أثارت قضية إمكانية عقد اجتماع للمجلس الوطني الفلسطيني جدلا واسعًا في المحيط الإعلامي والفصائلي خلال الفترة الأخيرة، فبينما ترى السلطة وجوب انعقاد هذه الجلسة لتحديد مصير رئيس منظمة التحرير، ترى فصائل فلسطينية أنه قد يكون لهذا الاجتماع تداعيات سلبية ستؤثر على الوضع الفلسطيني الغير مستقر. ويرى البعض أن انعقاد جلسة عادية للمجلس الوطني الفلسطيني (البرلمان الفلسطيني) يزيد من الخلاف الداخلي بين القطبين الرئيسيين «فتح وحماس»، ومن شأنه أن يعمق فجوة الخلاف، على أساس أن هناك فصائل فلسطينية ترجح أن يفضي بقرارات أحادية لا تلقى قبول الكل الفلسطيني. واعتبر عضو المكتب السياسي لحركة "حماس" محمود الزهار أن دعوة رئيس السلطة محمود عباس لانعقاد المجلس الوطني هدفه التخلص من بعض الشخصيات غير المرغوب فيها عنده، مضيفًا أن الحركة لا تعترف بشرعية عباس، وإن أي مجلس وطني ينعقد ولا يضم المقاومة فهو «باطل». وشدد الزهار على أن حركته تريد تحقيق المصالحة الفلسطينية الفلسطينية، إلا إنها تريد نوايا صادقة من الطرف الآخر لتحقيقها "وهو ما ليس متوافر حاليا"، مؤكدًا أن عباس لا يزور أية دولة حول العالم إلا ويشوه ويحرض على المقاومة الفلسطينية. وتعكس هذه التصريحات السجال الصاخب بين ممثلي الفصائل الفلسطينية خلال الفترة الأخيرة، حيث تصاعد حدة الخلافات بشأن المشاركة في جلسة المجلس الوطني، فعلى خطى حركة (حماس)، سارعت حركة الجهاد الإسلامي برفض المشاركة في جلسة المجلس الوطني وفق الصيغة المعلنة وتحت حراب الاحتلال، بعيداً عن التوافق الوطني. دعت حركة "الجهاد الإسلامي" في فلسطين، إلى «تأجيل عقد جلسة المجلس الوطني الفلسطيني، والعمل على عقد اجتماع للإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني بما يعزز وحدة الشعب الفلسطيني ويحمي قضيته ومصالحه الوطنية». ولم يعقد المجلس الوطني الفلسطيني منذ عام 1996 بصورته الكاملة، على الرغم من الأحداث الكبيرة التي حدثت في الأراضي الفلسطينية والمفصلية منها، فلم يتم عقد أي دورة للمجلس رغم أهميته ودوره في تشكيل لجان منظمة التحرير الفلسطينية، ولا زالت المعلومات عن أعضاء المجلس الوطني محدودة فيشير البعض أن عدد الأعضاء يبلغ 776 عضواً ، قد توفى 150 منهم خلال الأعوام العشرين الأخيرة, ويبلغ متوسط أعمار هؤلاء الأعضاء 75 سنة. لن يكون عقد المجلس الوطني لمنظمة التحرير حدثا عابرًا، كالاجتماع الطارئ الذي عقد في العام 2009، أي بعد الانقسام بعامين، والذي تم خلاله استكمال عضوية اللجنة التنفيذية، بل سيأخذ صدى قويًا، ليس بأقل من ذلك الاجتماع الذي عقده الرئيس الراحل ياسر عرفات في العام 1996، والذي شهد انتخاب لجنة تنفيذية جديدة للمنظمة، قاد من خلالها مرحلة ما بعد «أوسلو». ويرى محللون أن الرئيس عباس يعمل على عدة أصعدة، ففي الوقت الذي يريد فيه تمتين جبهته الداخلية بتشكيله لجنة تنفيذية جديدة يواجه فيها سياسات إسرائيل الأحادية، يريد أيضا أن يخرج خصومه السياسيين من دائرة صنع القرار، وكذلك يريد توجيه رسالة إلى حركة حماس، مفادها أنه ما زال يمسك بكل خيوط اللعبة السياسية الفلسطينية. حركة حماس التي وافقت في العام 2011 على اتفاق مصالحة، نص على عدة بنود لم يطبق منها إلا القليل، رغم تشكيل حكومة توافق وطني، حمل أحد بنوده تشكيل «الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير» وهو إطار قيادي يضم حركة حماس الممثلة برئيس مكتبها السياسي إلى جانب الأمين العام للجهاد الإسلامي، رغم عدم عضوية التنظيمين في منظمة التحرير، كمقدمة لإجراء انتخابات عامة تأخذ حماس والجهاد فيها حجمهما في التمثيل داخل أطر المنظمة، ستكون هذه المرة خارج دوائر المنظمة، بانتخاب التنفيذية الجديدة، وبعدما جمد الرئيس كل الخطوات الرامية لتنشيط الإطار المؤقت الذي لم يشهد سوى عقد جلسات لا تتعدى أصابع اليد الواحدة في العاصمة المصرية القاهرة. وفي حال نجاح الرئيس في تمرير مخطط القيادة الفلسطينية الجديد، أو نجاح الاتصالات الرامية لتثبيت التهدئة الطويلة الأمد في غزة، فإن الطرفين سيكونان قد حققا أهدافهما، بتوجيه ضربه كل منهما للآخر، وهو ما يعني فشل مخططات إظهار القوة ووحدة الصف في مواجهة الحكومة الصهيونية المتطرفة. ويرى البعض أن تخطيط الرئيس الفلسطيني وإن أعطاه القوة في الاستمرار في الهيمنة مع فصائل منظمة التحرير الموالية له، والمختلفة فكريا مع حركة حماس، على مركز القرار الفلسطيني في منظمة التحرير، سيؤسس لمرحلة جديدة في الخلاف الداخلي، ربما تدفع خصومه في الجهة الأخرى بقيادة حركة حماس إلى اتخاذ خطوات أخرى ردا على ما تسميه الحركة وحلفاؤها «سياسة التفرد» في اتخاذ القرار.