(1) أسطورة سيد القرود: تقول القصة الصينية من القرن الرابع عشر للمؤلف "ليو جي".. كان رجل عجوز يعيش في ولاية تشو الإقطاعية في الصين، وقد استطاع هذا الرجل البقاء على قيد الحياة من خلال احتفاظه بقرود لخدمته. وكان أهالي تشو يسمونه "جو غونغ" أي سيد القرود. كان هذا الرجل العجوز يجمع القردة كل صباح في ساحته ويأمر أكبرها أن يقودها إلى الجبال لجمع الفاكهة من الأجمة والأشجار، وكان سيد القرود يفرض على قردته قاعدة.. وهي أن يقدم كل قرد منهم عشر ما جمع إليه، وكان يعاقب كل قرد يتخلف عن ذلك بجلده دون رحمه، كانت معاناة القرود عظيمة، ولكنها لم تجرؤ على الشكوى.. وفي يوم من الأيام سأل قرد صغير القرود الآخرين قائلًا: هل زرع الرجل الهرم جميع أشجار الفاكهة والأجمة؟ فأجابوه: لا، إنها تنمو لوحدها!، ثم تسائل القرد الصغير فقال: ألا نستطيع أن نأخذ الفاكهة دون إذن العجوز؟ فأجابوه: "نعم نستطيع". فقال القرد الصغير: لماذا إذا نعتمد على الرجل العجوز؟ لماذا علينا أن نخدمه.!؟ فهمت القردة جميعها ما كان يرنو إليه القرد الصغير، حتى قبل أن ينهي جملته، وفي نفس الليلة وعند ذهاب الرجل إلى فراش النوم، حيث ذهب في سبات عميق، قامت القردة بتمزيق قضبان أقفاصها جميعها، كما أنها إستولت على الفاكهة التي كان العجوز قد خزنها وأخذتها إلى الغابة، لم تعد القردة إلى العجوز بعد ذلك أبدا.. وفي النهاية مات العجوز جوعًا. (2) من كلمة عبد الفتاح السيسى بمناسبة احتفال الدولة بالمولد النبوي الشريف : "شدد على أهمية التسامح، ونوه إلى أهمية الحرية، وأشار إلى أن الدولة المصرية تطبق قيم الإسلام السمحة فى كافة تعاملاتها، حيث تدعو دائمًا للبناء والتعمير والتعاون، وتنبذ "العنف" والتدمير والتآمر.. كما أكد على قيمة الحرية الواعية المسئولة، وتناول أسس التعايش "السلمي" التى أرساها الإسلام والتى نحتاجها فى المرحلة الراهنة أكثر من أي وقت مضى. وتحدث على أهمية وحدة الصف في مواجهة جميع التحديات للحفاظ على الشعب المصري من تداعيات الفرقة والعنف اللذين يعاني منهما العديد من الشعوب. كما أكد على احترامه لإرادة الشعب المصري الذي اختاره لتولي المسئولية، مشددًا على أنه لن يستمر في منصبه إذا كان ذلك ضد إرادة الشعب الذي يحرص على التواصل معه لتفسير جميع القضايا والموضوعات في إطار من الوضوح والشفافية". كان من الممكن أن أصدق كلمات عبد الفتاح السيسى وهو يتحدث عن أهمية التسامح، لو لم أرى أبواقه الإعلامية وهى تمارس التشدد والوقيعة بين أبناء الشعب المصرى، ولكن يبدو أنه يتحدث عن عالم آخر غير الذى نعيش فيه، حيث هذه البقعة البائسة من العالم الواقعة تحت حكمه بقوة السلاح، يمارس فيها كل أشكال وأنواع التنكيل ولا توجد حرية فى عهده سوى حرية القتل والإعتقال، وأن التعايش السلمى الذى أكد عليه ما هو إلا تعايش بين طبقات معينة صغيرة للغاية، لها إمتيازات خاصة جدًا وتتحكم فى مصير شعب بأكمله، ولم أرى هذا التعايش السلمى وأبناء سيناء يمارس ضدهم الإضطهاد والتعنت، والتهجير والإختفاء القسرى. (3) هل من الممكن أن يتخلى الديكتاتور عن الُحكم ؟ هل يعقل أن يتخلى أى ديكتاتور عن الأدوات التى تعطيه القدرة على الهيمنة، مثل: السلطة والقوة والسيطرة على قطاع عريض من الشعب وإعادة تشكيله من خلال وسائل الإعلام؟ هل من الممكن أن يعطى الحاكم المستبد مساحة تمدد واسعة لقوى المعارضة المطالبة بالتغيير، لكى تُعري سوءات حُكمه، وتطالب بحكم ديمقراطى بل ومحاسبته على الجرائم التى إرتكبها بحق عشرات الآلاف من الناس ؟ يقينًا لا.. فالمستبد لا يعطي وعودًا براقة عن الحرية، وأحاديث متفائلة عن العدالة والديمقراطية؛ إلا لخداع خصومه من الحالمين بالديمقراطية، ليس هذا فحسب، بل لا يعطى الديكتاتور أية وعود إصلاحية سواء سياسية أو اقتصادية، إلا إذا كان عليه ضغوطات داخلية وخارجية. وعند زوال هذه الضغوطات تجده يمارس قمعًا وعنفًا أكثر وحشية من ذي قبل. وأن الحديث عن التعايش السلمي أو اتحاد وتكاتف قوى المعارضة "الوطنية" خلفه تعنى الخضوع والخنوع لإرادته، والتعايش بمفهومه لا يعنى سوى أن يتعايش المعارضون الحقيقيون فى السجون أو القبور.m حكم الطغيان يعنى حكم الشخص الواحد، الذى يسود فيه الظلم المطلق، ولا يستحي الحاكم فيه من شيء. يتكلم عن العدل ويمارس الظلم، يتشدق بالديمقراطية ويمارس الديكتاتورية، يتحدث عن وحدة الصف وإتحاد شعبه ويتفنن في تمزيق كل روابط الوحدة والتعايش والإخاء.. يتغنى باحترام إرادة شعبه وهو أول من انتهك إرادته، قمع كل صوت معارض له وزج به في السجون، مارس الاستبداد وأطلق يد الأمن الغليظة للبطش بكل من يحاول التغيير، وحول الدولة إلى سلطة الفرد المطلق المتربع على العرش بقوة السلاح.