يتواصل التقارب الأمريكي الروسي والمحادثات والاتصالات بين الجانبين للخروج بحل ينهي الأزمة السورية المشتعلة منذ أكثر من أربع سنوات، ومع اختلاف وجهات نظر الجانبين حول طريقة حل الأزمة السورية، يظل القلق الأمريكي من تعزيز روسيا مواقعها في سوريا ودعمها للرئيس السوري "بشار الأسد" هو المسيطر على الموقف، فيما يؤكد المسئولين الروس مرارًا وتكرارًا تواصل هذا الدعم بأي ثمن. كشف وزير الخارجية الأمريكية "جون كيري"، أن روسيا اقترحت على واشنطن إجراء "محادثات بين عسكريين" حول النزاع في سوريا، وذلك خلال اتصاله الهاتفي الثالث خلال أسبوع مع نظيره الروسي، وقال "كيري" "عرض الروس أن نجري حوارًا ونعقد اجتماعًا بين عسكريين حول النزاع السوري"، مؤكداً أنّ واشنطن تبحث الخطوات المقبلة في هذا الشأن، وأضاف "كيري" أنه يجري مناقشات مع البيت الأبيض ووزارة الدفاع الأمريكية بشأن الاقتراح، كما كرر "كيري" القول إن الولاياتالمتحدة تبحث عن "حل سياسي" في سوريا في الوقت نفسه الذي تحارب فيه تنظيم "داعش"، وأن واشنطن تريد من موسكو أن تلعب "دورًا بناء" في هذا المجال، مضيفًا أن الدعم الروسي للرئيس "بشار الأسد" يؤجج الصراع. من جانبه رحب المتحدّث باسم البيت الأبيض بدعم متكامل ومنسّق وبنّاء من روسيا لدعم التحالف ضدّ تنظيم "داعش" في سورياوالعراق، وأوضح المتحدّث باسم البيت الأبيض "جوش ايرنست"، "سنرحّب بدعم روسي بناء لجهود مكافحة تنظيم داعش في العراقوسوريا، إدارة الرئيس أوباما سترحب بدعم روسي بناء ضمن جهود التحالف لمكافحة داعش". في إطار ما يبدو عليه رد روسي على التصريحات الأمريكية، اعتبرت وزارة الخارجية الروسية أنّ التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة ضد داعش لم يحقّق ما يذكر بعد مرور عام على تشكيله، وسألت الوزارة في بيان عن النتائج من إرسال قوات عسكرية إلى المنطقة من تلك الدول المغرمة جدًا بإحصاء عدد الطلعات الجوية الأجنبيّة، وأكدت الوزارة أن إنجازات التحالف الدولي في مكافحة "داعش" تبدو "متواضعة"، مشيرة إلى أن توجيه أكثر من 5 آلاف ضربة جوية وتدمير 7655 هدفًا وإجراء عمليات خاصة، لم توقف تقدم الإرهابيين. وبشأن الانتقاد الأمريكي للدعم الروسي للرئيس السوري، أكد الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" استمرار بلاده في تقديم الدعم العسكري إلى الحكومة السورية، ودعا "بوتين" إلى حشد الجهود لمحاربة الإرهاب مع التشديد على أولوية دور الجيشين السوري والعراقي على الأرض، وقال "نحن ندعم الحكومة السورية في المعركة ضد العدوان الإرهابي، لقد قدمنا المساعدة العسكرية التقنية اللازمة للحكومة السورية وسنواصل ذلك، كما أننا ندعو البلدان الأخرى إلى الانضمام إلينا، ومن الواضح أنه بدون المشاركة النشطة للسلطات السورية والجيش، فإنه سيكون من المستحيل طرد الإرهابيين من ذلك البلد والمنطقة ككل وحماية سوريا متعددة الأعراق والطوائف من الدمار". يبدو أن التحدي الروسي لأمريكا في الأزمة السورية من شأنه أن يجعل الأخيرة تخضع للضغوطات، خاصة وأن الكثير من الدول الأوروبية بدأت تقتنع بالنهج الروسي بشأن سوريا، وهو ما يجعل أمريكا في موقف محرج، إما ان تتراجع عن قرارها بأنه "لا دور للأسد في الفترة المقبلة" أو تظل متمسكة بموقفها المتشدد وهو ما يجعلها في تصادم دائم مع روسيا.