بدأت السعودية حرب جديدة وشاملة مستخدمة فيها سلاحي النفوذ والمال، والضحية هذه المرة منابر إعلامية تسير عكس اتجاه السياسة السعودية وضد أهوائها، وهو ما جعلها هدف مباشر للمملكة تحاول إغلاقها وعرقلة عملها. أعلنت قناة المنار اللبنانية، الجمعة الماضية، أن إدارة شركة "عربسات" أوقفت بث القناة عن أقمارها الصناعية، وقالت المنار في إعلانها الذي جاء في مقدمة نشرة القناة المسائية، "هنا المنار.. شريكة الحقيقة، عابرة لكل الأقمار، ما أسكتها عدوان صهيوني، ولن يسكتها حقد جاهلي، هي المنار مهما اتسع الفضاء أو ضاق، برؤية واضحة ومهنية عالية"، واعتبرت القناة أن القرار يعتبر "أحدث ما توصلت إليه سياسة كمّ الأفواه ومحاربة كل صوت يصدح بالحق والحقيقة، ويبحث عن مساحة حرة في عالمنا العربي والإسلامي". وبالحديث عن الأسباب التي ساقت إدارة قمر "عربسات" إلى إيقاف بث "المنار"، يتبين أن القرار جاء بسبب رأي أحد الضيوف في برنامج سياسي، حيث انتقد هذ الضيف السعودية في معرض الحديث عن الأزمة اليمنية، في حلقة تعود إلى ما قبل ثمانية أشهر، لتأتي ضغوط السعودية بإيقاف بث القناة بحجة تبعيتها ل"حزب الله" اللبناني. القرار بإيقاف بث قناة "المنار" لاقى موجة من الانتقادات والتنديدات، حيث علق وزير الإعلام اللبناني "رمزي جريج" على قرار عربسات، قائلاً إن الوزارة لم تتبلغ من شركة "عربسات" أنها ستقدم على وقف بث قناة المنار وعلى وزارة الإتصالات متابعة الملف. من جهتها عبرت الهيئة الإعلامية لحركة "أنصار الله" اليمنية عن إدانتها واستنكارها الشديدين لهذا الإجراء التعسفي بحق قناة المقاومة، وقالت في بيان إنها تعتبره "استهدافا ممنهجا يأتي في سياق ما تتعرض له القنوات المناهضة للمشروع الاستعماري"، وعبرت الهيئة عن تضامنها المطلق مع المنار وإدارتها وطاقمها الإعلامي والفني، وطالبت بسرعة إعادة بث القناة وإيقاف الانتهاك الصارخ بحقها وبحق وسائل الإعلام الحرة. من جهته، أصدر "اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية"، بيانًا أكد فيه تضامنه مع قناة المنار، معتبرًا أن "إخفات صوت المنار هو لإخماد روح المقاومة ونهضة التغيير، ولن يجدي نفعاً بل سيزيدها تمسكاً بسياساتها الإعلامية المعلنة"ز أدانت وزارة الإعلام السورية بشدة قرار وقف بث قناة المنار على قمر "عربسات" الصناعية، معتبرًا ان "ذلك يعد استمرارا للنهج السعودي القمعي ضد المؤسسات الإعلامية والفكر المستنير الحر وثقافة المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي"، وقالت الوزارة في بيان لها، إن "سلوك عربسات ومصدِّري القرار الشائن، يؤكد مجددًا أن ما فُرض على الإعلام الوطني السوري وعلى قناتي الميادين والمنار إنما هو جزء من معركة التخلف مع الحضارة، ومعركة الانهزامية مع الصمود، معركة القمع مع الحرية"، مشيرة إلى أن "حجم قلق الأنظمة الاستبدادية في المنطقة يتفاقم أكثر فأكثر مع كل انتصار تحققه المقاومة والجيش". وفي ذات السياق أكد وزير الإعلام السوري "عمران الزعبي، أن قرار شركة "عربسات" قرار سياسي ومخالف للعقود الموقعة مع إدارة الشركة، مشيرًا إلى أن "هذا النوع من القرارات متوقع أن تسلكه الشركة الخاضعة لسيطرة النظام السعودي"، وأوضح "الزعبي" أن "الرد الطبيعي للنظام السعودي والأنظمة الاستبدادية المشابهة له أن تحجب هذا الصوت، لأنها لا تتحمل النقاش أو النقد أو تسليط الضوء على الأخطاء او فضح الجرائم وسلوكها تجاه شعبها"، مضيفًا أن "لا قيمة للقانون وللاعتبارات القانونية عند هؤلاء"، وأشار إلى أنه "عندما يتم حجب القناة عن عرب سات يحتفل الكيان الصهيوني بمثل هذه القرار وهذا دليل على أنه قرار جائر وظالم وغير أخلاقي"، وتابع أن "عربسات" ليس قمرًا سعوديًا بل هو ملكٌ لمجموعة شركاء من دول عربية كثيرة، يتصرفون بحكم الأمر الواقع أي القوة النقدية بسيطرتهم على مجلس الإدارة ومراكز البث والعقود الموقعة لاستئجار الأقمار في الفضاء. استنكرت حركة "الجهاد الاسلامي" قرار حظر بث قناة المنار الفضائية على القمر الصناعي عربسات، معتبرةً أن "حظر المنار يأتي في سياق العمل على تغييب الكلمة الحرة والمسئولة ومحاربة الاعلام المقاوم"، ورفضت الحركة هذا القرار، مؤكدة وقوفها إلى "جانب المنار التي انحازت لفلسطين ولمقاومتها وانتفاضة شعبها". من جهتها، أكدت شبكة "الميادين" الإعلامية تضامنها مع قناة "المنار" وحقها في البثّ، ورأت أن "الاصرار على استهداف قنوات بعينها يعبر عن سياسة منظمة وموجهة وخطرة"، داعية الاعلام العربي والعالمي الحر إلى "التفكير جديًا في استراتيجية جديدة بديلة". وكانت شبكة "الميادين" قد تعرضت لنفس المضايقات منذ ما يقرب من شهر، حيث كشفت مارست السعودية ضغوطًا على الدولة اللبنانية لإجبارها علي إلغاء بث قناة "الميادين" كإجراء عقابي ضدها علي خلفية اتهامها ب"الإساءة إلى دولة عربية وهي السعودية"، وذلك تحت طائلة التهديد بإزالة باقة "عرب سات" التي تبث من محطة جورة البلوط في لبنان ونقلها إلي الأردن، إذا لم تقم السلطات اللبنانية ب"معاقبة" قناة الميادين.