تتفاقم أزمة الديون المصرية كل يوم يمر، فأصبحت التحدي الأكبر للسياسة المالية للحكومة من حيث مقدرتها على تحجيم الدين العام المحلي والخارجي، بالتوازي مع انخفاض حجم الإنفاق العام، لكن ما يزيد الأزمة اشتعالا، استمرار طلب القروض من البنوك والدول. بعض الخبراء المصرفيين والاقتصاديين توقعوا أن يصل إجمالي ديون مصر نحو 90% من الناتج المحلي في الربع الأول من العام الجديد، بعد أن سجل الدين الداخلي مستوى قياسيا جديدا، فتخطى نحو تريليونى جنيه للمرة الأولى في تاريخه، مسجلا خلال أول 9 أشهر من العام المالي الماضي 2014-2015 نحو 2.016 تريليون جنيه، بينما وصل رصيد الدين الخارجي لمصر بنهاية مارس إلى 39.9 مليار دولار، مقابل 41.3 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2014، بحسب بيانات البنك المركزي. بالتوازي مع استمرار الاعتماد على القروض، ترتفع الفوائد المطلوب سدادها، من المحلية والخارجية، خلال العام المالي الحالي بنسبة 25 %، لتسجل نحو 244 مليار جنيه، أي بنسبة 8.6 % من الناتج المحلي، مقابل 195.1 مليار جنيه فوائد متوقعة للعام المالي الماضي 2014-2015 بنسبة 8 % من الناتج المحلي. تقرير صادر عن وزارة المالية، أبرز إصدار الحكومة أذون وسندات خزانة، بقيمة 975.1 مليار جنيه خلال أول 11 شهرًا من العام المالي الماضي 2014-2015، كما أن الحكومة أصدرت أيضا أذون خزانة بقيمة 761.1 مليار جنيه منذ يوليو 2014 حتى مايو الماضي، وأصدرت سندات خزانة بقيمة 214 مليار جنيه خلال الفترة المذكورة. تقديرات سداد القروض التي حل موعد أقساطها بمشروع الموازنة للسنة المالية الحالية، سجلت نحو 257.92 مليار جنيه، بزيادة تبلغ 41.98 مليار جنيه، مقارنة بنتائج متوقعة للعام المالي الماضي، حيث تقدر بنحو 231.2 مليار جنيه بسنبة زيادة 11.6 %. ورغم أن الأزمة تشير إلى منحنيات الصعود بزيادة الاقتراض، واستمرار ارتفاع الفوائد عليها، إلا أن الحكومة تستمر في عملية الاقتراض، فكشفت وزارة التعاون الدولي بنهاية الأسبوع الحالي، أن مجلس إدارة البنك الإفريقي للتنمية وافق على قرض ميسر لمصر بقيمة 500 مليون دولار، ضمن برنامج قيمته الإجمالية 1.5 مليار دولار على ثلاث سنوات، وأن الشريحة الأولى من القرض ستصل خلال أيام. من جانبه، وصف الدكتور إبراهيم زهران، الخبير الاقتصادي، استمرار الحكومة في الاعتماد على القروض لدعم الموازنة ب«وضع رقبة مصر تحت أقدام الدول الأخرى»، ويجعلها كالأرجوحة التي تتحكم بها، مضيفا، أن استمرار الاقتراض يزيد من ديونها المستقبلية، ما يؤثر بشكل سلبي على مستقبل الأجيال القادمة، وهو ما يجب على الدولة التنبه له. وأوضح زهران أن غياب الرؤية الواضحة للدولة، جعلها تلجأ مضطرة إلى طريق الاقتراض، مطالبا الحكومة بضرورة وضع استراتيجية محددة تعتمد عليها في سد عجز الموازنة، وليس الاعتماد على «التسول» من الدول الأخرى.