسوريا، وجاءت هذه التوقعات استنادًا لعدة مؤشرات بينها تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التي قال فيها إن تركيا تحتاج إلى إسرائيل كما الأخيرة تحتاج إليها.