بعد 43 عامًا من انسحاب بريطانيا من الخليج العربى، يعود الأسد البريطانى لمياه الخليج مرة أخرى، بعد أن أعلنت كل من لندنوالمنامة عن توقيع اتفاق لإقامة قاعدة عسكرية بريطانية جديدة فى البحرين، وستصبح تلك القاعدة أول قاعدة عسكرية بريطانية فى الشرق الأوسط منذ انسحابها من المنطقة عام 1971. ووصف الأمير سليمان بن حمد آل خليفة ولى العهد البحرينى العلاقات البحرينية البريطانية بأنها علاقات تاريخية وذات بعد استراتيجى مهم ومؤثر، وأن البلدين يشتركان معًا فى تعزيز الجهود الرامية لمواجهة شتى التحديات الأمنية فى المنطقة والشرق الأوسط، والحد من التوترات والصراعات التى تعوق مسارات التنمية. وأشاد ولى العهد البحرينى بالتنسيق العسكرى والتعاون الدفاعى بين البلدين، ودعم المملكة المتحدة للتوجهات الإصلاحية فى مملكة البحرين. كما أوضح وزير الخارجية البريطانى فيليب هاموند أن الاتفاق من شأنه أن يسمح لبريطانيا بتشغيل سفن أكثر عددًا وأكبر حجمًا فى الخليج على المدى الطويل. وجاء فى بيان الخارجية البريطانية «إن الاتفاق الذى وقع يهدف إلى تعزيز التعاون فى مواجهة التهديدات فى المنطقة، وسيسمح بتحسين المنشآت القائمة فى ميناء سلمان، حيث ترسو أربع سفن حربية بريطانية لمكافحة الألغام بشكل دائم؟. وقال هاموند:«إن هذا الاتفاق سيوجد موقعًا مستديمًا للبحرية البريطانية فى البحرين، سيستوعب حاملات جديدة للطائرات ومدمرات». وتأتى سياسة تعزيز الوجود البريطانى فى الخليج، ضمن إعادة رسم الاستراتيجية البريطانية بعد الخروج من أفغانستان، وإعادة توزيع القوات البريطانية فى المناطق المهمة حول العالم. كما أعرب وزير الدفاع البحرينى الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة أن بلاده تتطلع إلى تنفيذ الاتفاق واستمرار العمل مع المملكة المتحدة وباقى شركائها لمواجهة التحديات الإقليمية التى تواجه المنطقة. وقالت وزارة الدفاع البريطانية إن «هذه القاعدة الجديدة لتوسيع دائم لوجود البحرية الملكية، وبالتالى ستمكن بريطانيا من إرسال سفن أكثر وأكبر لتعزيز الاستقرار فى الخليج». وتستخدم بريطانيا هذه القواعد كنقطة انطلاق لجنودها، وستستخدم ساحل البحرين لاستيعاب بوارج حربية وبحارة بريطانيين فى مرحلة ما بعد أفغانستان، وتستخدم هذه القاعدة أيضًا لدعم المدمرات والفرقاطات البريطانية فى الخليج، ويعزز من قدرة بريطانيا على القيام بمناورات وتدريبات مع دول المنطقة. ومن المقرر أن تتحمل البحرين معظم تكلفة القاعدة البريطانية التى ستتكلف حوال 23 مليون دولار، بينما تتحمل بريطانيا تكلفة التشغيل. وكان وزير الدولة البحرينى للشئون الخارجية غانم البوعينين قد صرح تعليقًا على توقيع الاتفاق وقال:«تغير الوضع اليوم، وهناك تهديدات قائمة لأمن الخليج، وقوى إقليمية جديدة برزت على الساحة، والبحرين من حرصها على حماية الأمن الإقليمى فى المنطقة أبرمت هذا الاتفاق». وأشار إلى أن التواجد البريطانى الجديد سيكون رسالة واضحة بأن لدينا حلفاء مخلصين معنا، ونعمل معهم بتنسيق كامل لمن يريد تهديد الأمن الإقليمى ككل. وجدير بالذكر أن البحرين قد وقعت عام 1971 اتفاقية مع الولاياتالمتحدة تقوم بموجبها بتوفير تسهيلات للبحرية الأمريكية، وفى عام 1991 وقع البلدان اتفاقية أشمل للتعاون الدفاعى مدتها 10 سنوات نصت على تقديم تسهيلات أكبر للقوات الأمريكية ومنحها الحق فى التمركز لمعداتها وعتادها، ويتمركز نحو 3000 عسكرى أمريكى فى قاعدة «الجفير» العسكرية القريبة من المنامة التى تضم مركز قيادة الأسطول الخامس، والتى أصبحت المقر العام للقوات البحرية التابعة للقيادة المركزية الأمريكية الوسطى منذ عام 1993، ويضم الأسطول الخامس حاملة طائرات وعددًا من الغواصات الهجومية والمدمرات وأكثر من 70 مقاتلة، إضافة لقاذفات القنابل وطائرات التزود بالوقود المتمركزة بقاعدة الشيخ عيسى الجوية.