لا شك أن الاقتصاد المصري يعاني حالة من التدهور وعدم الاستقرار، في ظل اضطراب الأوضاع الأمنية، وحالة التخبط الإداري في اتخاذ القرار، وترتيب الأولويات، ما ترتب عليه غلاء أسعار كافة السلع؛ متأثرة بارتفاع معدل التضخم، وانخفاض الجنيه أمام العملات الأجنبية، رغم محاولات البنك المركزي الأخيرة رفع قيمته، وكذلك انهيار الركائز الأساسية للاقتصاد، مثل البنية الصناعية والزراعية والسياحية. وتعرض السطور التالية أبرز 5 أخطاء ارتكبتها الحكومات المصرية المتعاقبة، منذ فترة عاطف عبيد عام 1999، وحتى حكومة شريف إسماعيل الحالية، والتي أدت إلى انهيار الاقتصاد. الخصخصة اعتمدت حكومة عاطف عبيد، منذ تشكيلها عام 1999، فكرة الخصخصة، حتى بلغت نسبة المصانع المبيعة 46% من إجمالي كيانات القطاع العام الاقتصادية. وكان مختار خطاب، وزير قطاع الأعمال العام المصري الأسبق، أعلن في مايو من عام 2000 الانتهاء من خصخصة 154 شركة ومصنعًا، وبلغت حصيلة ذلك 12 مليارًا و600 مليون جنيه تم إيداعها في حسابات الدولة بالبنك المركزي، بالإضافة إلى خصخصة 6 شركات بقيمة 600 مليون جنيه. كما حرصت حكومة عبيد على عدم المساس بالشركات المنتجة لسلع أساسية للمواطنين، كال «الأدوية والنقل والمطاحن…» وعددها 15 في مصر لم يتم خصخصتها، وذلك حفاظًا على البعد الاجتماعي؛ ليصل إجمالي الشركات المخصخصة منذ عام 1999 حتى عام 2011 عدد 172 شركة، بقيمة 39.499.0 مليار جنيه. وفي عهد السيسي بلغ عدد المصانع المتوقفة 5 آلاف مصنع، مما أدى إلى تشريد الآلاف من العمال، حتى أصبح الشارع ملجأ لأكثر من ربع مليون عاطل، كانوا يومًا ما أساس عجلة الإنتاج في مصر. السياحة تصنف السياحة المصرية في المرتبة الأولى ضمن قائمة القطاعات الاقتصادية الأكثر تضررًا؛ نتيجة لتدهور الأوضاع الأمنية، وأقرب مثال ما أكده هشام زعزوع، وزير السياحة، أن حادثة تفجير الطائرة الروسية ترتب عليها تكبد القطاع خسائر بقيمة 2.2 مليار جنيه شهريًّا، حتى إن أغلب المحال التجارية في شرم الشيخ اضطرت إلى إغلاق الأنوار؛ تخفيضًا للنفقات، في ظل توقف حركة البيع والشراء. وكشفت الإحصاءات الصادرة عن وزارة السياحة انخفاض عدد السياح في مصر من 14.7 مليون سائح سنة 2010 إلى 6.06 مليون سائح خلال الأشهر العشرة الماضية من سنة 2015. أما العائدات فلم تتجاوز 4.6 مليار دولار خلال العام الجاري، بينما تأمل الجهات المسؤولة عن السياحة في إعداد حملة ترويجية؛ للفت الأنظار إلى المقاصد الترفيهية والأثرية في مصر. المصانع المتعثرة وصلت حصيلة المصانع المتعثرة والمغلقة منذ عام 2011 وحتى الآن لقرابة 5 آلاف مصنع، تسببت في تشريد 250 ألف عامل. ورغم ذلك اتجهت الدولة لتنفيذ مشروعات خدمية، مثل قناة السويس الجديدة، والعاصمة الإدارية، فيما ظلت فكرة المشروع القومي لتشغيل 1000 مصنع حبيسة الأدراج، رغم أن حجم واردات مصر 60 مليار دولار، مقابل 22 مليار دولار صادرات، بفارق 38 مليار دولار، مما يشكل فجوة اقتصادية قوية من شأنها تدمير الإنتاج القومي، بحسب رؤية المحلل الاقتصاد محسن عادل، عضو المجلس الاستشاري للتنمية الاقتصادية. وانتقد المهندس محمد السويدى، رئيس اتحاد الصناعات المصرية، سياسات البنك المركزى، ورفضه الاستجابة لمطالب اتحاد الصناعات المصرية بعقد اجتماع؛ لبحث مشكلات الصناعة مع الجهاز المصرفى، مطالبًا بضرورة وضع ضوابط على تداول الجنيه والإعلان عن كل مصدر للأموال فى مصر، على غرار ضوابط تداول الدولار؛ للقضاء على السوق السوداء، فمصر تمر الآن بحرب اقتصادية، تحتاج لمزيد من الإجراءات الفاعلة وضبط السوق المحلية وإحكام الرقابة عليها. إهمال الزراعة لجأ فلاح مصري إلى حرق محصول القطن داخل أرضه، بعدما فاض به الكيل، ولم يجد أي سبيل لتصريف المحصول، في ظل انخفاض سعر القطن المصري؛ لينزل سعر القنطار إلى 550 جنيهًا مقابل 1100 جنيه خلال العام الماضي، بينما التزمت الدولة بموقف المتفرج، ولم تحرك ساكنًا. وبلغت خسائر الفلاحين هذا العام أكثر من ألف جنيه فى الفدان؛ لأن متوسط التكلفة الإجمالية للفدان يبلغ حوالى أربعة آلاف جنيه من إيجار للأرض وشراء لأسمدة وبذور ومبيدات ومصاريف جنى وزراعة ورى… الخ، وقدر سعر بيع محصول هذا العام بمتوسط 3500 جنيه، وبالتالى لم تتم حتى تغطية تكلفة عملية الزراعة، بالإضافة إلى صعوبة حصول الفلاح على المبيدات المستوردة أو حتى الحصص القانونية المخصصة له من الدولة، في ظل تعنت بنك الائتمان الزراعية معه، علمًا بأن أغلب تلك المبيدات تضعف التربة؛ باعتبارها مسرطنة، ويتم استيرادها عادة من إسرائيل. ورصد تقرير رسمي أصدرته وزارة الزراعة وصول إجمالي الزمام الزراعي لمصر إلى 9 ملايين و270 ألف فدان، منها 6 ملايين و95 ألف فدان بالأراضي القديمة، و3 ملايين و175 ألف فدان بالأراضي الجديدة المستصلحة. تعويم الجنيه مع انخفاض احتياطي البنك المركزي إلى 13 مليار دولار، أصبحت سياسة تعويم الجنيه هي السائدة؛ لصرف رواتب موظفي الدولة المقدرة بحوالي 120 مليار جنيه سنويًّا، حتى أصبحت قيمة الجنيه السوقية في أدنى مستوى لها، وعليه توقع صندوق النقد الدولي في تقرير آفاق النمو العالمي استمرار ارتفاع أسعار السلع في مصر، ووصول معدل التضخم إلى 13.5% خلال العام الجاري، مقارنة ب 10.1% في 2014، و6.9% في عام 2013.