132 قرية تعاني التلوث.. و43 ألف فدان تروى بمخلفات المصانع آلاف المواطنين مصابون بأمراض الكلى والكبد نتيجة انتشار السموم الأهالي يتطلعون لوعد الرئيس بتطبيق تجربة سنغافورا في الري مازال آلاف المواطنين بمحافظات الدلتا في انتظار تحقيق حلمهم بالتخلص من كابوس مصرف "عمر بك" ليعيشوا حياة آدمية وصحية بعد معاناة استمرت لعشرات السنين. يمثل المصرف، والذي ترجع تسميته إلى أحد الإقطاعيين السابقين بمدينة المحلة بمحافظة الغربية حيث كان يمتلك آلاف الأفدنة التي كانت تروى منه وأُطلق عليه هذا الاسم، الكابوس الذي يؤرق حياة المواطنين يوميا بعد أن تحول لمصدر تهديد لأرواح الآلاف نتيجة التلوث القاتل الناتج عنه، وارتفاع نسب الإصابة بأمراض الكبد بين أبناء محافظتي الغربيةوالدقهلية إلى أعلى نسبة على مستوى محافظات الجمهورية فضلا عن تلوث المحاصيل الزراعية التي تروى منه. يبلغ طول المصرف نحو 8 كيلومترات، ويخدم 43 ألف فدان، وتتراكم به الملوثات الناتجة عن الصرف الصناعي والمصانع بمحافظاتالغربية والمنوفية وكفر الشيخوالدقهلية، ويمتلئ بآلاف الأطنان من المخلفات الكيماوية الخطرة من مصانع الجلود والمنسوجات والكيماويات بالمحلة والمنطقة الصناعية بقويسنا، فضلا عن آلاف الأطنان من القمامة والحشائش علي جانبيه، مما تسبب في تلف المحاصيل الزراعية خاصة محصول الأرز الذي يعد المحصول الرئيسي ببعض قرى مركز المحلة. ويمر المصرف بنحو 188 قرية من مركز زفتى بالغربية بقرية شبرا اليمن، مرورا بطنطا والمحلة وسمنود وأكثر من 45 قرية بمحافظة الدقهلية، ليصب ملوثاته في نهر النيل فرع دمياط. اقتراح السيسى هل ينقذ الاهالى يقول محمد فتحي، من أهالي قرية الناصرية بسمنود، "تقدمنا بالعديد من الشكاوى للحكومة ووزارة الري لإنقاذنا من تلك الكارثة على مدار أكثر من 10 سنوات ولا حياة لمن تنادي، حتي جاء الرئيس السيسي، لإنقاذنا من تلك الكارثة بعد تدخله بتوجيه الحكومة ووزارة الري لإيجاد حل لأزمة الملوثات بمصرف عمر بك بالغربية، خاصة بعد الزيارة التي قام بها الرئيس إلى سنغافورة والاطلاع على تجربتها في تحويل مياه الصرف الصناعي إلى مياه للري، والتخلص الآمن من المخلفات، فالأمراض تفتك بالشباب والرجال بالقرى الواقعة على المصرف خاصة أمراض الكبد نتيجة التلوث الناتج عن القمامة ومخلفات المصانع وإلقائها بالمصرف دون أي رقابة أو اكتراث لصحة المواطنين". وقال مسعد عامر، من قرية السجاعية بالمحلة، إن المصرف يحمل بداخله جميع أنواع الأمراض السرطانية، والحكومة تعرف جيدا أن الكيماويات الناتجة عن مصانع الغزل والنسيج والصباغة والجلود تصرف في هذا المصرف ولم يهتم أحد. أما محمد حلمي، فلاح، فقال "نروي أراضينا بمياه المصرف الملوثة بالصرف الصحي والصناعي، وليس أمامنا بديل آخر، ومهددون بخراب بيوتنا بسبب زيادة نسبة الملوحة في أرضنا"، وتابع "أراضينا مهددة بالبوار وأجسادنا تنهشها الأمراض"، موجها استغاثة للحكومة بسرعة تنفيذ توجيهات الرئيس بضرورة وسرعة التدخل لحل أزمة تلوث المصرف وإنقاذ الأهالي من الأمراض التي تنهش أكبادهم. وأوضح أسامة محمود، مهندس زراعي من أبناء مدينة المحلة، أن حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي، عن مصرف عمر بك، ونقل التجربة السنغافورية إلى مصر بداية لحل أزمة عانى منها أهالي محافظة الغربية طوال عمرهم مع تعدد الحكومات، فلا يتخيل أحد حجم التهديد الذى يمثله هذا المصرف الموبوء والذي يمر من بين القرى والمساكن وهو محمّل بكل الكوارث الصحية، دون أن يهتم أحد، أو تتخذ أي حكومة سابقة إجراءات وقائية ضد أخطر مصادر التلوث البيئية بالمحافظة. وأضاف: يحمل هذا المصرف جميع أنواع السموم الخطيرة التى تتكون من مخلفات المصانع الكيميائية الخطيرة بمحافظة الغربية من مصانع الوبريات والغزل والنسيج، ودبغ الجلود، ومصنع الزيوت والصابون بطنطا والمحلة، ومطاحن شركات الكتان بزفتى والمحلة، وجميع مصانع نسيج الدلتا ومصانع الصباغة. كما طالب الأهالى بضرورة إيجاد حل لمياه الصرف الصناعي التي تلقى في المصرف بصورة مباشرة من خلال محطات المعالجة والتي وعدت الحكومة بإنشائها منذ عدة سنوات ولكن دون جدوى. أمراض متوطنة وأكدت تقارير حكومية أن هذا المصرف تسبب في ارتفاع نسب إصابة مواطني المحافظة بأمراض الفشل الكلوي وأمراض الكبد والتيفود والأمراض المتوطنة كالبلهارسيا، حيث تحتل محافظاتكفر الشيخ ثم الغربية ثم الدقهلية صدارة محافظات الجمهورية في الإصابة بتلك الأمراض الخطيرة، كما أن نسبة الوفيات بسبب هذه الأمراض تعدت أرقاما خطيرة خاصة بين الشباب، وثبت ذلك فعليا من خلال تزايد أعداد المرضى المترددين على مركز الأورام بطنطا، ومراكز الغسيل الكلوي المنتشرة بالمحافظة، بل وتعجز الحكومة عن توفير العدد الكافي من الأجهزة للمصابين، مما يضطر بعض المرضى للغسيل في محافظات أخرى أو مراكز خاصة بتكلفة مالية باهظة. كارثة اخرى وكشف الأهالي عن كارثة أخري تمثلت في قيام الفلاحين بري أراضيهم من المصرف، حيث يضطرون إلى استخدام مياه مصرف عمر بك بسبب نقص كميات المياه التي تقل في فصل الصيف، وخاصة عند زراعة الأرز وهو ما يهدد بنقل كيماويات ضارة إلى الإنسان تؤثر مباشرة علي صحته. إضافة إلى ذلك، تسبب المصرف في تهديد منازل الفلاحين بالانهيار بسبب تسرب مياهه إلى أسفل العقارات وجميعها منازل بدائية دون أعمدة خرسانية، وكلما انسدت السحارات الخاصة في بعض القرى كلما زادت كمية المياه أسفل تلك المنازل مثلما حدث بقرية سماتاي بقطور منذ عدة شهور. وطالب أهالي أكثر من 188 قرية بالغربيةوكفر الشيخوالدقهلية التي يمر المصرف من خلالها بضرورة إنشاء عدد من محطات التنقية على امتداد المصرف، وإلزام أصحاب الشركات والمصانع بالمحلة الكبرى والمنطقة الصناعية بقويسنا بتركيب وحدات تنقية للصرف الصناعي قبل صرف المياه، وإنشاء محطات معالجة وتبطين شواطئ المصرف على امتداده في المحافظة، لكن لم تستجب الحكومات المتعاقبة لمطالبهم المشروعة. خطورة مخيفه مصرف عمر بك يمثل كابوسا لأهالي محافظة الدقهلية أيضا، حيث يقع على بعد 20 كيلومترا تقريبا من أقرب محطة مياه سطحية بالدقهلية، وهي محطة مياه المنصورة الكبرى بميت خميس، وتظهر خطورة هذا المصرف خلال فترة السدة الشتوية التي ينخفض فيها منسوب مياه النيل، ولا يتوقف الأمر عند صرف مياه الصرف الزراعي، بل تتجمع مياه الصرف الصناعي القادمة من مصانع ومعاطن الكتان لتزيد من حجم المأساة لتلقي بسمومها بالمصرف ومنه إلى النيل، فضلا عن إلقاء الصرف الصحي لقريتي الناصرية وأبوصير التابعتين لمحافظة الغربية بهذا المصرف الذي يحمل جميع أنواع السموم ويلقي بها في النيل قبل مأخذ ست محطات مياه رئيسية بالدقهلية وهي ميت خميس بالمنصورة، وطلخا، وشرق المنصورة، وشربين، وبساط كريم الدين، وجمصة.