عصر "فؤاد الأول" يشهد بداية الاستجوابات البرلمانية 4 استجوابات فقط في عصر "ناصر" تتولى المجالس النيابية سلطة التشريع وسن القوانين، وسلطة الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، وتحدد الدساتير، كما تنظم العلاقة بين السلطات المختلفة فيما يختص بمباشرة هذه المهام التشريعية والرقابية. وتتعدد وسائل الرقابة البرلمانية، ومن أهمها: الأسئلة، وطلبات الإحاطة وطلبات المناقشة العامة ولجان تقصى الحقائق والاستجوابات، في هذا الشأن صدر حديثًا كتاب "أشهر الاستجوبات البرلمانية- من عصر الملك فؤاد الأول إلى عصر مبارك"، للكاتب إيهاب شام، في طبعة ثانية عن الهيئة العامة لقصور الثقافة. يتناول الكتاب تاريخ مصر من خلال رصد وتحليل ما حدث فى الفترة من عصر الملك فؤاد الأول إلى عصر مبارك من خلال التركيز على مشاهد أشهر الاستجوابات البرلمانية فى تاريخ مصر، ويبدأ الكتاب برصد تجربة مجلس شورى النواب. يقول الكاتب في المقدمة "أحسب أن النضال ضد الاحتلال كان فرصة لبروز عناصر جديدة في الحياة السياسية بمصر، حقيقة كما كان النفوذ الأجنبي أو الإنجليزي تحديداً فى مصر قبل عام 1882 أقل من أن يطاول النفوذ الفرنسي والمعارض له. وظلت العناصر المؤثرة في العمل السياسي في هذه الفترة موزعة بين القصر والبلاط والشعب، وكان مجلس شورى النواب قد تكون على النمط الأوروبي كما أراده الخديوي إسماعيل، ليحقق به حكماً أوتوقراطياً، ولكن هذه الفكرة سرعان ما تعثرت بإقامة مجلس شورى القوانين والجمعية العمومية في عام 1883، حيث تعذرت البرهنة على تأثير الفكر الأوروبي الغربي في المجلس أو بين المواطنين". وأضاف الكاتب "أن مصر كانت هي الدولة الأولى من بين الدول الناطقة باللغة العربية، التي خرجت على الحكم التركي أيام محمد على، وكان التأثير الأدبي والاجتماعي التركي واضحًا على السياسي بالتبني التدريجي للأفكار الغربية في محاولة وضع نظام للحكومة والحياة السياسية على النمط الأوروبي الغربي . ففي عام 1866 أنشأ إسماعيل باشا مجلس شورى القوانين على النمط الغربى، ومر 60 عامًا على هذا المجلس حتى يمكن أن يتحول بعد ذلك إلى شىء بشبه المجالس النيابية الغربية التي أقيم على نمطها". بدأ أول استجواب فى تاريخ مصر فى 29 أبريل 1924 فى عصر الملك فؤاد الأول، وقد استعرض إنفاق الحكومة المصرية في السودان، وقدم الاستجواب اللواء موسى فؤاد، مستجوبا وزير المالية آنذاك محمد توفيق نسيم. وأشار نسيم أن الخزانة المصرية من عام 1899 وحتى 1912 صرفت أكثر من 5 مليون جنيه لسد عجز ميزانية حكومة السودان، وأن كل ما بنته مصر فى السودان من السكك الحديدية أو موانئ أو وابورات نيلية وإعمار مدينة الخرطوم يعد دين على حكومة السودان، ولم تتنازل عنه مصر، وأن التجريدات التى بنيت لقمع الثورات بعد فتح السودان كانت وزارة الحربية هى المسئولة عنها، وعندما سئل عن عدم تسوية الديون حتى الآن، اكتفى برده أن الذنب فى ذلك ليس ذنبه. وفى عام 1926 أقيم استجواب حول أموال الحكومة والسماد الكيماوي الذى لم تسدد ناحية قلمشاه مركز إطسا مديرية الفيوم، واتهام العمدة وشيخ البلد والصراف ومفتش الزراعة بغش الحكومة، حيث أجازوا لعمدة قلمشاه بأن يأخذ سمادا على أطيان منزوعة ملكيتها، وكان رد وزير المالية أنه سيكتب للداخلية لاتخاذ الإجراءات اللازمة مع العمدة وشيخ البلد، ووزارة الزراعة للتعامل مع مفشتها، أما الصراف فستتخذ وزارة المالية الإجراءات اللازمة معه. وكشف الاستجواب عن تقصير الحكومة بتطهير بحر بسنديله وعدم توزيع المياه توزيعا عادلا، فيقع الظلم على صغار الملاك، لصالح الشركات الأجنبية، فكان رد الحكومة أنها ستقوم بعمل كل ما تسمح به ميزانية هذا العام، وتدرج فى الميزانية المقبلة المبالغ التى تلزم بعد ذلك. ومن الاستجوابات، الشهيرة التي يرصدها الكاتب، استجوابًا لوزير الداخلية عدلى يكن، حول تعيينه نائبا لغبطة البطريرك، وجاء فى رد الوزير أنه تم ذلك بعد أن ساءت حالة الطائفة القبطية، بعد أن قام رجال الأكليروس وحاشية غبطة البطريرك بتبديد أموال أوقاف الطائفة، وتصرفوا فيها وفقا لأهوائهم، لذا تم إقامة وظيفة نائب بطريركى خاصة بعد أن حالت شيخوخة غبطة البطريرك ومرضه الشديد دون القيام بعمله، وأن تزكيات المنصب قام بها كبار أعيان الطائفة. وأوضحت الدراسة أن عصر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، شهد طرح مجلس الأمة 4 استجوابات برلمانية فقط، منها واحد موجه إلى وزير السياحة من العضو على الششينى، حول أحد مصانع الألبان، وثانٍ موجه إلى وزير التموين من العضو ذاته، عن سياسة الوزارة فى تصنيع علف الماشية. وفى عهد الرئيس الراحل أنور السادات، جاء فى الدراسة أن من بين الاستجوابات المهمة، استجواب وجه إلى وزير التموين والتجارة الداخلية، من العضو مصطفى كامل مراد، عن سوء توزيع السلع التموينية الأساسية ومخالفة بعض أحكام الدستور. أما عصر الرئيس الأسبق حسنى مبارك، فمن أهم استجواباته، الذى تقدم به النائب أحمد طه أحمد إلى الدكتور على لطفى، رئيس مجلس الوزراء، حول أحداث الأمن المركزى، وانعكاسها على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.