تشهد أوروبا أسوأ أزمة لجوء من دول الصراع في الشرق الأوسط وإفريقيا منذ الحرب العالمية الثانية، حيث يعبر أكثر من 850 ألف شخص البحر المتوسط هذا العام والعام المقبل، حسب تنبؤات حكومات الدول الأوروبية، لتستقبلهم الدول الأوروبية المنقسمة حول الحصص الإلزامية لاستقبال اللاجئين، ليخضع اللاجئين إلى معاناة جديدة وشروط للتوطين، فيما لا تزال بعض الدول التي تدعي الإنسانية خارج المشهد الإنساني. أمريكا انتقادات كبيرة تم توجيهها إلى إدارة الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" حول بطء التعامل مع أزمة اللاجئين، ففي الوقت الذي تستنفر فيه دول العالم من أجل استيعاب تداعيات أزمة اللاجئين، تبقى واشنطن غائبة عن المشهد، وهو ما دفعها إلى التحرك ولو بشكل حذر، حيث أكد مسئول أمريكي أن الخارجية الأمريكية قد شكلت فريق عمل لوضع خيارات للتعامل مع قضية اللاجئين السوريين، ويتوقع زيادة الرقم الذي خصص لاستقبال اللاجئين السوريين من 8 آلاف لاجئ سوري في العام المقبل، وكانت الخارجية قد أعلنت أنها أعادت توطين 1500 سوري، وأنها ستوطن 1800 آخرين قبل نهاية السنه المالية في أكتوبر المقبل. من جانبه صرح وزير الخارجية الأمريكي "جون كيري"، أن بلاده تدرس استقبال مزيد من اللاجئين السوريين الفارين من الحرب الطاحنة في بلادهم، وقال "التقيت بأعضاء من الكونجرس، ونحن ملتزمون بزيادة الأعداد التي سنستقبلها من اللاجئين، وندرس بدقة العدد الذي نستطيع أن نتعامل معه فيما يتعلق بالأزمة في سوريا وأوروبا". الدنمارك نشرت الحكومة الدنماركية، إعلان تخطر فيه اللاجئين السوريين، بتشديد شروط الإقامة والهجرة فيها، وتؤكد "ترحيل" من يتم رفض طلبات لجوئهم، وقال الإعلان إن "الدنمارك قررت تشديد القوانين، المتعلقة باللاجئين في مجالات متعددة"، مشيراً إلى أن البرلمان الدنماركي قرر موخرًا "تقليص المساعدات الاجتماعية للاجئين، الوافدين حديثاً، بنسبة قد تصل إلى 50%"، وأكد الإعلان على "عدم أحقية الأجانب، الحاصلين على الحماية المؤقتة، باستدعاء عائلاتهم إلى الدنمارك، خلال السنة الأولى"، إضافة إلى عدم منح الإقامات الدائمة لهم، قبل خمس سنوات، مع إحتمال فقدان الإقامة المؤقتة قبل ذلك، وشددت الحكومة الدنماركية على ضرورة تعلم اللاجئين اللغة الدانماركية، معلنة "ترحيل كافة الذين ترفض طلبات لجوئهم، في أسرع وقت ممكن". المجر كشفت الشرطة الهنغارية أنها احتجزت عددًا قياسيًا من اللاجئين، الأربعاء الماضي، وحسب بيان الشرطة فقد بلغ عدد المحتجزين 3 ألاف 321 مهاجر، وهو أكبر عدد تحتجزه هنغاريا من طالبي اللجوء في يوم واحد هذا العام، وبلغ عدد الوافدين إلى هنغاريا من اللاجئين هذا الشهر قرابة 22 ألفًا، مع وصول أعداد جديدة من اللاجئين الذين يسعون للوصول إلى غرب أوروبا من صربيا عبر هنغاريا. التعامل المجري مع اللاجئين لم يكن الأفضل حالًا، حيث أعلنت السلطات المجرية أنها اعتقلت 3321 مهاجرًا الأربعاء الماضي، وهو العدد الأكبر من اللاجئين الذين يتم اعتقالهم خلال العام الجاري، وهو ما دفع منظمة "هيومن رايتس واتش" إلى اتهام المجر بإساءة معاملة اللاجئين، قائلة إنها تعاملهم "كالحيوانات"، مؤكدة أن "معسكرات الإيواء فيها مرعبة". في هذا الشأن قال مدير الطوارئ في المنظمة "بيتر بوكايرت"، إن هذا الواقع هو السبب في منع السلطات المجرية وسائل الإعلام من دخول تلك المعسكرات، وأشار إلى عدم توافر الغذاء ولا الماء ولا الدواء في المعسكرات التي تؤوي آلاف اللاجئين. في ذات السياق، انتشرت على الإنترنت لقطات فيديو لمصورة بقناة تلفزيونية خاصة في المجر، وهي تركل وتعرقل مهاجرين يفرون من الشرطة بينهم رجل يحمل طفلا، وهو ما أثار ردود فعل عالمية غاضبة، فما كان من القناة إلا أن أقالتها، وفي تسجيلات منفصلة أوضحت اللقطات المصورة، وهي تركل فتاة وتعرقل رجلا وهو يحمل طفله، في الوقت الذي بدأ فيه مئات المهاجرين وكثير منهم من اللاجئين السوريين الفرار من الشرطة على حدود المجر الجنوبية مع صربيا. فرنسا استقبلت فرنسا الدفعة الأولى من اللاجئين، الأربعاء الماضي، حيث وصل نحو 200 لاجئ سوري وعراقي، قدموا من ألمانيا إلى فرنسا، وقالت هيئة الصليب الأحمر الفرنسي، أن ألف شخص حصلوا على حق اللجوء من سلطات باريس، وصلوا أيام 9 و10 و11 من سبتمبر الجاري إلى التراب الفرنسي، وكان الرئيس الفرنسي "فرانسوا هولاند"، قد أكد الاثنين الماضي على استعداد بلاده لاستقبال 24 ألف لاجئ، على مدى العامين المقبلين. التفرقة العنصرية والدينية لم تغيب عن الأزمة، لتزيد من معاناة اللاجئين اللذين واجهوا الصعوبات في بلادهم وأثناء رحلتهم إلى أوروبا، حاملين أرواحهم على كفوفهم، ليجدوا شروطًا جديدة وتفرقه تهد أمالهم، حيث اعربت بلدتان فرنسيتان عن استعدادها لاستضافة عائلة من لاجئي الشرق الأوسط، شرط أن يكونوا من المسيحيين، بحجة أن هؤلاء "لا يهاجمون القطارات مسلحين برشاش كلاشنيكوف"، ولا "يقطعون رؤوس أرباب عملهم". من جهتها انتقدت الحكومة بشدة اختيار اللاجئين حسب انتمائهم الديني، حيث قال رئيس الوزراء الاشتراكي "مانويل فالس"، "لا نختار اللاجئين بالاستناد إلى انتمائهم الديني، حق اللجوء حق عالمي". بريطانيا لم تكن بريطانيا أفضل حالًا من المجر، فمنذ بداية أزمة اللاجئين عبرت الحكومة البريطانية عن رفضها لما أسمته "جحافل المهاجرين" الآتية إلى أوروبا، كما انتقدت توطين الدول الأوروبية لهؤلاء اللاجئين، إلا أن لهجتها تغيرت سريعًا، وهو ما أظهره اقتراح رئيس الوزراء "ديفيد كاميرون"، ب"إعادة بريطانيا توطين عدد يصل إلى عشرين ألف لاجئ سوري على مدار المدة المتبقية لهذا البرلمان"، مضيفاً "من خلال هذا سنستمر في أن نظهر للعالم أن هذا البلد فيه تعاطف غير عادي". النمسا أفادت الشرطة النمساوية بأن نحو 3700 لاجئ تدفقوا على النمسا عبر حدود هنغاريا، الخميس الماضي، ويمثل ذلك زيادة كبيرة في أعداد اللاجئين، وهو ما يزيد من الضغوط على السلطات النمساوية التي تحاول ترتيب وسائل لنقلهم إلى ألمانيا، وقال المتحدث باسم الشرطة النمساوية إن موجة المهاجرين الجديدة التي عبرت الحدود بدأت عند منتصف الليل تقريبًا. ردًا على مقترح أوروبي بالسماح لعمل اللاجئين، قال وزير الشئون الاجتماعية النمساوي، "رودولف هوندشتورفير"، إن "سوق العمل مفتوحة أمام اللاجئين للعمل ولكن بشروط معينة". ألمانيا استقبلت ألمانيا وحدها هذا الأسبوع أكثر من 37 ألفًا من طالبي اللجوء، أغلبهم من سوريا، حيث أعلن نائب المستشارة الالمانية "سيغمار غابريال"، الخميس، أن 450 ألف لاجىء وصلوا إلى المانيا منذ بداية العام، بينهم 37 ألفًا في الأيام الثمانية الأولى من سبتمبر الجاري، وقال "حتى يوم أمس سلجت ألمانيا 450 الف لاجىء بينهم 105 آلاف في اغسطس، و37 الفا في الايام الثمانية الاولى من سبتمبر"، موضحًا إن "أكثر من مئة ألف آخرين سيسجلون في سبتمبر الجاري". استراليا بعد تزايد الانتقادات السياسة للإجراءات الاسترالية المتشددة بشأن المهاجرين، أعلن رئيس الوزراء الاسترالي "توني أبوت" أن بلاده ستستضيف 12 ألف لاجئ إضافي من سوريا والعراق، وصرح أن "التركيز سيكون على تأمين الحماية لنساء وأطفال وأسر من أقليات مضطهدة ممن لجأوا إلى الأردن ولبنان وسوريا"، علاوة على البرنامج الإنساني الحالي. أمريكا اللاتينية دول أمريكا اللاتينية أعلنت استعدادها لاستقبال لاجئين، حيث أكدت كل من البرازيل وفنزويلا وتشيلي وبنما والبيرو، اتخاذ إجراءات مختلفة لإتاحة تأشيرات إنسانية للسوريين واستقبالهم كلاجئين. المنظمات الدولية تحاول المنظمات والهيئات الدولية والإنسانية تنظيم الأزمة بقدر الإمكان، وحث الدول الأوروبية على فتح زراعيها أكثر للاجئين، حيث دعت منظمة العفو الدولية الاتحاد الأوروبي لأن يعدّل بشكل عاجل قوانين اللجوء وأن يعتمد نظامًا موحدًا لمواجهة أزمة اللاجئين، وأكدت أن استمرار وقوع ضحايا بين المهاجرين الذي يحاولون الوصول إلى أوروبا والحواجز الحدودية التي يبنيها بعض القادة الأوربيين أمر لا يجوز أن يستمر، وطالبت المنظمة بتأمين طرق آمنة للوصول إلى أوروبا وبتخفيف الضغوط على الدول الواقعة على الحدود الخارجية للاتحاد. من جانبه أعلن رئيس المفوضية الأوروبية "جان كلود يونكر"، أمام البرلمان الأوروبي أن 500 ألف لاجئ وصلوا إلى أوروبا منذ بداية العام الحالي، داعياً دول الاتحاد الأوروبي إلى "استقبال 120 ألف لاجئ إضافي"، فيما دعت المستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل" مجدداً أمام مجلس النواب الألماني، إلى توزيع ملزم للاجئين على جميع دول الاتحاد، من غير أن تحدد سقفاً عدديًا، وقالت "ميركل"، "إننا بحاجة في أوروبا إلى اتفاق قسري حول توزيع ملزم للاجئين وفق معايير عادلة بين الدول الأعضاء"، مضيفة "لا يمكننا الاكتفاء بالقول إننا نوزع عدداً معيناً من اللاجئين، علينا التفكير في كيفية التعامل مع اللاجئين القادمين إلى بلادنا".