بعد ثلاثة أيام من إعطاءها مقعد رئيس لجنة الخبراء المستقلين في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، تنوي السعودية في أول أيام عيد الأضحى تنفيذ حكم الإعدام بقطع الرأس والصلب بحق المواطن السعودي علي محمد النمر، بن شقيق المعارض البارز والذي يواجه نفس العقوبة، نمر باقر النمر، والاثنين اعتقلوا قبل ثلاث سنوات على أثر انتفاضة شعبية لملايين من السعوديين في المنطقة الشرقية ذات الأغلبية الشيعية على أثر القمع الاجتماعي والتمييز الذي يعانون منه. علي قبض عليه عندما كان يبلغ من العمر 17 عاماً وواجه تهم التحريض على التظاهر ومهاجمة قوات الأمن وحيازة زجاجات مولوتوف، وطبقاً للقانون السعودي فأن هذه التهم تقع تحت طائلة عقوبة "الحرابة". وفي العام نفسه أجبر علي على توقيع اعتراف بالتهم السابقة تحت طائلة التعذيب والانتهاك الجسدي الذي تجاهلت المحكمة السعودية بحثه والتحقيق فيه، لتصدر العام الماضي حكمها بالإعدام والصلب. وبخصوص سير التحقيق والمحاكمات، فأن شبهات اختلالها لم تبتعد عن المشهد، سواء فيما يخص الاتهامات كوسيلة ضغط على المعارض نمر النمر وتهديده بإعدام بن أخيه إذا لم يقر بلائحة الاتهامات التي وجهت له في 2012، أو فيما يتعلق بقضية علي ذاتها، حيث اعتقاله لعامين دون توجيه اتهام، وتعرضه للتعذيب على يد أفراد المباحث السعودية، وأخيراً الحكم بإعدامه وصلبه والإعلان عن تنفيذ الحكم يوم عيد الأضحى. وهنا يتحدث إلى "البديل" أحد محاميّ عائلة النمر قائلاً في رده على سؤال عن خلفيات المحاكمة والاتهامات والتعمية الإعلامية على القضية التي لم يُسمع بها على نطاق واسع إلا مؤخرا "أن السلطات السعودية قامت باعتقال علي ضمن مئات الشباب في 2012 واغلبهم دون السن القانوني للمحاكمة، وهو ما ساقته المحكمة في تبرير اعتقاله عامين دون حكم قضائي ومن ثم الانتظار حتى يبلغ السن القانوني للحكم عليه بهذه العقوبة (..) هذا يتنافى مع قوانين الشريعة الإسلامية والقوانين الإنسانية وتعد سابقة أولى من نوعها إذا ما أخذنا هذه التبريرات على محمل الجد، فكيف يتم حساب شخص قاصر على جرائم ارتكبها وهو قاصر بعد أعوام حتى يناسب عمره هذه العقوبة!". ويضيف المحامي الذي تحفظ على ذكر أسمه لاعتبارات عدّة منها الحظر الذي فُرض على سير القضية والتحقيق منذ 2012 قائلاً "المحاكمة شابها الكثير من أوجه القصور، بداية من لا معقولية الاتهامات التي تصور هذا الفتى القاصر أنه مسئول عن كل أنشطة الاحتجاج في العوامية والمنطقة الشرقية ككل، بخلاف عدم التحقيق في طلبات رسمية من هيئة الدفاع والمتهم نفسه بشأن تعرضه للتعذيب وإجباره على التوقيع على الاتهامات(..) لم تنظر المحكمة لهذه الطلبات نهائياً، ولم تأخذ في العام الماضي بأسباب استئناف الحكم، الذي تم تحويله إلى الحرابة وهو ما يعني أن علي لن يعفو عنه حتى بأمر ملكي. هذا التشدد لم يكن مفهوماً وقيد هيئة الدفاع التي كانت في معظمها تمثيلية وغير فاعلة ومعينة من جانب المحكمة، ناهيك عن تسيس القضية وارتباطها بالشيخ نمر". وبسؤاله عن الإجراءات التي أتخذتها أسرة علي وهيئة الدفاع بخصوص الحكم الصادر منذ العام الماضي قال "الدفاع تقدم بمعارضة للحكم على مستوى إجرائي للمحكمة الجزائية وأخر كالتماس للديوان الملكي السعودي وديوان وليّ العهد من العام الماضي ]عندما كان الملك الحالي ولياً للعهد[ إلا أن المحكمة تغاضت عن طلب معارضة الحكم كما تغاضت وتجاهلت سابقاً طلبات التحقيق في التعذيب، والالتماس كان مصيره فيما يبدو التجاهل (..) هذا الأمر وازنه من ناحية أخرى رسائل تحذر من تصعيد وتدويل القضية حتى لا يتم رفض الطلبات والالتماسات، ولكن اتضح الأن أن الأمر كان لتسكين أي إجراء يمكن أن تتخذه الأسرة حتى على مستوى الإعلام". ويذكر أن الشيخ نمر النمر، المعتقل في 2012 بعد إطلاق النار عليه وإصابته بجروح خطرة، قد حكم عليه بالإعدام تعزيراً، والذي يعني أن حكم الإعدام يأتي في إطار التأديب وليس في ذنب شرعت له الحدود، وهو ما يجعل فرصة العفو متاحة للصادر بحقهم هذا الحكم، وهذا يعني أن تنفيذ الحكم من عدمه في يد وليّ الأمر الذي هو الملك، وبالتالي يمكن أن يكون الحكم على علي والتعتيم المفروض على قضيته وعدم التحدث عنها يأتي خشية إثارة غضب الديوان الملكي الذي قد يوقع في أي لحظة حكم بإعدام الشيخ نمر، كما الأمر بالنسبة لأبن شقيقه. وجدير بالذكر هنا أن السلطات السعودية تنتظر توقيع الملك سلمان على أمر تنفيذ الحكم، وهو في سياق التصريحات السابقة أمر روتيني في ظل ارتفاع عدد تنفيذ أحكام الأعدام في السعودية لهذا العام إلى مستوى غير مسبوق بالقفز إلى نحو 140 حكم حتى الأن، وهو ما واجه انتقادات من جهات حقوقية ودولية على رأسها مفوضية الأممالمتحدة لحقوق الإنسان التي أصدرت اليوم بيان يناشد السلطات السعودية وقف تنفيذ الحكم الصادر بحق علي. وهو ما لم يشذ عنه بيان الخارجية الفرنسية الصادر أمس والذي أبدى قلقه من ارتفاع حالات تنفيذ الإعدام في المملكة وأشار إلى قضية علي النمر.