جاء إعلان إثيوبيا تحويل مجرى النيل الأزرق، لتمر مياهه لأول مرة عبر فتحات سد النهضة «أمرا طبيعيا» للحكومة المصرية، وصدمة للرأي العام، واعتبرها خبراء استفزازية، وخطيرة. يقول الدكتور هيثم ممدوح، رئيس قسم هندسة الري والهيروليكا بجامعة الإسكندرية، إن المسؤولين في مصر على علم مسبق بميعاد عودة مجرى النيل إلى مساره الطبيعي؛ استعداد لتخزين المياه، بعد انتهاء شهور الفيضان لعدم وجود رواسب. وعلميًا، لن يتم ملء خزان السد إلا عندما يصل منسوب قاعه إلى 590 مترا، وقتها يمكن تخزين 14 مليار متر مكعب مياه، ويستمر تخزينهم حتى شهر يونيو المقبل، ما تعد خسارة فعلية لمصر، بحسب ممدوح، مضيفا: «عندما يصل المنسوب إلى 640 مترا، سيتم تخزين 64 مليار متر مكعب، وعندما يصل المنسوب إلى 645 مترا، سيتم تخزين ال10 مليارات متر مكعب المتبقية، التي تتم كل عشرة أعوام فقط، لتصبح السعة الإجمالية للخزان 74 مليار متر مكعب، كما أعلنت إثيوبيا من قبل». وأوضح رئيس قسم هندسة الري والهيدروليك، أن الخطر الفعلي يكمن في استغلال المياه المنصرفة من سد النهضة بعد توليد الكهرباء في التوسع الزراعي بالسودان، خاصة أن الأخيرة أجرت تعلية لسد «روصيرص»، لتصبح سعته التخزينية 10 مليارات متر مكعب، بدلا من 7، ليضمن تدفق المياه في النيل الأزرق بمعدل 30 مليون متر مكعب، بالإضافة إلى تشغيلها سدي «أعالي عطبرة وستيت»، لافتا إلى عدم المساس بحصة مصر من المياه، فبدلا من وصولها خلال شهري الفيضان فقط، سيتم تدفقها خلال عشرة أشهر؛ لأن إثيوبيا لن تستطيع تخزين المياه؛ لإقامة سدها في منطقة منخفضة بأراضيها، وليس لديها بديلا سوى صرف المياه بعد توليد الطاقة الكهربائية. ومن جانبه، قال الدكتور مغاوري شحاتة، الخبير المائي، إن إثيوبيا بصدد تشغيل 4 توربيدات من أصل 15، ما يؤكد بشكل قاطع أنها ستبدأ في عملية تخزين المياه، قبل انتهاء عمل المكاتب الاستشارية، ودون موافقة الدول الثلاث المعنية بسد النهضة، ما يعد أمرا استفزازيا، مطالبا بتغيير لهجة المفاوضات المتبعة حاليا، من مرحلة إثبات حسن النية، إلى شيء مقابل آخر، أي تنمية إثيوبيا مقابل المياه. وأضاف شحاتة أن إثيوبيا شغلتنا بالفرع لنترك الأصل، فاتفاقية عنتيبي تعد أساس المشكلة؛ بعدما رفضت دول المصب «مصر والسودان» التوقيع عليها؛ لرفض باقي دول حوض النيل تغيير الثلاث نقاط الخلافية العالقة «الإخطار المسبق، والتصويت بالجماع وليس بالأغلبية، والاعتراف بالحقوق التاريخية المكتسبة للمياه»، مطالبا بوقف بناء سد النهضة عند هذه المرحلة، وأن تلتزم مصر بإقامة محطات لتوليد الكهرباء لتغطية احتياجاتهم الفعلية من الطاقة اللازمة لحدوث التنمية.