اليوم.. "الوطنية للانتخابات" تعلن القائمة النهائية لمرشحي مجلس الشيوخ    وزير المالية: ملتزمون بتحسين بيئة الأعمال وتنفيذ خطط إصلاح حقيقية وملموسة    المشاط تعقد اجتماعًا موسعًا مع منظمات الأمم المتحدة و التمويل الدولية لبحث تنفيذ مخرجات المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية    جامعة برج العرب التكنولوجية ومديرية العمل بالإسكندرية يوقعان مذكرة تفاهم    الكرملين: العقوبات الأوروبية الجديدة «غير قانونية» وستؤدي لنتائج عكسية    حشود قبلية تتوجه نحو السويداء بعد "النفير العام" لنصرة عشائر البدو    وزير الخارجية يواصل اتصالاته لخفض التصعيد بين إيران وإسرائيل وتفعيل المسار الدبلوماسي    ألمانيا تنتقد تصرفات إسرائيل في غزة: الأحداث في القطاع لم تعد مقبولة    بعثة الأهلي تصل إلى تونس لخوض معسكر الإعداد للموسم الجديد    محافظ القليوبية يتابع تحرك كوبري مشاة بطوخ بعد اصطدام بلدوزر به    انهيار عقار مكون من 3 طوابق بمنطقة الساحل وانتشال مصابين    كيف تحمي نفسك من الإجهاد الحراري؟.. الصحة توضح أعراض الخطر وطرق الإنقاذ    1810 فرصة عمل جديدة فى 35 شركة خاصة فى 11 محافظة    التعليم العالي: 40 ألف طالب يسجلون في يوم واحد باختبارات قدرات الجامعات    زلزال بقوة 4.6 درجة على مقياس ريختر يضرب محافظة سمنان الإيرانية    وزير الدفاع البريطانى السابق يدافع عن استخدام القضاء لمنع كشف تسريب بيانات    صور| بعد ملاحظة تورم في رجليه.. ترامب يعاني من قصور وريدي مزمن    يمامة: لا علاقة لحزب الوفد بالقرآن الكريم وكنت أقصد اللفظ    نصر أبو الحسن وعلاء عبد العال يقدمون واجب العزاء في وفاة ميمي عبد الرازق (صور)    عاشور وناجي في القائمة النهائي لحكام أمم إفريقيا للمحليين    «مليار دولار».. تفاصيل عرض سعودي لضم فينيسيوس إلى عملاق جدة    استقرار أسعار النفط وسط هجمات كردستان ومخاوف الرسوم الجمركية    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد إبراهيم الدسوقي بكفر الشيخ    تعرف على حالة الطقس المتوقعة اليوم الجمعة 18 يونيو وأجواء شديدة الحرارة على معظم المناطق    الداخلية: ضبط مخدرات وأسلحة بقيمة 50 مليون جنيه| صور    أنغام وهانى فرحات كيميا ناجحة تطرب جمهور مهرجان العلمين الجديدة اليوم    الرواية الفلسطينية وجيل ما بعد الانتفاضتين    نانسي عجرم تطرح ألبومها الجديد "Nancy 11" يعكس رحلتها الفنية    6 أبراج شخصيتهم تؤهلهم للعمل بالهندسة.. هل أنت منهم؟    ب عروض لفرقة التنورة.. انطلاق الموسم الخامس من مهرجان صيف بلدنا بمطروح (صور)    الاثنين.. ندوة "التراث في عيون صناع الأفلام القصيرة" وعرض 4 أفلام بنادي سينما المرأة    الليلة.. دار الأوبرا تستقبل انطلاق فعاليات المهرجان الصيفي للموسيقى والغناء    ما الحكمة من مشروعية صلاة الجمعة في جماعة؟.. الإفتاء توضح    الأنبا إنيانوس يرسم شمامسة جدد للخدمة في إيبارشية بني مزار    الرعاية الصحية وهواوي تطلقان أول تطبيق ميداني لتقنيات الجيل الخامس بمجمع السويس الطبي    الكشف المجاني على 480 مواطنا بقافلة قريتي الروضة ببئر العبد والميدان بالعريش    استمرار إصلاح كسر خط مياه لإعادة الحركة المرورية لمحور الأوتوستراد    بعد رفع كوبري مشاه طوخ.. عودة الحركة المرورية لطبيعتها بالطريق الزراعي    قبل ترويجها للسوق السوداء.. ضبط 4 طن من الدقيق الأبيض والبلدي    "كل ابن آدم خطاء".. مروان حمدي يعتذر لجماهير الإسماعيلي    ننشر سعر اليورو اليوم الجمعة 18 يوليو 2025 بالبنك المركزى المصرى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 18-7-2025 في محافظة قنا    مانديلا العرب ينال حريته.. فرنسا تفرج عن جورج عبد الله.. اعرف قصته    عبر من مكان غير شرعي.. تفاصيل مصرع فلاح وحماره صدمهما قطار بالبدرشين    الأهلي يغادر القاهرة لبدء معسكر تونس    رئيس جامعة قناة السويس يُعلن اعتماد وحدة السكتة الدماغية كمركز دولي من "WSO" العالمية    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فشكراً أشرف!?    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الجمعة 18 يوليو    موعد إعلان نتيجة الثانوية العامة 2025 برقم الجلوس عبر الموقع الرسمي للوزارة    رابط تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. قائمة كاملة بالكليات والمعاهد المتاحة لطلاب دبلوم صنابع    انخفاض أسعار الذهب الفورية اليوم الجمعة 18-7-2025    الهاني سليمان: الأهلي لا تضمنه حتى تدخل غرف الملابس.. والزمالك أحيانا يرمي "الفوطة"    أبرزها حبس رجال الأعمال.. وزير العمل يوضح كيف اعترض النواب على قانون العمل الجديد    هل تعد المرأة زانية إذا خلعت زوجها؟ د. سعد الهلالي يحسم الجدل    عم الأطفال الخمسة المتوفين بالمنيا: الطفل يكون طبيعيا 100%.. ويموت خلال ساعة من ظهور الأعراض    «حزب الوفد مذكور في القرآن».. مظهر شاهين يهاجم يمامة: كتاب الله ليس وسيلة للدعاية    «لمصلحة الفريق».. الهاني سليمان يرد على هجوم البعض بسبب تضيعه للوقت    حان وقت الانتهاء من المهام المؤجلة.. برج العقرب اليوم 18 يوليو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعيش وتفتكر| طه حسين.. عميد الأدب المتهم بالزندقة
نشر في البديل يوم 28 - 10 - 2015

ولد يوم الجمعة 15 نوفمبر 1889، ليكون سابع أولاد أبيه، في قرية الكيلو قريبة من مغاغة إحدى مدن محافظة المنيا في الصعيد الأوسط المصري، وما مر على عيني الطفل أربعة من الأعوام حتى أصيبتا بالرمد ما أطفا النور فيهما إلى الأبد، وكان والده موظفًا صغيرًا في شركة السكر، أدخله أبوه كتاب القرية للشيخ محمد جاد الرب، لتعلم العربية والحساب وتلاوة القرآن الكريم وحفظه في مدة قصيرة أذهلت أستاذه ووالده الذي كان يصحبه أحيانا لحضور حلقات الذكر، والاستماع عشاء إلى عنترة بن شداد أسيرة عنترة، وأبو زيد الهلالي.
عميد الأدب والثقافة العربية، طه حسين، الذي تمر ذكرى وفاته اليوم، سنة 1902 دخل الأزهر للدراسة الدينية، والاستزادة من العلوم العربية، فحصل فيه ما تيسر من الثقافة، ونال شهادته التي تخوله التخصص في الجامعة، لكنه ضاق ذرعاً فيها، فكانت الأعوام الأربعة التي قضاها فيها، وهذا ما ذكره هو نفسه، وكأنها أربعون عاماً وذلك بالنظر إلى رتابة الدراسة، وعقم المنهج، وعدم تطور الأساتذة والشيوخ وطرق وأساليب التدريس.
ولما فتحت الجامعة المصرية أبوابها سنة 1908 كان طه حسين أول المنتسبين إليها، فدرس العلوم العصرية، والحضارة الإسلامية، والتاريخ والجغرافيا، وعدداً من اللغات الشرقية كالحبشية والعبرية والسريانية، و ظل يتردد خلال تلك الحقبة على حضور دروس الأزهر والمشاركة في ندواته اللغوية والدينية والإسلامية. ودأب على هذا العمل حتى سنة 1914، وهي السنة التي نال فيها شهادة الدكتوراة وموضوع الأطروحة هو: "ذكرى أبي العلاء" ما أثار ضجة في الأوساط الدينية ، وفي ندوة البرلمان المصري إذ اتهمه أحد أعضاء البرلمان بالمروق والزندقة والخروج على مبادئ الدين الحنيف.
وفي العام نفسه، أي في عام 1914 أوفدته الجامعة المصرية إلى مونبيلية بفرنسا، لمتابعة التخصص والاستزادة من فروع المعرفة والعلوم العصرية، فدرس في جامعتها الفرنسية وآدابها، وعلم النفس والتاريخ الحديث. بقي هناك حتى سنة 1915، سنة عودته إلى مصر، فأقام فيها حوالي ثلاثة أشهر أثار خلالها معارك وخصومات متعددة، محورها الكبير بين تدريس الأزهر وتدريس الجامعات الغربية ما حدا بالمسؤولين إلى اتخاذ قرار بحرمانه من المنحة المعطاة له لتغطية نفقات دراسته في الخارج، لكن تدخل السلطان حسين كامل وحال دون تطبيق هذا القرار، فعاد إلى فرنسا من جديد لمتابعة التحصيل العلمي، ولكن في العاصمة باريس فدرس في جامعتها مختلف الاتجاهات العلمية في علم الاجتماع والتاريخ اليوناني والروماني والتاريخ الحديث وأعد خلالها أطروحة الدكتوراة الثانية وعنوانها: (الفلسفة الاجتماعية عند ابن خلدون).
كان ذلك سنة 1918 إضافة إلى إنجازه دبلوم الدراسات العليا في القانون الروماني، والنجاح فيه بدرجة الإمتياز، وفي غضون تلك الأعوام كان قد تزوج من سوزان بريسو الفرنسية السويسرية التي ساعدته على الإطلاع أكثر فأكثر بالفرنسية واللاتينية، فتمكن من الثقافة الغربية إلى حد بعيد.
كان لهذه السيدة عظيم الأثر في حياته فقامت له بدور القارئ فقرأت عليه الكثير من المراجع، وأمدته بالكتب التي تم كتابتها بطريقة بريل حتى تساعده على القراءة بنفسه، كما كانت الزوجة والصديق الذي دفعه للتقدم دائماً وقد أحبها طه حسين حباً جماً، ومما قاله فيها أنه "منذ أن سمع صوتها لم يعرف قلبه الألم"، وكان لطه حسين اثنان من الأبناء هما: أمينة ومؤنس.
أول أستاذ لطه حسين, كان الشيخ محمد جاد الرب, الذي علمه مبادئ القراءة والكتابة والحساب، وتلاوة القرآن الكريم في الكتاب الذي كان يديره بمغاغة في عزبة الكليو.
في الأزهر تلقى العلم على يد عدد من الأساتذة والمشايخ أبرزهم: سيد المرصفي, والشيخ مصطفى المراغي, والشيخ محمد بخيت, والشيخ عطا, والشيخ محمد عبده, وقد أعجب بادئ الأمر كثيراً بآراء هذا الأخير واتخذه مثالاً في الثورة على القديم والتحرر من التقاليد.
في الجامعة المصرية تتلمذ على يد كل من أحمد زكي في دروس الحضارة الإسلامية, أحمد كمال باشا, في الحضارة المصرية القديمة, والمستشرق جويدي في التاريخ والجغرافيا. اما في الفلك فتتلمذ على كرنك نللينو, وفي اللغات السامية القديمة على المستشرق ليتمان، وفي الفلسفة الإسلامية على سانتلانا, وفي تاريخ الحضارة الشرقية القديمة على ميلوني، والفلسفة على ماسينيون, والأدب الفرنسي على كليمانت.
أما في جامعة باريس فدرس التاريخ اليوناني على غلوتسس, والتاريخ الروماني على بلوك, والتاريخ الحديث على سيغنوبوس, وعلم الاجتماع على اميل دوركايم، وقد أشرف هذا ومعه بوغليه على أطروحته عن فلسفة ابن خلدون الاجتماعية, بمشاركة من بلوك وكازانوفا.
في عام 1926 ألف طه حسين كتابه المثير للجدل "في الشعر الجاهلي" وعمل فيه بمبدأ ديكارت وخلص في استنتاجاته وتحليلاته أن الشعر الجاهلي منحول، وأنه كتب بعد الإسلام ونسب للشعراء الجاهليين. تصدى له العديد من علماء الفلسفة واللغة ومنهم: مصطفى صادق الرافعي والخضر حسين ومحمد لطفي جمعة والشيخ محمد الخضري ومحمود محمد شاكر وغيرهم. كما قاضى عدد من علماء الأزهر طه حسين إلا أن المحكمة برأته لعدم ثبوت أن رأيه قصد به الإساءة المتعمدة للدين أو للقرآن. فعدل اسم كتابه إلى "في الأدب الجاهلي" وحذف منه المقاطع الأربعة التي اخذت عليه.
دعا طه حسين من نهضة أدبية، وعمل على الكتابة بأسلوب سهل واضح مع المحافظة على مفردات اللغة وقواعدها، ولقد أثارت آراءه الكثيرين كما وجهت له العديد من الاتهامات، ولم يبالي طه بهذه الثورة ولا بهذه المعارضات القوية التي تعرض لها ولكن أستمر في دعوته للتجديد والتحديث، فقام بتقديم العديد من الآراء التي تميزت بالجرأة الشديدة والصراحة فقد أخذ على المحيطين به ومن الأسلاف من المفكرين والأدباء طرقهم التقليدية في تدريس الأدب العربي، وضعف مستوى التدريس في المدارس الحكومية، ومدرسة القضاء وغيرها، كما دعا إلى أهمية توضيح النصوص العربية الأدبية للطلاب، هذا بالإضافة لأهمية إعداد المعلمين الذين يقومون بتدريس اللغة العربية، والأدب ليكونا على قدر كبير من التمكن، والثقافة بالإضافة لاتباع المنهج التجديدي، وعدم التمسك بالشكل التقليدي في التدريس.
توفى طه حسين يوم الأحد 28 أكتوبر 1973. وقال عنه عبَّاس محمود العقاد إنه رجل جرئ العقل مفطور على المناجزة، والتحدي فاستطاع بذلك نقل الحراك الثقافي بين القديم، والحديث من دائرته الضيقة التي كان عليها إلى مستوى أوسع وأرحب بكثير.
وقال عنه الدكتور إبراهيم مدكور "اعتدّ تجربة الرأي وتحكيم العقل، استنكر التسليم المطلق، ودعا إلى البحث، والتحري، بل إلى الشك والمعارضة، وأدخل المنهج النقدي في ميادين لم يكن مسلَّمًا من قبل أن يطبق فيها. أدخل في الكتابة والتعبير لونًا عذبًا من الأداء الفني حاكاه فيه كثير من الكُتَّاب وأضحى عميدَ الأدب العربي بغير منازع في العالم العربي جميعه". أنتج له عملا باسم مسلسل الأيام قام بدور البطولة أحمد زكي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.