أعلنت الحكومة المصرية منذ أكثر من عام عن خطة استصلاح مليون فدان، وزادت إلى مليون ونصف، موزعة على 11 منطقة بمحافظات الجمهورية، ورغم أهمية المشروع القومي في خفض الفجوة الغذائية، حيث يبلغ نصيب الفرد من الأراضى الزراعية أقل من 400 متر مربع، وتستورد مصر حوالى 70% من احتياجاتها الزراعية، إلا أنه حتى اليوم لم يتم الانتهاء من دراسة جدواه الاقتصادية. ولم يكشف القائمون على المشروع عن المعوقات التي تواجه تطبيقه، من أهمها عدم اقتصاديته، خاصة أن تكلفة استصلاح وزراعة الفدان الواحد تتخطى بكثير العائد الاقتصادى منه. يقول الدكتور هيثم ممدوح عوض، رئيس قسم هندسة الرى والهيدروليكا بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية، إن هناك عدة معوقات تقف أمام نجاح المشروع، في صدارتها ثبات حصة مصر من مياه النيل سنويًّا "55.5 مليار متر مكعب"، في حين أن استهلاكنا يقدر ب80 مليار متر مكعب، ويتم تعويض الفارق من إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى والصحي بعد معالجتها، مؤكدًا أن التوسع الأفقى الذى أعلن عنه المسئولون باستصلاح 108 أفدنة بتوشكى على المياه السطحية ضمن المشروع لن يكون مثمرًا، إلا في حالة تطبيق أنظمة الرى المطور، كما أن حجم المياه بالخزانات الجوفية يقدر بحوالى 500 مليار متر مكعب، لكن أغلبها غير متجدد، مما يجعل الاستدامة في مشاريع الاستصلاح الزراعى على المياه الجوفية غير متحقق. وأضاف "عوض" أن تكلفة استخراج المياه من الآبار الجوفية مرتفعة جدًّا؛ لاستخدام الطاقة التقليدية، فوفقًا للدراسات يبلغ متوسط عمق مياه الآبار حوالى 640 مترًا، مما يجعل تكلفة الطاقة لاستخراج المياه للفدان تتخطى 10 آلاف جنيه، في حين أن القدرة المطلوبة للفدان 1240 وات والطاقة المستخدمة للفدان تبلغ 10893 كيلووات/ساعةبفرض كفاءة المضخات بنسبة 80%، متابعًا أن التكلفة الرأسمالية لإنشاء آبار لمساحة المليون فدان تصل إلى 16 مليار جنيه أي بمعدل 16 ألف جنيه للفدان، بجانب أن تكلفة المضخات وشبكات الرى المتطور "رش وتنقيط" لن تقل عن 25 مليار جنيه للمساحة الكلية للمشروع "25 ألف جنيه للفدان"، بخلاف تكلفة العمالة والتشغيل والصيانة التي تصل إلى ضعف تكلفة الفدان فى الوادى والدلتا. وأشار رئيس قسم هندسة الرى والهيدروليكا إلى عدم إجراء دراسة جدوى لنوع المحاصيل التي سيتم زراعتها بالمشروع، وبذلك ستكون الزراعة بطريقة عشوائية دون وضع خريطة محصولية محددة لسد العجز في المحاصيل الاستراتيجية، كما أن قدرات حفر الآبار لجميع الشركات العاملة فى مصر لا تتخطى حفر آبار لمساحة 50 ألف فدان فى العام على الأكثر، مما يستحيل معه الانتهاء من عملية الاستصلاح خلال عام، لافتًا إلى وجود آبار ومياه تكفي لزراعة 200 ألف فدان من إجمالي المساحة، ولا يتم الزراعة عليها؛ لعدم الجدوى الاقتصادية، منها 50 بئرًا فى توشكى. وتابع أنه يوجد 3 مشاريع للتوسع الأفقى، لكنها لم تنجح لعدم توافر اقتصاديات الزراعة بها، مع عدم توافر المياه السطحية لنجاحها مثل "توشكى، وامتداد ترعة الحمام، وترعة السلام"، مطالبًا بضرورة أن نتعلم من أخطاء الماضي ولا نكررها، موضحًا أنه توجد مناطق فى المساحة المفترض استصلاحها، لا تصلح للزراعة لارتفاع نسبة ملوحتها، مثل المغرة، لكن يمكن الاستفادة منها في إقامة المزارع السمكية. وأثبت "عوض" عدم الجدوى الاقتصاديةللمشروع بحساب سعر المياه والتكلفة الرأسمالية وتكلفة التشغيل وحساب الأرباح المتوقعة من المشروع، التي وجد من خلالها أن 60% من تكلفة المشروع في تكلفة الطاقة. وهي كالتالي: التكلفة الرأسمالية = تكلفة حفر الآبار + تكلفة المضخات + تكلفة البنية الأساسية = 16 + 10 + 15 = 41 مليار جنيه. التكلفة السنوية للتكلفة الرأسمالية بفرض معامل استرداد رأس المال 10% = 4.1 مليار جنيه "حوالى 4100 جنيه للفدان". التكلفة التشغيل السنوية = تكلفة الطاقة + تكلفة الصيانة اللازمة لإحلال الشبكة = 10000+ 2000 = 12000 جنيه للفدان. التكلفة السنوية الكلية = 12000 + 4100 = 16100 جنيه للفدان "دون تكلفة العملية الإنتاجية من تقاوى وأسمدة ومبيدات وعمالة".