مترو الأنفاق واحد من أهم المرافق الحيوية التي يعتمد عليها إقليم القاهرة الكبرى في نقل الركاب داخل القاهرة، وتوقف هذا المرفق يصيب العاصمة بشلل مروري تام، وعند افتتاح الخط الأول في الثمانينيات، تم بعد ربط أحد خطوط السكك الحديدية السطحية الموجودة بالفعل، والممتد من ميدان باب اللوق (عابدين) وحتى حلوان بخط حديدي آخر ممتد من ميدان رمسيس وحتى المرج، وذلك عن طريق حفر نفق يربط بينهما؛ لتفادي التخبط العام للشوارع بمنطقة وسط القاهرة، ويضم النفق 5 محطات، هي: مبارك أو الشهداء (ميدان رمسيس)، وأحمد عرابي، وجمال عبد الناصر (محطة الإسعاف)، وأنور السادات (التحرير)، وسعد زغلول، على الترتيب من الشمال للجنوب، مع العلم أن من بين تلك المحطات محطتين رئيسيتين، هما مبارك وأنور السادات، حيث تمثلان نقطة الارتباط بين الخط الأول والخط الثاني الذي تم تنفيذه لاحقًا. وعند تنفيذ ذلك الخط راعت الشركة الفرنسية المنفذة للمشروع أن تكون المحطات مكيفة بشكل جيد. ومع بدء التطور في تنفيذ بقية خطوط المترو، يعاني الآن كل راكبي المترو من ضيق التنفس؛ وذلك بسبب تعطل التكييفات والاكتفاء بتشغيل المراوح فقط، على الرغم من أن الخطوط التي تبعت الخط الأول من المترو يصل عمقها إلى 30 مترًا. وفي دراسة حديثة أعدتها وكالة "جايكا" الروسية ذكرت أن الخط الرابع لمترو الأنفاق في مصر سيتكلف 15 مليار جنيه، ومن المخطط الانتهاء منه في 2019، وتجري حاليًّا دراسة لتقليل المدة، وعلى الرغم من ذلك لم تلتفت مصر إلى عمل محطات للتهوية، كما أكدت الدراسة أن 15 مليار جنيه تكفي لإنشاء مترو بطول الجمهورية وليس فقط في القاهرة وحدها. وعلى الرغم من أن جهاز تشغيل مترو الأنفاق يقوم بتوريد ما يقارب من 20 قطارًا مكيفًا للخط الأول و10 للخط الثانى، فى إطار الخطة التى تستهدف رفع كفاءة الخط الأول والثانى للمترو، كل 6 أشهر تقريبًا، إلا أن تلك التكييفات تكون معطلة أو لا تعمل، دون وجود سبب واضح لذلك. وفي تصريح للمهندس على فضالى، رئيس جهاز تشغيل مترو الأنفاق، أكد أن المواطنين يطالبون بتشغيل التكييفات في المحطات دون رفع سعر التذكرة، وهذا أمر مستحيل. وأوضح "فضالي" أنه من الضرورة أن تقوم وزارة النقل برفع أسعار تذاكر المترو؛ نظرًا لارتفاع أسعار الكهرباء وتكاليف صيانة القطارات القديمة واستخراج كارنيهات لبعض الفئات بأسعار مخفضة، بما يحمِّل المترو أعباء كثيرة، لافتًا إلى أنه يتم حاليًّا التشاور مع وزارة النقل فى هذا الأمر. يقول المهندس الاستشاري عمرو رءوف إن المشكلة تكمن في زيادة عدد ركاب المترو مع تقليل حجم عربات المترو؛ مما يؤدي لقلة التنفس ويسبب كوارث، مشيرًا إلى أن عربات الخط الأول، وهي الأفضل، يبلغ طولها 21 مترًا وعرضها مترين والارتفاع يصل إلى 4 أمتار، وعدد المقاعد فيها 48 مقعدًا، وهو ما يساعد على التهوية بشكل جيد مع وجود فتحات التهوية والتكييف، في حين أن بقية خطوط المترو طول العربة فيها 17 مترًا وعرضها أقل والارتفاع 3 أمتار فقط، وتسع 32 مقعدًا، وهو ما يجعل هناك صعوبة في التنفس. وكشف رءوف أن هيئة النقل والمترو تأتي بعربات وقطارات مكيفة، لكنها لا تقوم بتشغيلها؛ وذلك توفيرًا للكهرباء، مشيرًا إلى أن الهواء الراكد في المحطات تحت الأرض لا يتضرر منه سوى المواطن الذي تنتقل إليه الأمراض يومًا بعد الآخر. وتابع المهندس الاستشاري أن "العربات القديمة للخط الأول غير المكيفة يمكن فيها فتح الشبابيك لدخول الهواء، أما العربات القديمة للخط التانى للمترو فهى عربات مكيفة، لكن الهيئة توقف عمل التكييف، والدليل على ذلك أن الشبابيك ثابتة لا يمكن فتحها"، لافتًا إلى أن الهيئة تتعمد تعذيب المواطنين بشراء عربات بدون تكييف وبشبابيك ثابتة لا يمكن فتحها. وأكد الدكتور هيثم عاكف، أستاذ النقل بكلية الهندسة بجامعة القاهرة، أن محاولة تكييف المحطات لا تكلف الهيئة أموالاً كثيرة، ولكنهم يفضلون أن تذهب تلك الأموال لعمل محطات جديدة، غير مهتمين بالاختناقات التي تحدث للمواطن بشكل يومي. وكشف "عاكف" أن ما يجري الآن في أنظمة التهوية بالمحطات في الخط الأول هو العمل بنظام أشبه بالتكييف، يسمى "RB"، وهو نظام يعمل على تخفيض درجات الحرارة بالمحطات 5 درجات أقل من درجة حرارة الشارع الخارجي، وهو غير مفعل ببقية المحطات. ومن الناحية الطبية تؤكد ورقة بحثية صادرة عن "كلية القصر العيني" أن الهواء الراكد الذي يتعرض له المواطنون يوميًّا في محطات مترو الأنفاق ينقل آلاف الأمراض، ويصيب بالسرطان على المدى البعيد.