صراع طائفي تحت سقف سياسي يشتعل هذه الأيام بين القوى السياسية اللبنانية، على خلفية الجلسة النيابية التي دعا لها " نبيه بري" رئيس مجلس النواب، من أجل عقد جلستين تشريعيتين يومي الخميس والجمعة المقبلين. تركز دعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى الجلسة التشريعية على معالجة المشاريع المالية المطروحة والمحكومة بمهل زمنية، في الوقت الذي مازالت فيه الأحزاب الثلاثة المسيحية: «التيار الوطني الحر» و«حزب القوات اللبنانية» و«حزب الكتائب»، تبدي رغبتها بعدم حضور الجلسة لافتقادها الميثاقية. إذا كان العنوان الخلافي الأساسي يتمثل في عدم إدراج "بري" لقانون الانتخابات على جدول الأعمال، فإن ثمة موضوعاً خلافياً كبيراً آخر بين القوى المسيحية وخاصة «التيار» و«القوات» من ناحية، و«تيار المستقبل» وحركة «أمل» ومعهم «حزب الله» وكل من يؤيد عقد الجلسة من ناحية ثانية، تحت عنوان مشروع قانون استعادة الجنسية للمغتربين اللبنانيين. المفارقة هنا أن ثمة اصطفافاً جديداً اليوم في المجلس النيابي، على هذا الصعيد، تبدو معركة القوى المسيحية في إقرار قانون استعادة الجنسية، يائسة، وفي المقابل يحاول تيار المستقبل إبراز ورقة «منح المرأة اللبنانية الجنسية لأولادها»، لا بل إن البعض يشير إلى مطالبات بأن تشمل هذه التعديلات أيضا زوج المرأة اللبنانية وليس فقط الأبناء. من المنتظر أن يؤدي هذا الأمر إلى أزمة فعلية، فالمسيحيون الذين يطالبون بإقرار استعادة الجنسية لا بمنحها، يخشون على توازنهم الطائفي في لبنان، لاسيما وأن استصدار قانون يعطي الأم اللبنانية القدرة على منح أبنائها جنسيتها، قد يؤدي بالضرورة إلى اختلال إضافي في التوازنات الطائفية في لبنان، إذ أنه يمنح الجنسية لنحو 300 ألف مسلم إضافي من جنسيات مختلفة، وهو أمر يجمع المسيحيون أنه يشكل خطراً عليهم. وعلى ضوء ما سبق؛ تطالب الأحزاب المسيحية بقانون استعادة الجنسية الذي يتطلع المسيحيون لإقراره لأنهم يرون أنه سيؤدي إلى استعادة التوازن في عدد الناخبين المسيحيين مقابل المسلمين، نظراً لأن الهجرة القديمة كان يغلب عليها الطابع المسيحي، الأمر الذي عارضه تيار"المستقبل"، إلا وفق بعض شروط اعتبرتها الأحزاب المسيحية تعجيزية، حيث يشترط على الراغب في استعادة الجنسية أن يقيم في لبنان 5 سنوات، وأن يتقدم بالمراجعة للحصول على الجنسية خلال سنتين من صدور القانون، وإلا فقد الحق بذلك. وفي هذا السياق؛ رفض وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، مقايضة استعادة الجنسية للبنانيين أصيلين بتجنيس آخرين من جنسيات أخرى، وتوقف عندها مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك، حين رفض البطريرك الماروني بشارة الراعي الربط بين المشروعين: «استعادة الجنسية» و «منح الجنسية»، ورد تيار المستقبل على اتهامه بالانغماس في اللعبة المذهبية، كون المتزوجين من اللبنانيات فلسطينيين وسوريين بمعظمهم، يقول «المستقبليون»: مَن قال إن المرأة اللبنانية تتزوج فقط من الرجل الفلسطيني والسوري؟ إنها في الواقع تتزوج من أزواج ينتمون الى جنسيات كثيرة، وهم بذلك ينفون «المقايضة» أو السعي إلى تجنيس السوريين والفلسطينيين بهدف زيادة أعداد المسلمون في لبنان.