«جئتكم اليوم حاملاً بندقية الثائر في يد وغصن الزيتون في اليد الأخرى، فلا تسقطوا غصن الزيتون الأخضر من يدي»، بهذه الكلمات وقف الرئيس الراحل ياسر عرفات أمام الأممالمتحدة في اجتماع الجمعية العامة عام 1974 وقتها وقف الشخص الذي ظل لسنوات طويلة «إرهابياً» في نظر الكثير من دول العالم، مدافعا عن القضية الفلسطينية مطالبًا العالم بالاعتراف بفلسطين وإنهاء الاحتلال. عرفات سياسي فلسطيني، وأحد رموز حركة النضال الفلسطيني من أجل الاستقلال، اشتهر بلقب «أبو عمّار»، كرس معظم أوقاته لقيادة النضال ضد الاحتلال، مطالبًا بحق شعبه في تقرير مصيره، رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية المنتخب في عام 1996، وهو القائد العام لحركة فتح، أكبر الحركات داخل المنظمة التي أسسها مع رفاقه عام 1959. ولد في القاهرة، 24 أغسطس عام 1929 واسمه محمد ياسر عبد الرحمن عبد الرؤوف القدوة الحسيني، وكان الولد السادس لأسرة فلسطينية تتكون من سبعة أفراد، ووالده كان يعمل في تجارة الأقمشة، درس الهندسة المدنية في جامعة الملك فؤاد "القاهرة حاليًا"، وترك الدراسة وتطوع في إحدى فرق الإخوان المسلمين التي حاربت في غزة، وتم حل المجموعات المسلحة للإخوان فعاد محبطًا إلى مصر حيث واصل دراسته في الهندسة. أسس في 10 أكتوبر 1959 مع خليل الوزير وصلاح خلف وخالد الحسن وفاروق القدومي حركة فتح، وهي اختصار لكلمات "حركة تحرير فلسطين" بشكل مقلوب، وفي 1 يناير 1965 بدأت العمليات المسلحة لحركة فتح، حيث تمت محاولة تفجير نفق عيلبون. أسس الرئيس الراحل ياسر عرفات في أعقاب حرب 1967، حلقات تدريبية لعدد من الشباب الفلسطيني على عمليات المقاومة ضد الكيان الصهيوني من خلال التسلل لنهر الأردن عبر الحدود، ومن خلالها تم توجيه ضربات قاتلة لإسرائيل، الأمر الذي لاقى هجومًا عنيفًا من العدو الإسرائيلي، بعدد من الدبابات والأسلحة الإسرائيلية لتفتيت قواعد المقاومة الفلسطينية، ولكنها باءت بالفشل وظهر من خلالها قوة وبطولة المقاومة الفلسطينية وتصديها لضربات العدو بأقل الإمكانيات. أجبرت المقاومة الفلسطينية وقتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على الانسحاب لما ألحقته بها من خسائر فادحة سواء بقوات الاحتلال أو بالمعدات المستخدمة، وأيقظت تلك المعارك روح المقاومة الفلسطينية من جديد وأحيت أمل تحرير فلسطين من يد العدو. ركز الزعيم الفلسطيني جهوده على العمل السياسي، الذي يبرع فيه، فكانت ذروة هذا العمل السياسي إعلان الاستقلال الفلسطيني وذلك سنة 1988، من قبل المجلس الوطني الفلسطيني، ولم يلبث عرفات أن انتُخب رسميًا كرئيس فلسطيني للسلطة الفلسطينية، في انتخابات كانت مراقبة من قبل الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، وفاز خلالها بنسبة 88% من الأصوات. بدأت الدوائر الأمريكية وأوساط من الحكومة الإسرائيلية وبعض السياسيين الإسرائيليين بالقول إن ياسر عرفات لم يعد يعتد به بمعنى عدم جدوى التفاوض معه، كان ذلك بعد مُباحثات كامب ديفيد وطابا، وفي هذه الأثناء ارتكبت عدة عمليات فدائية أسفرت عن مقتل كثير من الإسرائيليين، ومنعه الاحتلال من مغادرة رام الله. بالرغم من النداءات الدائمة التي قام بها الرئيس الراحل ياسر عرفات والأمين العام للأمم المتحدة وعدد من الزعماء، ل"آرئيل شارون" بعدم اقتحام المسجد الأقصى، فإنه لم يوافق وأقدم على محاولة اقتحام المسجد في سبتمبر عام 2000، الأمر الذي أثار غضب الشعب الفلسطيني، مما أدى إلى اندلاع الانتفاضة الثانية. وفي تطور مفاجئ، أعلن التلفزيون الإسرائيلي في 4 نوفمبر 2004 نبأ وفاة الرئيس عرفات سريريًا، وأن أجهزة "عرفات" الحيوية تعمل عن طريق الأجهزة الإلكترونية لا عن طريق الدماغ، وبعد مرور عدة أيام من النفي والتأكيد على الخبر من مختلف وسائل الإعلام، تم الإعلان الرسمي عن وفاته من قبل السلطة الفلسطينية في 11 نوفمبر 2004. دفن في مبنى المقاطعة بمدينة رام الله، بعد أن تم تشييع جثمانه في مدينة القاهرة، وذلك بعد الرفض الشديد من قبل الحكومة الإسرائيلية لدفن عرفات في مدينة القدس، كما كانت رغبه عرفات قبل وفاته. وتزامنًا مع ذكرى رحيل ابو عمار، كشف اللواء توفيق الطيراوي، رئيس لجنة التحقيق الفلسطينية بظروف وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، أن لجنة التحقيق "توصلت إلى الشخص الذي نفذ اغتيال الرئيس الراحل"، محملا إسرائيل المسئولية عن ذلك، وقال الطيراوي "يبقى لغز صغير فقط قد يحتاج إلى وقت لكشف بقية تفاصيل عملية الاغتيال"، لكنه رفض إعطاء المزيد من المعلومات حول المشتبه به وحول سير التحقيق. وكانت سهى عرفات تقدمت بشكوى ضد مجهول بعد اكتشاف مادة " البولونيوم 210″ وهي مادة مشعة مضرة جدا، على ملابس زوجها، لكن الخبراء المكلفين من قبل القضاة الفرنسيين استبعدوا مرتين فرضية التسمم، وقال خبراء روس إن وفاة عرفات هي "موت طبيعي"، وعلى العكس قال خبراء سويسريون استشارتهم أرملة عرفات أن نتائجهم "تدعم فرضية التسمم" بالبلوتونيوم، واتهم العديد من الفلسطينيين إسرائيل بالعملية، لكنها لا تزال تنفي أن تكون قد سممت ياسر عرفات.