خاض حزب النور والدعوة السلفية حربا على أجهزة الدولة، على خلفية واقعتين، الأولى بسبب قرار جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، بمنع المنتقبات من التدريس بالجامعة، وفازت فيها الدعوة، بعد تراجع "نصار"، وقال إن المنع يقتصر على المواد التي تتعلق باللغة ومخارج الحروف، والثانية بسب تصريحات حلمى النمنم، وزير الثقافة، بأن مصر دولة علمانية. «نقاب الشفايف» يُحدث انقسامًا بين السلفيين أعلن ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، رفضه قرار "نصار"، وقال إنه قرار مخالف للدستور والقانون، وتمييز وتعصب ضد فئة معينة من أجل مذهبها الديني، مؤكدا أن صدور قرار إداري يمنع المنتقبات من التدريس، يعد تجاوزا في حق المرأة المنتقبة التي يكفل لها الدستور حقها الكامل في لباسها الشرعي الذي أتت به الشريعة الإسلامية، مطالبًا المنتقبات المتضررات من القرار برفع دعوى ضد الجامعة. وحفز هذا الجدل شباب الدعوة السلفية، وأطلقوا حملات تهاجم جابر نصار وقراره تحت عنوان "منع المنقبات مخالف لشرع الله"، وجعلوا من حساباتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي منبرًا للتصديق على حديث "برهامي"، ما وصفته أحزاب وقوى سياسية بمعادة الدعوة السلفية وحزب النور للدولة وقوانينها، وطالبوا بضرورة أخذ موقف حاسم منهم وحظر الدعوة وحل الحزب. بدوره تراجع "برهامى"، وطالب عبد المنعم الشحات، المتحدث باسم الدعوة السلفية، بالإعلان على إحدى الفضائيات في حضرة "نصار"، تراجع الدعوة عن موقفها من رفض قرار منع المنقبات من تدريس مواد اللغة، قائلًا "إن قرار جامعة القاهرة بمنع ارتداء المدرسات بالجامعة النقاب، أثناء إلقائهن المحاضرات، لا يتعارض مع الشريعة والدستور، ما دام في المصلحة العامة". ولم يكتف "الشحات" بالتراجع عن موقف "برهامي"، بل أخذ يبرر قرار "نصار"، قائلا "من حق الطالب إنه يشوف شفايف المدرسة علشان يعرف النطق الصحيح في بعض مواد اللغة الإنجليزية، وده مافيهوش مشكلة". لكن قطاع آخر من شباب السلفيين، أثارت حفيظتهم التصريحات الخاصة ب"الشفايف"، وقالوا عبر صفحاتهم بموقع "فيس بوك" إن الدعوة تتنازل شيئًا فشيئًا عن عقيدة السلف الذي نشأت عليها، وهنا ظهر دور الشيخ أبي إسحاق الحويني، أحد أبرز وأهم الأقطاب السلفية في مصر والوطن العربي، ليهاجم الدعوة السلفية ووقوفها بجانب جابر نصار في قراره قائلًا "جمال النقاب لن تفهمه أبدًا عيون أدمنت أجساد العاريات.. اثبتن يا عفيفات، فمن رحم الظلام يولد الصباح بإذن الله". كما هاجم نجله، حاتم الحويني، متحدث الدعوة السلفية، قائلًا: "التعليم بالشفايف يضرب التعليم في مقتل.. ولا تجدهم يتلفظون إلا بالفتنة، ففتنة تلو الأخرى، ولا حول ولا قوة إلا بالله.. إنها والله سنوات خداعات». صورة محمود عباس من جانبه، قال محمود عباس، عضو الهيئة العليا سابقًا بحزب النور، إن مشكلة النقاب نتيجة لمخالفة النظام للشرع، فلو أن الجامعات فصلت بين الطلبة والطالبات، ومن يُدَرس للطلاب أساتذة ذكور، ومن يُدَرس للطالبات أساتذة إناث، ما رأينا هذه المشكلة المفتعلة، كما يحدث فى بعض الدول العربية التى تحرص على الفصل بين الطلبة والطالبات، لا يوجد عندهم هذه المشكلة؛ لأن الطالبات تدخل لهن أستاذة منتقبة فترفع نقابها فى كل المواد وليس مواد بعينها. وأضاف "عباس": رأينا دفعات فى الكليات يتم تقسيمها إلى 4 و6 مجموعات حتى يتسنى التدريس لها واستيعابها داخل المدرجات، ولا يتم أبدا عمل مجموعات للطالبات وأخرى للطلبة وكأن الفصل بينهما من مخلفات القرون الوسطى، متابعا: لو رجعوا للدراسات والإحصاءات، لتبين أن الاختلاط هو الذى جر على مصر والدول الإسلامية البلاء والشرور والموبقات والزواج العرفى وغيره من الكوارث الحديثة، فهلا عدنا إلى ديننا دون افتعال مشكلات". مصر علمانية أم إسلامية؟ خرج حلمى النمنم، وزير الثقافة، بتصريحات أثارت غضب جماهير عريضة من السلفيين، بعدما قال إن مصر والدول العربية والإسلامية لم تر أى خير من الإسلام السياسى، وأينما ظهر هذا الإسلام السياسى ظهر معه الخراب، مضيفًا أن مصر دولة علمانية بالفطرة وطوال تاريخها لم تقم فيها دولة دينية إلا فى حالتين فقط وفشلتا، هما محاولة إخناتون فى العصر الفرعونى القديم أن يقمها وفشل فشل زريع، والأخرى فى عصر الدولة الفاطمية وفشلت أيضا، الأمر الذي استنكره يونس مخيون، رئيس حزب النور، قائلا: "ليس من المقبول أن يعبر وزير عن معتقداته ورؤاه الشخصية بعد أن أصبح وزيرا يعبر عن حكومة هو جزء منها، وأيضاً ليس من الحكمة أن يقسم وزير على احترام الدستور ويصرح بما يصادم الدستور". وأوضح "مخيون" أنه ليس من المقبول أن تفقد حكومة تشرف على انتخابات برلمانية حيادها ويخرج وزير فيها ليلقى بالاتهامات المرسلة الباطلة والترويج لأكاذيب ضد حزب يخوض تلك الانتخابات، مؤكدا أن وزير الثقافة وقع فى مغالطات وأخطاء قاتلة، منها أنه خلط متعمدا بين حزب النور الذى انتهج الطريق الدستورى القانونى السلمى للتعبير عن رأيه، بل كان سببا رئيسا فى تجنيب مصر حربا دينية، وبين الجماعات التى انتهجت العنف وسلكت طريق الصدام، وتبنت أفكارا منحرفة تصدى لها حزب النور بقوة. وأضاف "مخيون" أن وزير الثقافة خلط بين مفهوم الدولة الدينية الثيوقراطية وبين نظام الحكم فى الإسلام الذى يحاسب فيه الحاكم ويعزل، متابعا: "الشعب المصرى متدين بفطرته ولا يعرف هذه العلمانية المستوردة الدخيلة على ثقافتنا والمتعششة فى رؤوس بعض النخب، وهذا الكلام يتنافى مع الدستور الذى أقسم على احترامه والذى تحدد فيه هوية الدولة ومرجعيتها التشريعية فى جميع المجالات". وفي نفس السياق، علق المهندس صلاح عبد المعبود، عضو الهيئة العليا لحزب النور، اليوم السبت، على تصريحات وزير الثقافة بأن مصر دولة علمانية، قائلًا "وزير لم يقرأ الدستور هل يصلح لأن يكون وزيرًا"، وتساءل: "الوزير اللى ميعرفش أن الإسلام دين الدولة ينفع يبقي وزير؟".