مجددا؛ يتعزز تواجد القوات الأجنبية بالدول العربية، بعدما أصبح لبريطانيا موطيء عسكري استعماري على الأراضي العربية، ليرتفع عدد القواعد العسكرية الغربية في الخليج إلى خمس قواعد، فإلى جانب القاعدة العسكرية التي تستخدمها البحرية الأمريكية كمركز قيادة الأسطول الخامس في البحرين، وفضلا عن القواعد العسكرية الأخرى المنتشرة في دول خليجية عدة أبرزها قطر، وافقت البحرين على استعمار بريطاني جديد لجزء من أرضها عبر بناء قاعدة بحرية عسكرية بريطانية. احتلال بريطاني جديد شارك وزير الخارجية البريطاني "فيليب هاموند"، ونظيره البحريني "خالد بن حمد آل خليفة"، في وضع حجر الأساس وتدشين قاعدة بحرية بريطانية في البحرين، كان الطرفان قد اتفقا على إقامتها في ديسمبر عام 2014، وأطلق عليها اسم "إتش إم إس الجُفير"، وتقام في ميناء الملك "سلمان"، كما تكفلت البحرين بمعظم ما استلزمه إنشاء هذه القاعدة من تكاليف بلغت 23 مليون دولار. وقال "هاموند"، إن هذه الخطوة تعكس التعاون بين البلدين في كافة المجالات ومن بينها المجال الأمني، وأضاف أن "إنشاء هذه القاعدة يؤكد التزام بريطانيا تجاه أمن البحرين ودول الخليج العربي، وأن أمن منطقة الخليج من أمن المملكة المتحدة"، فيما قال وزير الدفاع البريطاني "مايكل فالون"، "سيتم الآن تمركزنا من جديد في الخليج على المدى البعيد"، وأوضح أنه بموجب هذه الاتفاقية "سيتمّ تحسين المنشآت الموجودة في ميناء سلمان بالبحرين حيث توجد 4 سفن حربية بريطانية بشكل دائم"، كما يعتزم توسعة هذه القاعدة لاحقا لتصبح قاعدة عمليات جديدة متقدّمة ومكانا لتخزين المعدات للعمليات البحرية وإيواء أفراد البحرية الملكية البريطانية. من جانبه؛ قال وزير خارجية البحرين "خالد بن أحمد آل خليفة"، إن "هذه الخطوة تعكس التعاون الوثيق بين البلدين الصديقين في المجالات كافة ومن بينها المجال الأمني، وحرصهما على الارتقاء بمستويات التعاون بينهما بما يلبي طموحاتهما ويزيد من مصالحهما المشتركة"، وأضاف، أن "المملكة المتحدة من الدول الرئيسة التي تسهم بنصيب ملموس في تعزيز أمن واستقرار المنطقة والعالم، وإنشاء مقر التسهيلات البحرية البريطانية في المملكة يجسد التزام المملكة المتحدة تجاه مملكة البحرين والمنطقة بشكل عام". ببناء هذه القاعدة تصبح أول قاعدة عسكرية بريطانية تقام في منطقة الشرق الأوسط بعد 44 عاما من الانسحاب البريطاني الذي يعود إلى عام 1971، في إطار خطتها للانسحاب من "شرق السويس"، محتفظة بقاعدتين في جزيرة قبرص على البحر المتوسط، كما أنه يمثل عودة قوية لبريطانيا في منطقة شرق السويس والخليج العربي، وهي خطوة إستراتيجية للبحرية الملكية البريطانية. ضريبة الصمت إنشاء القاعدة العسكرية البريطانية في البحرين يأتي في الوقت الذي تستمر فيه الإنتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في البحرين؛ وسط صمت دولي وغربي من قبل المنظمات الحقوقية والإنسانية التي من ضمنها منظمات بريطانية، وهو ما دفع البعض إلى اعتبار القاعدة العسكرية مكافأة بحرينية على الصمت البريطاني. وكانت عدد من المنظمات الحقوقية قد أعربت عن قلقها العميق إزاء الإتفاقية بين الحكومة البريطانية ونظيرتها البحرينية على إنشاء قاعدة عسكرية في ظل هذه الانتهاكات الخطيرة التي تحدث في البحرين، باعتبار أن الاتفاقية ستؤثر بالضرورة على نزاهة تقارير المنظمات الحقوقية المعنية لهذا البلد، ودعت المنظمات وزارة الدفاع البريطانية إلى تعليق الاتفاقية مع البحرين، حتى يتم معالجة انتهاكات حقوق الإنسان والعمل على إنجاز الإصلاح السياسي الحقيقي. وقالت إحدى قيادي حملة "كات" ضد تجارة الأسلحة في البحرين، إن "الاتفاقية البحرينية البريطانية دليل واضح على أن مبيعات الأسلحة والعلاقات العسكرية لها الأولوية بالنسبة للبحرين المتحدة قبل حقوق الإنسان والديمقراطية"، وأضافت "يجب أن يكون هناك حظرًا على جميع مبيعات الأسلحة إلى النظام في البحرين، وإنهاء الدعم السياسي واسع النطاق الذي يتلقاه من الحكومة البريطانية". تاريخ القواعد العسكرية الأجنبية مع انتهاء حرب الخليج الثانية مطلع التسعينيات، استضافت الكويت "معسكر الدوحة"، الذي يضم أفراد الفرقة الثالثة الأمريكية مشاة ومجندين في سلاح الجو، إضافة إلى وحدات القوات الخاصة سريعة الانتشار، مع كامل معداتهم وأسلحتهم وعداتهم. أما البحرين فيعود تواجد القوات الغربية فيها إلى منتصف القرن التاسع عشر مع الاستعمار البريطاني، وفي القرن العشرين وبالتحديد في عام 1967، قررت بريطانيا نقل قاعدتها البحرية الرئيسية في المنطقة من عدن الى البحرين، إلا أنها قررت في عام 1968 إغلاق قواعدها المتواجدة على امتداد شرق قناة السويس مع حلول عام 1971، لكن الفراغ الأجنبي الذي تركته بريطانيا سريعًا ما عوضته أمريكا حيث سمحت البحرين للأسطول الأمريكي الخامس عام 1995، أن يرسوا قرب المنامة محملا ب 4200 جندي أمريكي، كما يضم حاملة طائرات أمريكية وعددًا من الغواصات الهجومية والمدمرات البحرية، وأكثر من 70 مقاتله إضافة لقاذفات القنابل والمقاتلات التكتيكية، وطائرات التزود بالوقود المتمركزة بقاعدة "الشيخ عيسى" الجوية. تستضيف قطر قاعدة "العديد" منذ عام 2003، وهي المسئولة عن تقديم الدعم اللوجستي، ومكان إصدار الأوامر للقيادة المركزية لقيادة المنطقة الوسطى للولايات المتحدةالأمريكية، بما في ذلك العراق وأفغانستان، فيما أنشأت الإمارات قاعدة جوية ومستودعات متعددة لأغراض الدعم اللوجيستي، إضافة إلى ميناءين هامين يطلان على مياه الخليج العميقة عام 2009، حيث أن الإمارات تُعد مقرًا للقوّات الأجنبية، منها أستراليا وفرنسا وكوريا الجنوبية وأمريكا.