يعيش مواطنو قطاع غزة ظروفا اقتصادية صعبة؛ خاصة بعد العدوان الإسرائيلي الأخير الذي دمر آلاف المنازل تاركاً أصحابها يعيشون إما في الكرفانات التي لا تقي حر الصيف ولا برد الشتاء، أو في المدارس التابعة للأمم المتحدة، وفي ظل توقعات الأرصاد بأن شتاءً مجنونا يضرب فلسطينالمحتلة هذا العام مقارنة بما سبق، فإن شريحة كبيرة من سكان القطاع مازالوا على حالهم في كرفانات ذاقوا الويلات فيها في الصيف، مناشدين جميع الجهات المختصة في قطاع غزة بإنهاء مأساتهم ولكن دون جدوى. بالرغم من أن وزارة الإسكان بدأت فعليا منذ مطلع إبريل الماضي في تنفيذ خطوات الإعمار، إلا أن العملية تسير ببطئ شديد، نتيجة الحصار المفروض على غزة، والذي بدوره يقيض أي نمو اقتصادي، إضافة إلى عدم التزام بعض الدول التي تعهدت بإعادة الإعمار في مؤتمر القاهرة. ومع بداية سقوط الأمطار على قطاع غزة، يقول أحمد نصير، أب لثلاثة أطفال يعيشون في كرفان ببيت حانون شمال قطاع غزة: الأمطار المتساقطة على قطاع غزة أدت إلى غرق ملابسهم ومستلزماتهم بعد أن قضوا ساعات طويلة في نزح المياه التي دخلت إلى الكرفان، مضيفاً أنهم اضطروا للجوء إلى الجيران ليحتموا من المطر حيث لا يمكن أن يبقى وعائلته داخل الكرفان الذي وصفه نصير بالشارع. وكان وزير الأشغال العامة والإسكان الدكتور مفيد الحساينة، أعلن في إبريل الماضي عن تجهيز 26 فرقة لحصر الأضرار لبدء إعادة اإمارها، منوهاً إلى أن هذه اللجان ستنتهي خلال شهرين منذ ذلك الوقت، وكان نصيب شمال القطاع في ثماني لجان بحسب تصريحات الحساينة، وهو ما نفاه بعض سكان الكرفانات بعدم وصول أي لجان لهم بعد استلامهم الكرفانات. سلسلة منخفضات ضربت المنطقة العربية أدت إلى حدوث فيضانات وإغراق بعض المناطق السكنية وتتوزع تلك الموجات على بعض البلدان، فقد أودت الفياضانات بحياة 13 شخصا في الأردن و3 أخرين بمصر، وبالرغم من المعدات والتجهيزات التي تمتلكها هذه الدول مقارنة مع قطاع غزة المحاصر منذ سنوات طويلة، إلا أن الشتاء دخل ضيفاً ثقيلاُ أدى إلى تلك الكواراث. هنا يُطرح السؤال الأهم: ماذا سيحدث لعائلات كاملة تعيش في الكرفانات داخل قطاع غزة إذا ما اشتد الشتاء وانسابت الفيضانات في قطاع يفتقر لأي مقومات للاستعداد لفصل الشتاء، حيث يضيف نصير للبديل: كنا في فصل الصيف ننام خارج الكرفان حيث لا يمكن تحمل درجة الحرارة داخله، كيف سنعيش داخله الآن مع سقوط الأمطار إلى الداخل كأنه دون سقف تماما؟. ويعيش نصير وأسرته في كرفان منذ مارس الماضي، بعدما تدمر منزلهم تدميرا كليا في حرب يوليو أغسطس 2014، موضحا أن وكالة الغوث لتشغيل اللاجئين قطعت عنهم صرف بدل الإيجار بعدما سكن الكرفان، إضافة إلى ملاحقة البلدية لهم لدفع فواتير الكهرباء والماء. وفي ظل هذه الظروف التي يمر بها أمثال نصير بعدما تدمرت منازلهم بالكامل، فإنهم وقعوا ضحية للقرارات السياسية من تأجيل إعمار وحصار وإغلاق المعابر وعدم السماح للمواد بالدخول للقطاع، هكذا يبقى حالهم إلى أن تحدث معجزة ما، لتذكر المسئولين بأن عائلات كاملة تعيش في مربعات حديدية لا تصلح للحياة الآدمية، والمطر فوق رؤوسهم كأن السماء هي غطائهم الوحيد.