مجددا يعود السجال بين القاهرة وموسكو حول أسباب سقوط طائرة ركاب روسية أواخر أكتوبر الماضي في سيناء، بعدما أعلنت مصر في تقرير أولي للجنة التحقيقات بأنه لا دليل حتى الآن على فرضية العمل الإرهابي، خلافًا للإعلان الروسي. روسيا: إسقاط الطائرة عمل إرهابي قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اجتماع أمني مكرس لنتائج كارثة الطائرة الروسية بالكرملين الثلاثاء 17 نوفمبر الماضي، إن تفجير الطائرة الروسية ضمن الأعمال الإرهابية الأكثر دموية في تاريخ روسيا، كلمات حسم بموجبها موقف روسيا القطعي من أن سقوط الطائرة كان عملًا إرهابيًا، حيث أوعز للاستخبارات الروسية بالتركيز على البحث عن المتورطين في تفجير الطائرة الروسية، وحذر بوتين الجميع الذين سيحاولون مساعدة الإرهابيين بأنهم سيتحملون كامل المسؤولية عن انعكاسات ذلك. بناءً على ذلك، قال مدير هيئة الأمن الفدرالية الروسية، ألكسندر بورتنيكوف، إن فحص الحقائب الخاصة بركاب الطائرة وأجزائها أدى للعثور على آثار مواد متفجرة أجنبية الصنع، مؤكداً انفجار عبوة ناسفة يدوية الصنع على متن الطائرة أدى إلى تحطمها في سيناء، بجانب أن الخبراء قدروا قوة العبوة الناسفة بكيلوجرام واحد من مادة «التروتيل». مصر: لا دليل حتى الآن على عمل إرهابي صرح الطيار أيمن المقدم، رئيس لجنة التحقيق في سقوط الطائرة الروسية المنكوبة، بأن بيان اللجنة الصادر يوم الأحد 13 ديسمبر، نص على أن اللجنة لم تتلقى حتى الآن ما يفيد بوجود تدخل غير مشروع أو عمل إرهابي وراء الحادث الذي وقع في 31 أكتوبر الماضي، وأسفر عن مقتل جميع ركاب وأفراد طاقم الطائرة البالغ عددهم 224 شخصًا. وتابع: أن لجنة التحقيق الخاصة بحادث الطائرة الروسية انتهت من التقرير الأولي للحادث، حيث تم إرساله إلى الجهات المعنية، واستمراراً للعمل في إطار الملحق رقم 13 من اتفاقية منظمة الطيران المدني الدولي «الإيكاو»، فقد انتهت لجنة التحقيق مساء الأحد من إعداد التقرير الأولي لحادث الطائرة وتم إرساله الى الممثلين المعتمدين للدول التي لها الحق في الاشتراك بالتحقيق وكذلك إلى منظمة الطيران المدني الدولي. وأضاف المقدم، أن هذا التقرير يتضمن 19 بندا ثابتا متعارف عليها في تحقيق الحوادث ويشمل المعلومات الأولية المتاحة أمام لجنة التحقيق حتى تاريخ صدوره، ويحتوي على معلومات يتم تدقيقها بشكل أكثر تفصيلا من خلال مراحل التحقيق المقبلة. وأشار المقدم، إلى أن التقرير المبدئي أقر بأن البحث عن أجزاء الحطام امتد إلى أكثر من 16 كيلومترًا من موقع الحطام الرئيسي، موضحًا أن أعضاء فريق عمل الطب الشرعي بلجنة التحقيق تتلقى التقارير الخاصة بالكشف عن الجثامين من الأطباء الشرعيين واللجنة في انتظار تقارير مضاهاة الجثامين من الجانب الروسي لتحديد حالة الضحايا بعد معرفة تحاليل البصمة الوراثية لذويهم. رد روسيا على التقرير المصري أعلن دميتري بيسكوف، السكرتير الصحفي للرئيس الروسي، أنه لا يستطيع التعليق على تصريحات مصرية بشأن عدم العثور على إثباتات إسقاط الطائرة الروسية فوق سيناء بعمل إرهابي، قائلًا للصحفيين الاثنين 14 ديسمبر: أستطيع التذكير بالنتيجة التي توصل إليها خبراؤنا من الأجهزة المعنية الخاصة، إذ استنتجوا أن ذلك كان عملًا إرهابيًا. وسائل الإعلام الروسية وجهة نظر الصحف الروسية بشأن التقرير المصري الأخير لم تختلف عن رؤيا الحكومة الروسية، حيث تبنت موقفها، وذكرت وسائل إعلام روسية أنه في حال ثبوت تقصير من السلطات المصرية فإنه سيتوجب عليها دفع تعويضات لذوي ضحايا الطائرة الروسية تصل إلى عشرة ملايين دولار عن كل راكب من ركاب الطائرة، بينما قدرها خبراء آخرون ب 700 ألف دولار. الصحف البريطانية قالت صحيفة الإندبندنت البريطانية، إن هناك غموض حول سبب سقوط الطائرة الروسية المنكوبة فوق صحراء سيناء، وازداد بعد تأكيد المحققون المصريون أنهم لم يكتشفوا أي دليل يدعم فرضية زرع قنبلة على متن الطائرة، بجانب أن تصريحات مصر الأخيرة فتحت المجال لوجود نظريات أخرى حول سبب تلك المأساة. وتلك النظريات تشمل احتمالية أن يكون سبب سقوط الطائرة الروسية المنكوبة لأضرار هيكلية في ذيل الطائرة، أو انفجار وقع في خزان الوقود، أو حريق كارثي في بطاريات الليثيوم التي يحملها خزان الوقود. وبحسب الصحيفة فإنه قبل أربعة أسابيع، أبلغ الكسندر بورتنيكوف، مدير جهاز الأمن الروسي، للرئيس فلاديمير بوتين، أنه يستطيع أن يؤكد بثقة أن الإرهابيين مسؤولين عن تفجير الطائرة. الصحف الأمريكية قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، إن التقرير المبدئي الذي أصدرته لجنة التحقيق المصرية، يعكس التناقضات والضبابية والتضليل التي تتبعها مصر منذ بداية التحقيق في الحادث. وأوضحت الصحيفة، أن التحقيق أكد أنه لا صحة لشبهة إرهابية أو تدخل غير مشروع في سقوط الطائرة، ليناقض ذلك التقارير الروسية والغربية والتي أكدت أن الحادث جاء نتيجة عمل إرهابي. وأكملت الصحيفة: إن السلطات المصرية لا تزال مصرة على عدم التعامل مع الواقع وأن الإرهابيين استطاعوا الوصول إلى هذا الهدف الحساس، وما تزال تعول على المؤامرة الغربية الشائنة التي تحاول إضعاف الرئيس عبد الفتاح السيسي. وتابعت: كما أن السلطات المصرية احتاجت إلى تهدئة المخاوف الأمنية لحلفائها الأجانب مثل روسيا وبريطانيا، حرصًا منها على النهوض بالقطاع السياحي الذي تضرر كثيرا في الآونة الأخيرة. وبحسب مجلة ديلي بيست الأمريكية، إن التحقيق الذي أجرته مصر بشأن سقوط الطائرة الروسية في سيناء، يعد من أسوأ التحقيقات حول حوادث الطائرات في التاريخ وأكثرها إحباطا. وقالت المجلة: إن التقرير المبدئي يحتوي على معلومات واقعية ضئيلة، ويفتقر لأي أدلة جنائية، ولم يفي بمعايير الأدلة الأساسية المطلوبة للتحقيق في الحادث، موضحة أنه التحقيق الأكثر إحباطا لأن كل قطعة من حطام الطائرة يمكن رؤيتها وفي متناول المحققين، وهناك محققون آخرون يمتلكون خبرة طويلة في العثور على أدلة حول حوادث تفجير في ظل ظروف أكثر صعوبة من هذا الحادث. الصحف الفرنسية أشارت مجلة لوبوان، في تقريرها حول سقوط الطائرة الروسية المنكوبة، في وقتٍ سابق، إلى أنه بعد أسبوع كامل من تحطم الطائرة الروسية، تحدث المسؤول المصري عن التحقيق دون أن يعطي معلومات عن ملابسات الحادث. وأضافت، أن مصر قاومت حقيقة وقوع اعتداء بقنبلة على متن الطائرة الروسية، تسبب في إجلاء السياح وتعليق رحلات الطيران إلى هذه البلد التي تشكل السياحة قطاع حيوي بالنسبة لاقتصاده. وأوضحت المجلة أن مصدر قال لها، إن تحليل الصندوقين الأسودين في الطائرة سمح بترجيح احتمال تحطم الطائرة بقنبلة، لكن مصر تتمسك بموقفها بإعادة التأكيد وانتظار نتائج التحقيق حول التحطم الذي تبناه تنظيم «داعش» الإرهابي.