إكسترا نيوز تنقل تفاصيل المؤتمر صحفي للهيئة الوطنية للانتخابات لإعلان نتائج انتخابات النواب 2025    سعر الجنيه الاسترلينى يختتم تعاملاته أمام الجنيه اليوم الثلاثاء على تراجع    نتنياهو يبدى انفتاحه على التوصل إلى اتفاق إسرائيلى مع سوريا    رسميًا.. بدء عملية اختيار وتعيين الأمين العام المقبل للأمم المتحدة    كأس العرب – المغرب يستهل مشواره بالانتصار على جزر القمر بثلاثية    كأس إيطاليا.. موعد مباراة يوفنتوس ضد أودينيزي والقناة الناقلة    الأرصاد: سقوط الأمطار والتقلبات الجوية لم يعد مرتبطا بمواعيد النوات    3 عروض مصرية في الدورة 16 بمهرجان المسرح العربي    اليوم.. افتتاح معرض لقاء للفنانة ميسون الزربة بمتحف الفن المصري الحديث    الأوقاف: حجم مشاركة غير مسبوق في مسابقة القرآن الكريم العالمية    محافظ الغربية يتابع إجراءات تشغيل وإدارة مرفقي النقل الداخلي بطنطا والمحلة الكبرى    موعد مباراة توتنهام ونيوكاسل والقناة الناقلة    الأهلي يترقب موقف ييس تورب لدراسة عرض برشلونة لضم حمزة عبد الكريم    محافظ المنيا: إزالة 2171 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية ضمن الموجة 27    مصر ضد الكويت.. الأزرق يعلن تشكيل ضربة البداية في كأس العرب 2025    أستاذة جامعية إسرائيلية تُضرب عن الطعام بعد اعتقالها لوصف نتنياهو بالخائن    فتح باب التسجيل فى دورة الدراسات السينمائية الحرة بقصر السينما    جامعة سوهاج الأهلية تنظم أولى رحلاتها إلى المتحف المصري الكبير    رئيس الوزراء يُتابع تطور الأعمال بالتجمع العمراني الجديد td جزيرة الوراق    «الصحة» تعلن انطلاق استراتيجية توطين صناعة اللقاحات وتحقيق الاكتفاء الذاتي قبل 2030    رئيس جامعة الأزهر: العلاقات العلمية بين مصر وإندونيسيا وثيقة ولها جذور تاريخية    السيسي يبعث برقية تهنئة لرئيس الإمارات بمناسبة ذكرى الاحتفال باليوم الوطني    المحكمة الإدارية العليا تتلقى 8 طعون على نتيجة انتخابات مجلس النواب    رئيس الوزراء يتابع تطوير الطرق المؤدية إلى مطار الإسكندرية الدوليّ    فى زيارته الأولى لمصر.. الأوبرا تستضيف العالمي ستيف بركات على المسرح الكبير    دعم الكوادر والقيادات.. تفاصيل اجتماع وزير الرياضة مع رئيس الاتحاد الدولي للسلاح    بابا الفاتيكان يدعو اللبنانيين إلى عدم الإحباط والرضوخ لمنطق العنف    الطقس غدا.. انخفاضات درجات الحرارة مستمرة وظاهرة خطيرة بالطرق    الداخلية تكشف تفاصيل فيديو اعتداء شخص على حيوانات أليفة: مريض نفسي    مصرع طفل إثر اصطدام سيارة ملاكي به في المنوفية    لأول مرة في الدراما التلفزيونية محمد سراج يشارك في مسلسل لا ترد ولا تستبدل بطولة أحمد السعدني ودينا الشربيني    رئيس اقتصادية قناة السويس: المنطقة منصة مثالية للشركات الأمريكية لعمليات التصنيع والتصدير    تركيا: خطوات لتفعيل وتوسيع اتفاقية التجارة التفضيلية لمجموعة الثماني    زيلينسكي: وثيقة جنيف للسلام في أوكرانيا تم تطويرها بشكل جيد    مدير الهيئة الوطنية للانتخابات: الاستحقاق الدستورى أمانة عظيمة وبالغة الحساسية    أمن المنافذ يضبط 47 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    ضبط قضايا اتجار غير مشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة قيمتها 6 ملايين جنيه    الأمم المتحدة: 50 مليون شخص حول العالم ضحايا الرق الحديث    مكتب نتنياهو: إسرائيل تستعد لاستلام عيّنات من الصليب الأحمر تم نقلها من غزة    وزير الصحة يبحث مع وزير المالية انتظام سلاسل توريد الأدوية والمستلزمات الطبية    6 نصائح تمنع زيادة دهون البطن بعد انقطاع الطمث    تحرير 141 مخالفة لمحال لم تلتزم بقرار مجلس الوزراء بالغلق لترشيد الكهرباء    محمود ناجى حكما لنهائى كأس ليبيا بين أهلى طرابلس وبنى غازى غدا    وزير العمل يسلّم 25 عقد توظيف في مجال النجارة والحدادة والبناء بالإمارات    سامح حسين: لم يتم تعيينى عضوًا بهيئة تدريس جامعة حلوان    بعد جريمة التحرش بالأطفال في المدارسة الدولية، علاء مبارك يوجه رسالة قوية للآباء    سلوت: محمد صلاح سيظل لاعبًا محترفًا من الطراز الرفيع    فيتامينات طبيعية تقوى مناعة طفلك بدون أدوية ومكملات    أمين عمر حكما لمباراة الجزائر والسودان في كأس العرب    حوادث المدارس والحافز.. مشاهد تُعجل بنهاية "وزير التعليم" في الوزارة.. دراسة تحليلية.. بقلم:حافظ الشاعر    الفيشاوي وجميلة عوض يعودان للرومانسية في فيلمهما الجديد «حين يكتب الحب»    اليوم .. إعلان نتائج المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 2ديسمبر 2025 فى المنيا    ضبط 379 قضية مواد مخدرة فى حملات أمنية    ما حكم الصلاة في البيوت حال المطر؟ .. الإفتاء تجيب    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    المخرج أحمد فؤاد: افتتاحية مسرحية أم كلثوم بالذكاء الاصطناعي.. والغناء كله كان لايف    سر جوف الليل... لماذا يكون الدعاء فيه مستجاب؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تخبط وخلافات مع تفاقم تدفق اللاجئين..أوروبا أمام اختبار لاجئين بلا حدود
نشر في الأهرام اليومي يوم 07 - 09 - 2015

"سوف يعانقوننى ويرحبون بى بإبتسامة... وسيكونون سعداء جدا لرؤيتي"، يقول شاهين اللاجئ السورى الشاب الذى لا يتجاوز 17 عاما وهو ينتظر قرب النفق الإنجليزى للعبور إلى بريطانيا، متحدثا بحماسة حول توقعاته كيف سيستقبله البريطانيون إذا ما نجح فى عبور النفق، فليس لديه أوراق هوية وطلبه حق اللجوء قد يأخذ عدة أشهر، لكنه متفائل لأن له أقارب فى ليفربول وهذا قد يساعده.
الإجابة الوردية لا تتناسب مع الأوضاع السيئة على أرض الواقع. فأوروبا فى حالة حرب داخلية بسبب تفاقم أزمة المهاجرين واللاجئين. ففى شهر يوليو وحده دخل أوروبا نحو 80 ألف مهاجر ولاجئ، بعدما عززت شبكات التهريب انشطتها وباتت أقدر على نقل عدد أكبر من المهاجرين واللاجئين برا إلى شمال أوروبا. فمن المتوسط إلى اليونان ومنها إلى مقدونيا، ثم صربيا والمجر، ثم النمسا وألمانيا المحطة التى يرجوها ويأملها أغلبية المهاجرين.
هذه رحلة طويلة جدا وصعبة وتستغرق نحو أسبوعين، وجزء كبير منها يكون سيرا على الأقدام داخل أوروبا. لكن صور المهاجرين رافعين علامة النصر عندما يصلون إلى مراكز الشرطة فى ألمانيا أو النمسا أو السويد ويطلبون أخيرا رسميا حق اللجوء السياسي، هذه الصور هى ما يظل عالقا فى أذهان أقرانهم فى الدول التى هربوا منها، بدءا من سوريا إلى نيجيريا. تختفى كليا ملامح المخاطرة الجسيمة التى راح ضحيتها حتى الآن أكثر من 20 ألف مهاجر منذ مطلع الألفية، وتحل محلها تطلعات الحياة الآمنة.
فبسبب الأزمات فى سوريا وليبيا والعراق واليمن، إضافة إلى تدهور أوضاع حقوق الإنسان فى إريتريا وأفغانستان وباكستان ونيجيريا، والوضع الاقتصادى فى كوسوفو وألبانيا وغانا والصومال، يشهد العالم أكبر عملية نزوح للسكان منذ الحرب العالمية الثانية. فهناك نحو 50 مليون نازح حول العالم اليوم، بينهم نحو 16 مليون لاجئ سياسي. ليست الأعداد الكبيرة للمهاجرين المصدر الوحيد للأزمة الحالية، بل أيضا العدد المتزايد من القتلى الذين يفقدون حياتهم كل يوم غرقا وهم يحاولون عبور المتوسط، أو اختناقا وهم يحاولون التسلل برا عبر الحاويات. أيضا الخلافات الحادة داخل أوروبا حول التعامل مع المهاجرين وتوزيع مسئولية استقبالهم ورعايتهم بشكل أكثر عدلا.
انقسام أوروبا حول أزمة المهاجرين واللاجئين يعبر عن نفسه فى عدة أسئلة: كيف نقلل أعداد المهاجرين من المنبع؟ وكيف نقلل أعداد الموتى غرقا أو اختناقا لأن هذه الصور لم تعد مقبولة؟ وهل هى أزمة لاجئين اقتصاديين؟ أم أزمة مهاجرين غير شرعيين؟ أم أزمة مافيا مهربين؟ أم أزمة لاجئين سياسيين شرعيين؟.
الإجابة على هذه الأسئلة تستلزم أن ننظر إلى نوعية من يعبرون البحر المتوسط، ومن أين يأتون؟ ولماذا يأتون؟.
الإجابة إنهم يأتون من بلاد منتجة للاجئين اليوم على رأسها سوريا والصومال وأفغانستان وإريتريا وليبيا ونيجيريا. وهم يأتون هربا من اضطرابات سياسية متفاقمة فى بلادهم وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. طبعا هناك من يأتى من السنغال ومالى وغانا لدواع اقتصادية بالأساس. إلا أن الأغلبية التى تحاول دخول أوروبا وتخاطر بحياتها من أجل ذلك فى غالبيتها لاجئين سياسيين.
ويقول جونزالو لوسا ممثل بريطانيا فى منظمة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إن الطرق الشرعية لطلب اللجوء إلى أوروبا ضيئلة جدا... وهذا ما يضطر المهاجرين للجوء لطرق خطيرة، خاصة مع تدهور أوضاعهم بشكل مضطرد فى البلاد التى استقبلتهم منذ 2011.
ويتابع لوسا: وسط ال 4 ملايين لاجئ سورى فى دول الشرق الأوسط، نحن نقدر أن 10% بينهم تنطبق عليهم معايير اللاجئ السياسي، أى نحو 400 ألف شخص، الاتحاد الأوروبى قال إنه مستعد لاستقبال نحو 130 ألفا، لكن برغم هذا الرقم المتواضع لم يتم الوفاء به حتى الآن. هذا يغلق الباب أمام الهجرة الآمنة.
كما أن مسئولية استضافة اللاجئين لا تتم بشكل عادل فى أوروبا. فوسط 220 ألف لاجئ تم قبولهم فى أوروبا حتى اليوم، 50% منهم تم استيعابهم فى دولتين فقط هما ألمانيا (60 ألفا) والسويد (55 ألفا)، بينما استوعبت بريطانيا مثلا 7 آلاف سورى فقط.
وبرغم أن ألمانيا تقول إنها لن تخون مبادئ أوروبا فيما يتعلق بفتح الأبواب لاستقبال كل من له حق طلب اللجوء السياسي، كما تشير إلى أنها تحتاج إلى نحو 600 ألف مهاجر لتغطية احتياجات سوقها الضخمة للأيدى العاملة، إلا أن ألمانيا ترفض أن تتحمل دول بعينها مسئولية استقبال المهاجرين واللاجئين، بينما تراقب دول أخرى التطورات عن بعد، بينما تقول بريطانيا ودول أوروبا الشرقية سابقا مثل المجر وبلغاريا وصربيا إن قرارات استضافة مهاجرين تدخل فى إطار السياسة المحلية، ولا يمكن أن تفرض بروكسل قرارات ملزمة على الحكومات الوطنية.
وبسبب هذه الخلافات لا توجد فى أوروبا حتى الآن سياسة موحدة للتعامل مع أزمة المهاجرين، ففيما تريد ألمانيا والدول الاسكندنافية التعامل مع الأزمة فى إطار المبادئ المؤسسة لفكرة الاتحاد الأوروبى وعلى رأسها حرية الحركة وفتح الحدود، ترى دول أخرى أن الأفضل هو زيادة المساعدات للاجئين فى المناطق الموجودين بها وذلك لتحسين أوضاعهم وبالتالى إقناعهم ضمنا بالبقاء أينما وجدوا، وترى هذه الدول ومنها فرنسا وبريطانيا ودول أوروبا الشرقية سابقا أن الأزمة ليست إنسانية، إنما أمنية تتمثل فى مافيات التهريب التى جنت الملايين من تهريب مئات الآلاف إلى أوروبا، لكن الكسندر بيتس مدير مركز دراسات اللاجئين البريطانى يقول إنه، لا يمكن اختصار الأزمة فى الجانب الأمنى المتعلق بعصابات التهريب، ويوضح:المهربون يستغلون أزمة مستفحلة بالفعل لتحقيق أرباح كبيرة من ورائها، لكنهم لم يخلقوا أزمة المهاجرين إلى أوروبا، لو لم توجد المشكلة، لما ظهرت مافيا المهربين، ومحاولات تسمية الأزمة: أزمة تهريب أو أزمة إتجار وإيجاد حلول تركز على الجانب الأمني، لن تؤدى إلا إلى تغيير ديناميكيات العرض والطلب، ورفع أسعار التهريب وزيادة خطورته.
ورغم مشاهد إنسانية كثيرة تشير إلى تعاطف كبير مع المهاجرين واللاجئين من بينها وقوف نمساويين لاستقبال لاجئين قادمين من المجر، حاملين أطعمة وماء للجوعى والعطشي، هناك أيضا نسبة متزايدة من السكان فى أوروبا بدأت تشعر بالقلق من تزايد أعداد المهاجرين والتحديات التى يطرحها هذا الأمر.
فبخلاف ألمانيا التى لا تعانى مشكلة بطالة كبيرة والتى تحتاج إلى نحو 600 ألف يد عاملة إضافية لمواصلة نموها الاقتصادي، تعانى دول أوروبية أخرى نسبة بطالة بين الشباب تتجاوز 20%. وإجمالا يوجد فى أوروبا اليوم نحو 18 مليون شخص عاطل عن العمل، وبالتالى تتزايد شعبية الأحزاب اليمينية المعادية للهجرة فى أوروبا باضطراد. وإذا كان صعود اليمين القومى فى فرنسا وبريطانيا والمانيا وإيطاليا واليونان بدأ منذ سنوات، إلا أنه حتى فى دولة مثل السويد نال الحزب القومى اليمينى نحو 20% من أصوات الناخبين فى الانتخابات المحلية الأخيرة.
ويعترف الاتحاد الأوروبى بأنه تباطأ فى علاج أزمة المهاجرين واللاجئين برغم خطورتها وإلحاحها وثمنها الإنسانى الباهظ. كما يعترف إنه تعامل معها بشكل جزئى فى ظل غياب سياسة جماعية. وحذرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من أن الأزمة تعرض المشروع الأوروبى المفتوح كله للخطر، معتبرة إياها أخطر على مستقبل أوروبا من أزمة الديون اليونانية.
لكن وسط صور الفوضى العارمة على الحدود، وأصوات عشرات الآلاف من المهاجرين يهتفون لحرس الحدود المجرى أو اليونانى أو البريطانى أو الإيطالى أفتحوا... أفتحوا.. عار عليكم، يتصاعد أيضا رد فعل محلى فى الكثير من البلدان الأوروبية يتميز بعداء متزايد للهجرة والمهاجرين واللاجئين. هذه ليست عنصرية أوروبية أصيلة فى كثير من الحالات، بل ولدها وعززها التخبط الأوروبى فى التعامل مع الأزمة... لكنها للأسف عنصرية فى تزايد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.