«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في رسالة للشعب المصري وشعوب العالم

أكدت جماعة الإخوان المسلمين على أن ثورة جموع الشعب المصري المؤيدين للشرعية والرافضين للانقلاب العسكري هي ثورة سلمية، وستبقى سلمية، فسلميتنا سر قوتنا وسلميتنا أقوى من رصاص الغدر الانقلابي.
وشددت الجماعة في رسالة وجهتها إلى الشعب المصري وشعوب العالم الحر لها قبل ساعت من انطلاق قعاليات مليونية "الوفاء لدماء الشهداء"، شددت على أنه مهما حاول الانقلابيون جرَّنا إلى دائرة العنف فلن ننجر أبدا بإذن الله واختيارنا للسلمية ليس تكتيكا ولا مناورة، بل اختيار أساسي مبني على فقه شرعي، ووعي واقعي، وقراءة صحيحة للتاريخ ولتجارب الأمم والشعوب.
وجاء نص البيان كالتالي : " الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد؛
فلا يجادل أحد من العقلاء والمنصفين في أن ما قام به الانقلابيون بالتعاون مع قادة الشرطة والخارجين على القانون من البلطجية من مجازر بشعة تجاه إخوانهم المصريين الرافضين للانقلاب والمتمسكين بالشرعية والمصرِّين على سلمية التعبير عن رفضهم؛ هو أمر فاق كل التصورات والتوقعات، فلم يعرف التاريخ المصري القديم أو الحديث استغلالا لقوة الجيش المصري في مواجهة أبناء شعبه بهذه القسوة والغلظة والفظاظة على الإطلاق، حتى حصد من الشهداء السلميين منهم في بضع ساعات ما لم يقتله من الأعداء الصهاينة في عدة حروب، ليخلفوا في كل شارع من قرى وأحياء مصر شهيدا أو مصابا أو معتقلا أو مطاردا، فضلا عن إطلاق يد البلطجية في الاعتداء على المنازل والمحلات والممتلكات، بل على المواطنين الذين يتصورون أنهم يرفضون هذا الانقلاب الدموي الفاشي.
كل هذه الممارسات الفجَّة التي لا يعرف المصريون لها سابقة في تاريخهم ألقت بظلال كثيفة على العلاقات الإنسانية بين أبناء الشعب المصري، والأخطر من ذلك أنها يُخشى أن تؤثر على طريقة تفكير بعض الشباب الذين فاجأتهم هذه الروح الوحشية الانتقامية التي لم يتصوروا أنها يمكن أن تكون من مصري ضد مصري مهما بلغ الاختلاف في الرأي أو المذهب، خصوصا بعد ثورة عظيمة استرد فيها الشعب حريته، واختار فيها لأول مرة في تاريخه بإرادته الحرة حاكمَه الذي يريد، فقام الانقلابيون باغتصاب إرادته وإلغاء اختياره وتقييد حريته.
ثورتنا سلمية:
لهذا كان من الضروري أن نذكِّر الثائرين الأحرار المتصدِّين لهذا الانقلاب الغاشم بالأصل الأصيل والركن الركين الذي تقوم عليه حركتنا الشعبية المباركة في استعادة الثورة ومناهضة الانقلاب، وهو السلمية، فثورتنا سلمية، وستبقى سلمية، وسلميتنا سر قوتنا، وسلميتنا أقوى من رصاص الغدر الانقلابي، ومهما حاول الانقلابيون جرَّنا إلى دائرة العنف فلن ننجر أبدا بإذن الله، وسيظل شعارنا قول الله تعالى : (لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ) (المائدة: 28-29).
واختيارنا للسلمية ليس تكتيكا ولا مناورة، بل اختيار أساسي مبني على فقه شرعي، ووعي واقعي، وقراءة صحيحة للتاريخ ولتجارب الأمم والشعوب.
فمن الناحية الشرعية:
فالدماء في المجتمع المسلم لها حرمة عظيمة جدا لا يجوز الاعتداء عليها بأي حال أيا كان دين الشخص، وليس للأفراد ولا للجماعات أو الهيئات في الدولة والمجتمع المسلم أن تنصب نفسها قضاة يحكمون على هذا أو ذاك بالقتل، وحتى لو عُرف شخص بذاته أنه قتل المعتصمين فلا يصح لأحد من الناس قتله، بل يجب رفعه للقضاء، فإذا أثبت القضاء إدانته وقضى بإعدامه بعد تحقيق سليم قامت الجهات التنفيذية في الدولة بالتنفيذ، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «إنَّ دماءَكم وأموالَكم حرامٌ عليكم كحرمةِ يومِكم هذا في بلدِكم هذا في شهرِكم هذا، وستَلْقَوْن ربَّكم فيسألكم عن أعمالكم، فلا ترجعوا بعدي كفاراً أو ضُلَّالاً يضرب يعضكم رقاب بعض، ألَا لِيُبَلِّغ الشاهدُ الغائب» (أخرجه الشيخان)، وقال صلى الله عليه وسلم: «قتلُ المؤمن أعظمُ عند الله من زوال الدنيا» (أخرجه النسائي).
كما أن الوقوع في هذه الجريمة المنكرة سيفضي لا محالة إلى الوقوع في فتنة عظيمة، تُغْرِق الناسَ في دائرة القتل المتبادل بغير حق، وكل ما أدَّى إلى فسادٍ ومحرَّمٍ فهو محرَّمٌ، وهو ما حذَّر منه النبي صلى الله عليه وسلم، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُنَا أَنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ الْهَرْجَ. قِيلَ: وَمَا الْهَرْجُ؟ قَال: «الْكَذِبُ وَالْقَتْلُ». قَالُوا: أَكْثَرَ مِمَّا نَقْتُلُ الْآنَ؟ قَالَ: «إِنَّهُ لَيْسَ بِقَتْلِكُمْ الْكُفَّارَ، وَلَكِنَّهُ قَتْلُ بَعْضِكُمْ بَعْضًا، حَتَّى يَقْتُلَ الرَّجُلُ جَارَهُ، وَيَقْتُلَ أَخَاهُ، وَيَقْتُلَ عَمَّهُ، وَيَقْتُلَ ابْنَ عَمِّهِ». قَالُوا: سُبْحَانَ اللَّهِ! وَمَعَنَا عُقُولُنَا؟ قالَ: «لَا، إِلَّا أَنَّهُ يَنْزِعُ عُقُولَ أَهْلِ ذَاكَ الزَّمَانِ، حَتَّى يَحْسَبَ أَحَدُكُمْ أَنَّهُ عَلَى شَيْءٍ وَلَيْسَ عَلَى شَيْءٍ» (أخرجه أحمد بسند صحيح)، وقال صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ يَوْمٌ لَا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ، وَلَا الْمَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ»... الحديث.
فكن أيها الأخ الثائر الحر الكريم والأخت الثائرة الحرة الكريم كخير ابني آدم، وكنْ عبدَ الله المقتول ولا تكن عبدَ الله القاتل، واحذروا كلَّ الحذر من الوقوع في فخ العنف الذي يخطط الانقلابيون لجرِّ البلاد إليه، ولن يفلحوا إن شاء الله.
وأما من الناحية الواقعية:
فإن أي نظام لا يمكن أن يمارس سلطته في الحكم بشكل حقيقي إلا بأحد أمرين: إما بالرضا والتوافق من الشعب ومن ثَمَّ الإذعان لهذه السلطة، وهذا ما تسعى كلُّ الأمم الحرة لفعله عبر الانتخابات الحرة النزيهة التي يختار الشعب من خلالها حكامَه طواعيةً بطريقة ديمقراطية، وهذا ما لا يتوفر لنظام الانقلاب العسكري.
وإما عن طريق الضغط والإكراه والقمع بالقوة المسلحة والبطش الأمني لإخضاع الشعب، وهو ما يمارسه الانقلابيون بشكل غاشم ووحشي، ولكنه طريق لا أخلاقي يفتقد للشرعية ويعيش مرتعشا مهتزا، ولذلك يسعى بكل حيلة لتجميل صورته ومحاولة إقناع جنوده وشعبه في الداخل، وإقناع الدول والشعوب الأخرى في الخارج بأنه حاصل على الرضا الشعبي. ولكي تدرك هذا لاحظ الجهد الهائل والوفود التي لا تنتهي من الدبلوماسيين الانقلابيين لإقناع العالم أن ما جرى كان ثورةً شعبيةً وليس انقلاباً عسكريا، ولاحظ الحفاوةَ البالغةَ حين يصرح دبلوماسي إفريقي أو أجنبي أنَّ ما جرى ليس انقلابا؛ لتدرك الرغبةَ المحمومةَ لدى رعاة الانقلاب في تجميل صورتهم القبيحة.
وفي سبيل تبرير بطشهم ووحشيتهم فإنهم يسعون إلى تصوير المعارضين لهم بأنهم إرهابيون يحاولون استخدام العنف في التعبير عن رفضهم، فهل من العقل والحكمة أن نوفِّر لهم تبريرا لإرهابهم وعنفهم غير الأخلاقي؟
من المسلَّم به أن السلطات الدكتاتورية هي من يحتكر أدوات العنف الفاعلة، فهي لديها قوات الأمن والجيش، وهي قوات مسلحة جاهزة ومدربة، وهي سلطات فاقدة لأي قيمة أخلاقية أو إنسانية، ولذلك في ظل حصول أي عملية مسلحة ضدها أو ضد أحد في المجتمع تصبح مسوغات تلك النظم الديكتاتورية في استخدام عتادها العسكري المنفلت من أي ضابط دستوري أو قانوني أو حتى أخلاقي جاهزة، وآلتها الإعلامية الجبارة ستملأ الدنيا صياحا لتبرير القمع الوحشي الذي تمارسه، فالعنف واستخدام القوة الباطشة لإكراه الشعب على الخضوع هو ملعب هذه الأنظمة، وعندما تقرر حركة ثورية ممارسة أي عمل مسلح لمواجهة عنف وقتل وتوحش الدكتاتورية فهذا يعني الذهاب إلى ملعب الخصم، وبالتالي خسارة المعركة أمام الدكتاتورية المتوحشة بكل تأكيد.
قد يقول قائل: إن هذه السلطة الدكتاتورية تفعل ذلك أصلا مع الحركة السلمية، وتختلق وقائع العنف وتمارس تزييف الوعي من خلال الإعلام. وهذا صحيح، ولكن العالم كله يدرك هذا البهتان، ولا يمكنه الاستمرار في تأييدهم، ومع الجهد الضخم جدا الذي يبذله الانقلابيون لتسويق انقلابهم فإن أكثر دول العالم لا تستجيب لهذه المحاولات الفاشلة، لما يرونه من سلمية الثورة المصرية في مواجهة العنف الانقلابي.
كما لا يجد الانقلابيون أي مبرر أخلاقي مقبول لجنودهم الذين يحاول الانقلابيون في جهاز الشئون المعنوية بالجيش إيهامهم وإقناعهم بعداوة مصطنعة لبني شعبهم، كما أن السلمية تؤثر على بعض ذوي الضمائر الحية من داخل معسكر الانقلاب نفسه الذين يكتشفون كل يوم كذب قيادة الانقلاب وسلمية الشعب الثائر، مما يضعف عزمهم على مواجهة الجماهير السلمية، ويحولهم بالتدريج إلى الانحياز لهذه الجماهير.
ولا يعني هذا رغبة في حصول انشقاق في القوات المسلحة فهذا أمر خطير لا نرضاه ولا نتمناه لجيشنا أبدا، فإن من واجبنا أن نحافظ على قواتنا المسلحة من الدخول في حرب أهلية تُستَنْزَف فيها في حروب شوارع لا رابح فيها، فتنكشف أمام أعدائنا الذين ينتظرون بفارغ الصبر لحظة الضعف والوهن للانقضاض على الوطن، وتكون تلك أكبر خسارة للأمة وأعظم هدية للأعداء، بل علينا أن نبذل قصارى جهدنا للحيلولة بين قادة الانقلاب وبين ما يريدون توريط الجيش والشعب فيه من فتن من أجل تحقيق مطامعهم الخاصة ورغبتهم الأنانية في الحكم والسيطرة على البلاد ومواردها وثرواتها.
وأما من جهة تجارب الأمم والشعوب:
فالتجارب القديمة والحديثة تثبت أن المقاومة السلمية للانقلابات والاستبداد هي الأنجح والأسرع والأقل كلفة بشرية، وهي التي تنتج تحولا ديمقراطيا حقيقيا، وليس ما جرى في دول أوربا الشرقية عنا ببعيد، بل هذا ما أثبتته ثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدة.
هل تنجح السلمية:
إن الشعوب متى تمسكت بحقوقها واستمسكت بمبادئها وصبرت في مواجهة الانقلاب فإنها قادرة على تحقيق إرادتها، وهنا نذكر بالأسطورة الصينية (سيد القرود) التي يرويها جين شارب في كتابه (من الديكتاتورية إلى الديمقراطية) وهي أسطورة صينية قديمة من القرن الرابع عشر للمؤلف ليو جي، تحكي عن رجل عجوز كان يعيش في ولاية تشو الإقطاعية، وكان أهالي تشو يسمونه جو غونج أي سيد القرود. وقد استطاع هذا الرجل البقاء على قيد الحياة من خلال احتفاظه بقرود لخدمته، فقد كان يجمع القردة كل صباح ثم يأمر كبيرهم أن يقودهم لجمع الفاكهة من الأشجار وتقديم عُشرها إليه، وكان يعاقب كلَّ قرد لا يلتزم بذلك، يجلده دون رحمة، وكانت معاناة القرود عظيمة، ولكنها لم تجرؤ على الشكوى! حتى كان صعود قرد شاب من بين هذه القرود خاطبهم متسائلا: هل زرع هذا العجوز جميع أشجار الغابة؟ ألا نستطيع أن نأخذ الفاكهة منها دون استئذانه؟ فأجابوه: نعم نستطيع. فأجابهم: لماذا إذا نعتمد على الرجل العجوز ولماذا علينا أن نخدمه؟
يعقب شارب قائلا: فهمت القردة جميعا ما كان يرنو إليه القرد الصغير، حتى قبل أن ينهي جملته، وفي نفس الليلة وعند ذهاب الرجل الهرم إلى فراش النوم، وغط في سبات عميق، مزقت القردة قضبان أقفاصها، واستولت على فاكهة العجوز المخزنة، وأخذتها إلى الغابة ولم تعد إليه أبدا، وتركته حتى مات جوعا!
وكما يقول يو لي : «يحكم بعض الرجال شعوبهم باتباع الخدع، هؤلاء الحكام يشبهون سيد القردة، فهم لا يعون تشوش أذهانهم، ولا يدركون أنه في اللحظة التي يدرك فيها الناس أمرهم ينتهي مفعول خداعهم».
تختصر هذه الحكاية مفهوم السلطة ومصدرها ومكمن قوتها، فمكمن قوة السلطة هو طاعة الناس لها. في اللحظة التي يعي الناس أن هذا النظام لا يمثلهم ولا يريدونه أن يحكمهم، ويقررون عدم طاعته، فإنهم يجردونه من مكمن السلطة التي يتمتع بها. هذا هو الأساس الذي تستند إليه المقاومة السلمية.
من واجباتنا في الثورة السلمية:
· أن نكون أكثر انفتاحاً على فئات المجتمع المختلفة، وأكثر وضوحاً في شرح برامجنا للشعب، ونشر الوعي بالثورة السلمية وعدم الانجرار للعنف، ونشر الأمل في تحقيق السلمية لأهداف الثورة، ومحاربة كل صور اليأس التي يحاول إعلام الانقلاب إشاعتها ونشر النماذج الناجحة، وابتكار صور إبداعية جديدة ومتنوعة للمقاومة السلمية، وعدم الاستهتار بأي فعالية أو نشاط مهما بدا صغيرا، والتأكيد على النجاح الذي يتراكم بالعمل المستمر والفعاليات المتواصلة.
· أن نكشف للشعب حقيقة ما أوصلنا ويريد أن يأخذنا إليه الانقلاب من دمار اقتصادي وانهيار لمقومات الدولة وتهديد لمستقبل البلاد، حيث لا يملك الانقلابيون أية رؤية لإدارة صحيحة للبلاد سوى تشديد القبضة الأمنية وإذلال الشعب وإخضاعه بالقوة المسلحة.
· أن نسعى لاستيعاب كافة الطاقات والكفاءات ونمارس الشراكة الحقيقية في العمل الوطني مع الجميع، ونوسع دائرة التحالف، لاستعادة وحماية الثورة والمسار الديمقراطي.
· أن نستمر في إيجاد كل الآليات المناسبة للتواصل الفعال مع كل مؤسسات الدولة.
وفي الختام فلن يضيع حق وراءه مطالب، وستتحقق إرادة الشعب في الحرية بإذن الله، ويومئذ يفرح المصريون بنصر الله، (وسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ) .
وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
والله أكبر وتحيا مصر حرة مستقرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.