شارك الأرمينيون الأحد في استفتاء شعبي على تعديلات دستورية تقلص صلاحيات رئيس الجمهورية، وتعزز صلاحيات رئيسي الوزراء والبرلمان، إلا أن المعارضة تقول إن هذه التعديلات تهدف إلى إبقاء الرئيس سيرج سركيسيان على رأس السلطة مرة أخرى. تعتبر أرمينيا دولة استراتجية في الصراع الدائر سياسيًا على الأرض بين روسياوأمريكا حلفائها، خاصة تركيا التي نفذت مذابح في هذه البلد خلال الحقبة العثمانية، وأرمينيا جمهورية سابقة في الاتحاد السوفيتي، تقع بالقوقاز من أوراسيا حيث تتوضع عند ملتقى غرب آسيا وشرق أوروبا، تحدها تركيا من الغرب وجورجيا من الشمال وجمهورية الأمر الواقع ناغورني كاراباخ وأذربيجان في الشرق، أما من الجنوب فتحدها إيران ومكتنف ناخيتشيفان الأذربيجاني. وحسب النتائج الأولية صوت ثلاثة وستون بالمائة من الناخبين، للتعديلات الدستورية في أرمينيا، إلا أن المعارضة سرعان ما انتقدت تنظيم الاستفتاء متهمةً الرئيس الحالي للبلاد سيرج سركيسيان بمحاولة البقاء لفترة أطْول في السلطة، فيما رفض الرئيس الأرميني سركيسيان (61 عاماً) الخميس تكرار تعهداته السابقة بعدم الترشح لأي منصب حكومي بعد فترة انتهاء ولايته الثانية والأخيرة كرئيس. دافع الحزب الجمهوري الحاكم عن التعديلات، معتبراً أنها ستساهم في تعزيز وضع المعارضة، واحتشد نحو خمسة آلاف محتج في يريفان للمطالبة باستقالة الزعيم، وأعلنوا رفضهم لهذا التعديل، فيما تعهدت المعارضة بتنظيم احتجاجات حاشدة بعد إغلاق صناديق الاقتراع مساء الأحد، وقال آرام مانوكيان النائب في حزب المؤتمر الوطني الارمني المعارض إنه "إذا تم إقرار هذه التعديلات فهي ستسمح لسركيسيان وحزبه الجمهوري بأن يخلدا في السلطة"، بينما قالت النائبة عن الحزب مارغريتا ايسايان لوكالة "فرانس برس"، إنه "إذا أقرت التعديلات، فسيصبح لدى أرمينيا برلماناً أقوى، ومعارضة أكثر قوة مع نفوذ جدي للتأثير على صنع القرار". وقالت لجنة فينيس وهي هيئة استشارية حقوقية في مجلس أوروبا مكونة من خبراء مستقلين في مجال القانون الدستوري والإصلاح، إن الاستفتاء سيكون "خطوة أخرى مهمة في عملية الانتقال بأرمينيا نحو الديموقراطية". وبالنظر على وضع أرمينيا بمحيطها الخارجي نشرت نقارير كثيرة في هذا الشأن تؤكد أن النظام الحالي الأرميني يحافظ على علاقات أرمينيا التاريخية والاستراتيجية مع روسيا الاتحادية، فوفقًا لمناقشة دارت بين رئيس روسيا فلاديمير بوتين والرئيس الأرميني سيرج سركسيان، أعلن سيرج سركسيان أن بلاده سوف تنضم للاتحاد الاقتصادي الأوراسي لأهداف تجارية – بين روسيا وبيلاروسيا وكازاخستان- بدلًا من الاتحاد الأوروبي. وقدم سركسيان تفسيرًا حيث قال إنه بذلك اتخذ "قرارًا واقعيًّا" لأن ثلث واردات أرمينيا تذهب إلى روسيا وشركائها بما في ذلك المنتجات الزراعية التي تعتمد عليها آلاف الوظائف، بالإضافة إلى ذلك تساهم روسيا في بيع الغاز الطبيعي لأرمينيا المحاطة بالأرض من جميع جهاتها والفقيرة في موارد الطاقة بسعر مناسب لدرجة كبيرة. ووسط مظاهر هذا التعاون الروسي الأرميني وحفاظ الدولتين عليه، ترى موسكو أن أمريكا وحلفائها لا يريدون استمرار هذا الأمر على غرار ما حدث في أوكراينا وقيام الثورة الأوكرانية بمساعدة الغرب، ويعزز موقع "روسيا اليوم" في تقرير له نشر خلال نوفمبر الماضي مخاوف الروس، حيث يقول إن السفير الأمريكي في أرمينا يزود النواب الأرمينيين ورجال المعارضة والصحافة منذ فترة بمعلومات استفزازية حول طلب شركة "شبكات الطاقة الأرمينية"، التي يُعد رأسمالها روسيًا بالكامل، من الحكومة رفع تعريفة الكهرباء، بنسبة 40.8 بالمئة الأمر، الذي استفز المواطنين ضد حكومتهم وضد موسكو، متجاهلين أن محطة نهر فوروتان الهيدروليكية الكهربائية، التي تزود شركة "راو يه إس" بالطاقة، أصبحت هذا العام ملكا للشركات الأمريكية، وأن هذه الشركات هي التي رفعت الأسعار ل"شبكات الطاقة الأرمينية" بنسبة 30%. وأكدت روسيا اليوم أن التسريبات التي سربتها السفارة الأمريكية دفعت الناشطين في التاسع عشر من يونيو الماضي، إلى تنظيم إضراب بالجلوس في وسط العاصمة، ثم أخذ عدد المحتجين يرتفع بوتيرة متنامية، وعندما فضت الشرطة الاعتصام في ال 23 من الشهر ذاته بمدافع المياه والهراوات واعتقلت 250 منهم، استؤنفت الاحتجاجات في اليوم التالي بتصاعد لا يصدَّق. وقالت روسيا اليوم إن السفير الأمريكي لا يكل ولا يمل من حشد المعارضة ضد النظام، ولا سيما مع قبل موعد تنظيم الأحزاب المعارضة والمنظمات الاجتماعية والحركات المدنية حملات عصيان مدني واحتجاج ضد الاستفتاء الخاص بتعديل الدستور.