مازالت سرقات المقابر الأثرية قديمًا وحديثًا أيضاُ منتشرة، فنرى كل يوم عرضًا للآثار المصرية، سواء فى الداخل أو الخارج، ووراء كل قطعة قصة مذهلة، ورغم ذلك لم تستغل بشكل صحيح، وأصبحت فى طي النسيان، ولا يعلم عنها أحد شيئًا. يقول أمير جمال، منسق سرقات لا تنقطع، إنه تم العثور علي برديات كثيرة في مقبرة مغارة الملوك، التى تضم أعظم ملوك حكموا مصر، وهي مقبرة متواضعة شيدت في الأساس من أجل "بينوزم الثاني" كبير كهنة آمون بطيبة وزوجته "نسخنسو"، وكانت البرديات التي تم الحصول عليها تشرح كيف تمت السرقة. وأضاف "جمال" أنه من ضمن السرقات ما حدث لمقبرة الملك مرنبتاح، ابن الملك رمسيس الثانى، حيث تم اقتحام مقبرته من اللصوص أكثر من مرة، فحدث فى عصر الملك رمسيس التاسع، إلا أنه لم يتم سرقة الكثير من الآثار خاصة التابوت، ثم تم الاقتحام مرة أخرى وحدثت عمليات نقل لبعض آثار الملك، لتذهب إلى صان الحجر فى الشرقية ووقعت فى يد الملك بسوسنس. وتابع: بعد نقل المومياء إلي مقبرة الملك امنحتب الثاني في عصر الأسرة الحادية والعشرين، قام الملك باسب خع نيوت "بسوسنس" بنقل التابوت إلي تانيس واستخدمه لنفسه بعد أن قام بمسح جميع خراطيش مرنبتاح من علي التابوت ما عدا خرطوش الحزام فقد اغفله رجال بسوسنس، وعندما عثر عليه "بيير مونتية" في تانيس عام 1939 تعرف علي الهوية الحقيقية لصاحب التابوت. واستطرد: في الواقع أن ظاهرة نقل آثار خاصة بعصر "الرعامسة" إلي "تانيس"، هي ظاهرة عامة فمعظم الآثار التي توجد في تانيس تنتمي إلي رمسيس الثاني، وليس التابوت فقط، بل يعتقد أن القناع الذى ينسب إلى الملك بسوسنس هو أصلا قناع مرنبتاح، فنظرا إلى عدم تشابه القناع مع أقنعة الملوك فى تلك الفترة، فقد كان فنا مختلفا وأقل من الفن المصرى المعروف وليس بالجودة والاتقان المطلوبان، ولذا كان القناع مختلف عن البقية، فكان شبيها بقناع الملك توت، مما يؤكد أن الفن المصرى الأصلى الذى توارثته الأجيال، الذى انتهى فى عقد الأسرة 21، من صنع هذا القطعة الفريدة. وأوضح "جمال" أن البرديات حفظت لنا أنباء عن قضية سرقة المقابر الكبرى التى جرت وقائعها فى فترة حكم رمسيس التاسع، وارتبط بها رجلان من كبار الموظفين هما "باسر" حاكم طيبة الشرقية و"باورو" حاكم طيبة الغربية، وكان باسر رجلاً لا غبار عليه، لكنه كان فضوليا محبا للظهور، وكان يحسد زميله حاكم طيبة الغربية، فما أن وصلته الوشايات حول سرقات مقابرالملوك بالبر الغربي حتى باشر التحقيق فيها بنفسه متجاوزا اختصاصاته الرسمية، واستخدم فى ذلك كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة مثل تعذيب المتهمين لانتزاع اعترافاتهم، التى منها "هناك عثرنا على مومياء الملك المبجلة ووجدنا عليها الشارات والحلى حول رقبته، وكان على رأسه قناع ذهبي، وكانت المومياء نفسها مغطاة بالذهب بكثافة، فنزعنا الذهب عن مومياء الملك المبجلة، كما استولينا على الشارات والحلى وكسوة التابوت". واختتم: لم يتردد "باسر" فى نقل الموضوع إلى "خع ام واست" الوزير المحلى وطالبه بمتابعة التحقيق فى سرقة المقابر بصورة رسمية، ولذلك أعيد استجواب شهود "باسر"، بعدما أصروا على براءتهم، لكن "باسر" – اللحوح- لم يسكت وظل وراء الموضوع، وشهد حامل مبخرة معبد آمون بأن إحدي عصابات السطو فاجأته ليلا وهو نائم، فأيقظوه وقالوا له اخرج ودعنا نسرق، لأننا جوعى "وصاحبوني فى فتح مقبرة أخرجنا منها تابوتا من الذهب والفضة، فحطمناه ووضعناه فى سلة، خرجنا بها ثم قسمناه الى ستة أجزاء" وكانت العقوبات التى وقعت على هؤلاء قاسية.