مترو الأنفاق من أكبر المشاريع الحضارية في مصر وساهم بدور حيوي في حل مشكلة الاختناقات المرورية والزحام الشديد بالقاهرة الكبري منذ إنشاء الخط الاول عام 1982 فضلاً عن أنه رحم المواطنين من بلطجة سائقي الميكروباص وزحمة الشوارع . وبعد حالة انضباط دامت عدة سنوات تدهورت الخدمات المتميزة التي يقدمها جهاز المترو للركاب خلال الفترة الأخيرة وخاصة علي الخط الاول »حلوان المرج« حيث تعدَّدت أعطاله، وفقدت مدةُ تقاطر المترو انتظامها الذي اعتاد عليه المواطنون فضلاً عن انعدام التهوية. كما أصبح مجرد العبور من إحدي ماكينات التذاكر تجربةً لا تُحمَد عواقبها، بالإضافة إلي انتشار الباعة الجائلين علي مخارج ومداخل محطات المترو وصار كل ما سبق سيناريوهات يومية متكررة. " اخبار اليوم " في هذا التحقيق تكشف صور المعاناة اليومية للمواطنين مع مترو الانفاق وخاصة علي خطه الاول وتواجه بهذه المشكلات للتعرف علي حلولها استخدام مترو الانفاق يعد رحلة من العذاب ومشهدا يوميا يتكرر عندما يقف الركاب علي المحطات بالمئات في انتظار القطار ليرحمهم من عذاب الحر .. هذا ما أكده ركاب الخط الاول لمترو الانفاق حيث يؤكد محمد عبد المجيد انه بالرغم من تكرار أعطال المترو خلال الفترة الماضية اكثر من مرة في الشهر الواحد إلا ان المسئولين لم يستوعبوا الدرس ولم يفعلوا شيئا لضمان عدم تكرارها، واعتقد انها ستتكرر كثيرا إذا لم يتوقف المسئولون عن التصريحات الوردية ويبدأون في البحث عن حلول حقيقية للمشاكل التي تواجه ر كاب المترو. ويضيف : إن ما يقلقنا ان يحدث العطل بين المحطات فهنا قد تقع كارثة مروعة، فكيف يتصرف الركاب. فاما ان يكسروا الابواب وينزلوا الي القضبان وهنا لا احد يعرف بالضبط ماذا سيحدث وهل ستلتهمهم القطارات القادمة.. أو قد يضطرون الي البقاء في المترو و قد يؤدي ذلك إلي حدوث حالات اختناق كثيرة. التهوية معدومة ويلتقط طرف الحديث ابراهيم خلف قائلا : الاختناق في مترو الانفاق اصبح امرا واردا في اي وقت فالتهوية تكاد تكون معدومة خاصة في خط حلوان بالرغم من الزحام الشديد طوال اليوم. فاذا ركبت عربة المترو في الشتاء فستجد انها اشبه بالساونا بسبب عدم وجود تهوية.. فما بالك في فترة الصيف حيث ترتفع درجة الحرارة . كما أن أكثر ما يعاني منه المواطنون هو عدم وجود دورات عامة للمياه في المحطات؛ حيث توجد اثنتان فقط في كل محطة، ومخصصتان للمهندسين والعمال فقط . علبة صفيح وتقول صفاء مهند (موظفة) إنها تخرج كل يوم للعمل وأكثر أعبائها في الحياة هي تلك المدة التي تقضيها في المترو؛ حيث تختنق وتنتظر لحظة الخروج من "العلبة الصفيح" اي عربة القطار بفارغ الصبر. وتضيف صفاء أن أبسط حقوق الإنسان أن يجلس في عربات جيدة التهوية؛ وتعجَّبت من نظام التهوية في العربات الذي يتمثَّل في " شفاطات " تسحب الهواء الساخن من النفق لداخل القطار. وتضيف : سبق وأجري المسئولون في المترو استطلاعًا للرأي حول مشاكل المترو وإمكانية رفع سعر تذكرة بعض العربات في مقابل أن تزوَّد بخدمة مكيَّفة، ولكن الأغلبية رفضوا لأنهم رأوا أن هذا جزء من مقدمات لرفع أسعار تذاكر المترو بشكل عام. التسول وتري أمل رشوان ( موظفة ) أن أخطر مشاكل المترو هي التسوُّل؛ حيث يمارس المتسولون داخل القطار طريقة الاستعطاف والتسول داخل العربات، وأكدت أن خط حلوان تحوَّل إلي "أتوبيس نقل عام" أو رصيف في العتبة، وتساءلت أمل: كيف يمر هؤلاء علي مرأي ومسمع من مشرفي الغرامات الذين أرهقونا ليل نهار علي أرصفة المحطات؟! بوابات المترو ويحكي صلاح عاصم، الذي ركب خطأً بإحدي عربات السيدات، ما حدث له داخل محطة جمال عبد الناصر قائلاً: "عند مروري من بوابات المترو داخل المحطة وجدت أن كل البوابات التي ندخل فيها التذكرة معطَّلة، فاضطررت إلي وضع التذكرة فوق البوابة والقفز من أعلاها، وفجأةً وجدت أحد المراقبين يمسك بي ويطلب دفع غرامة 10 جنيهات، فقلت له ماذا أفعل؟ المشكلة لديكم أنتم، فانعدام صيانة الأجهزة هو السبب، وأنا اضطررت للقفز من فوق الجهاز بسبب العطل الموجود، لكنه لم يتفهَّم ذلك وأصرَّ علي موقفه، وهددني إما الدفع أو عمل محضر يزيد علي 100 جنيه!. طبيب المترو ويقول أحمد جعفر (طبيب) إن أكثر ما يثير تعجُّبه هو عدم وجود أطباء في محطات المترو؛ وقال إنه تعرض أكثر من مرة حين انتقاله بالمترو لنداءات عبر ميكرفونات المترو تطلب من أي طبيب أو طبيبة بين الركاب التوجُّه فورًا لمكتب معاون المحطة، وإنه يقوم في كل مرة بتلبية النداء ليكتشف أن كل محطات المترو لا يوجد بها حجرة إسعاف إلا أربع محطات هي: »شبرا الخيمة، الدقي، رمسيس، عزبة النخل« وهذه الوحدات الإسعافية الأربع لا يوجد بها طبيب واحد ؛ والقائم بالرعاية الطبية فيها هو مسعف وليس طبيبًا، وكل إمكانياته هو تقديم القليل من الإسعافات الأولية. مشروع حضاري اما ميخائيل حبيب فيؤكد ان المترو مشروع حضاري عظيم استفاد منه قطاع كبير من المواطنين خاصة الموظفين والطلاب فعدد ركابه يقترب من 2 مليون راكب يوميا.. ونعترف جميعا بأنه رحمنا من بلطجة سائقي الميكروباص وزحمة الشوارع واشارات المرور. وقد كان يؤدي دوره بشكل مميز خلال السنوات الماضية لكننا بدأنا نلحظ بعض القصور في ادائه ففي الماضي كان زمن التقاطر اقل بكثير من الان فالان ننتظر القطار لاكثر من 10 دقائق وفي احيان اخري الي ربع ساعة وهذا لم نكن نشاهده من قبل بالاضافة إلي مشكلة اخري طالما نادينا بوضع حل لها وهي سرعة إغلاق ابواب القطارات فبمجرد وصول القطار الي المحطة يفتح السائق الباب لثوان معدودة ثم يغلقه دون مراعاة لحالة الزحام الشديدة علي الابواب ورغم اننا شكونا من هذه المشكلة لكن لم نجد اي صدي. خطة شاملة المسئولون بوزارة النقل أكدوا أن هناك خطة شاملة لتطوير الخط الاول لمترو الانفاق بدأت بتطوير المحطات وستمتد إلي العربات والقطارات وبوابات التذاكر وأجهزة التكييف، حيث يؤكد المهندس محمد شيمي رئيس الشركة المصرية لإدارة وتشغيل مترو الأنفاق أنه يقوم يوميا بجولات ميدانية للمحطات والورش للوقوف علي حقيقة الوضع والمشكلات علي الطبيعة مع الاهتمام في الوقت نفسه بالحفاظ علي المظهر الحضاري لهذا المرفق الحيوي. ويؤكد أنه يجري حاليا دراسة عدد من الأفكار غير التقليدية لمواجهة المشكلات وشكاوي الركاب والعاملين وسيتم جمع هذه المعلومات وإقامة قاعدة بيانات يمكن من خلالها وضع التوصيات والحلول والبدء في تنفيذها ، كما ستتم الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة في مجال المترو ، خاصة فيما يتعلق بعمليات تنظيم حركة الصعود والهبوط من أبواب المترو بالمحطات لمنع عمليات التكدس عند الأبواب. وأضاف أنه سيجري بحث مشكلة عدم توافق الطاقة الاستيعابية لماكينات التذاكر مع أعداد الركاب ووضع الحلول اللازمة لها ، وأكد أنه سيتم توفير قطع الغيار اللازمة لصيانة قطارات المترو التي تسهم في الحد من التكدس بالعربات وانتظام مواعيد التقاطر . وأوضح رئيس الشركة أن هناك تكليفات من وزير النقل بالعمل علي استكمال خطة التطوير الموضوعة من قبل الوزارة التي بدأت إدارة الشركة في تنفيذها، والتي تهدف في المقام الأول إلي تحسين مستوي الخدمة علي الخطين الأول والثاني وتطوير الأداء الإداري والمالي ، بالإضافة إلي الاهتمام بالأصول الفنية من وحدات متحركة ومحطات وغيرها. وأشار إلي أن الفترة القادمة تحتاج لتدعيم التعاون مع كل الجهات ذات الصلة بأعمال تشغيل المترو بشكل يومي من وزارات ومحليات ، منوها إلي أهمية تحقيق الأمن والسلامة كعنصر أساسي في التشغيل والاهتمام بالعملاء . وحول الاعطال المتكررة خلال الفترة الماضية أكد شيمي أن السبب الرئيسي في زيادة الاعطال يعود إلي ان الشبكة الهوائية للخط الاول والتي يبلغ طولها 45 كيلومترا وتعمل علي خطين اي بمعدل 90 كيلومترا وتنقل جهدا كهربائيا يصل إلي 1500 فولت إلي القطار. وعدد الرحلات علي الخط الواحد يصل الي 414 رحلة يوميا وهذا يمثل عبئا كبيرا علي الشبكة الهوائية والتي يصل عمرها الي 20 عاما وتتسبب الضغوط الكهربائية في حدوث بعض الاعطال. فضلا عن ا ن معظم محطات الخط الاول مكشوفة وتتعرض الشبكة الهوائية بها إلي الاصطدام ببعض الاكياس البلاستيكية أو المواد الطائرة واحيانا مواد خرسانية من الكباري فيؤدي ذلك إلي قطع الاسلاك الكهربائية وانقطاع التيار الكهربائي. ويشيرالي انه في حالة حدوث اي عطل فإن مهندسي المترو يقومون بإصلاحه فورا ويبذلون جهودا مضنية لذلك ونقوم بالتنويه عن العطل في الاذاعات الداخلية للمترو ونوجه الركاب للبدائل والاماكن الصحيحة وكيفية التصرف. وعن مشكلة عدم انضباط مواعيد قطارات المترو وتأخرها يؤكد رئيس هيئة التشغيل ان هناك جدولا ثابتا وصارما لمواعيد القطارات حيث يصل زمن التقاطر في الخط الاول الي 3.10 دقيقة وفي الخط الثاني 2.45 وتزداد هذه المسافات بعد الخامسة مساء لتتراوح بين 5:10 دقائق وفي هذه الاوقات يكون وقت الذروة قد انتهي فنقلل عدد القطارات للقيام بعمليات الصيانة وهذا ما يشعر بعض المواطنين بأن المترو يتأخر عن مواعيده ومن المقرر ان نتعاقد علي قطارات جديدة خلال الفترة المقبلة لتدخل الخدمة علي الخط الاول وسوف تساهم تلك القطارات في تقليل مدة التقاطر بشكل كبير . قطارات جديدة المهندس محمد لطفي منصور وزير النقل أكد لنا أن الوزارة تطبق خطة لرفع الكفاءة التشغيلية لمترو الانفاق بخطيه الأول ( حلوان المرج ) والثاني ( شبرا الخيمة المنيب ) حتي يواكبا احدث التكنولوجيات التي ينفذ بها الخط الثالث حالياً. أضاف الوزيرأن خطة الصيانة الحالية التي تطبقها شركة المترو تضع في الاعتبار القضاء علي الشكاوي المتكررة التي يعاني منها المواطنون ويأتي علي رأسها الازدحام داخل المحطات والقطارات وزيادة زمن التقاطر بين الرحلات. ومن هنا وكما يؤكد الوزيرجاء الاهتمام بضرورة زيادة الوحدات المتحركة من قطارات بداية بالخط الاول حتي يصل عدد القطارات به 73 قطارا (9عربات لكل قطار) بدلاً من ال 53 قطارا الحالية، وبذلك يمكن الوصول بزمن التقاطر إلي 2.5 دقيقة دون تأخير. ولتحقيق هذا الهدف اكد الوزيرأن هناك 4 شركات عالمية تقدمت لسحب كراسات الشروط في المناقصة العالمية التي طرحتها الوزارة منذ 5 شهور لتوريد عدد 20 قطاراً جديداً للعمل علي الخط الأول لمترو انفاق القاهرة الكبري (حلوان- المرج) بطول 44 كيلو مترا، وذلك باستثمارات تقدر ب 2مليار جنيه . مؤكداً أن تقديم خدمات ذات قيمة مضافة للجمهور هو هدف رئيسي لمخطط عمل الوزارة خلال الفترة القادمة وأن إنشاء خطوط جديدة بخدمات مميزة لابد أن يواكبه تحسين ورفع الكفاءة التشغيلية للخطوط والخدمات التي تعمل حالياً. ويؤكد منصور أنه تم الانتهاء من تلقي العروض والبت الفني والمالي بهذه المناقصة وسوف يتم قريبا التعاقد الفوري مع الشركة الفائزة علي أن يتم التوريد خلال 3 سنوات من تاريخ التعاقد . مشيرا إلي أن القطارات الجديدة ستنضم بالكامل إلي أسطول الخط الأول وذلك بهدف العمل علي رفع الكفاءة التشغيلية، وتقليل زمن التقاطر، وتحسين حالة القطارات بشكل عام، بما يضمن تقديم أفضل خدمة لركاب المترو، والذين يصل عددهم إلي أكثر من 1.5 مليون راكب يوميا. مشكلات التهوية ويؤكد الوزير أن هناك مشكلات في تهوية قطارات الخط الاول لان نظام التهوية بها قديم وقد تم التعاقد مع احدي الشركات الفرنسية لتطوير التهوية بقطارات الخط الاول بدءا من شهر يونيه الماضي لكن الانتهاء من عملية التطويرستستغرق بعض الوقت. 600 بوابة أما فيما يتعلق ببوابات عبور الركاب فيؤكد الوزير أن وزارة النقل ممثلة في الشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو وقعت عقدا مع شركة »اندرا« الاسبانية لتوريد وتركيب ماكينات لعبورالركاب باستخدام الكروت الذكية مسبقة الدفع بجميع محطات المترو بخطيه الأول والثاني (55 محطة)، وذلك بعد فوز الشركة في المناقصة التي طرحتها الشركة المصرية لإدارة وتشغيل المترو وتقدمت لها أكثر من 13 شركة عالمية متخصصة في هذا المجال. وقال إن استخدام النظم الذكية لإصدار تذاكر مترو الإنفاق يأتي في إطار خطة الوزارة لتحسين خدمات القيمة المضافة للمواطنين ورفع كفاءة التشغيل، وتيسير حركة خروج ودخول المواطنين من البوابات الموجودة داخل المحطات. مشيرا إلي أن الكروت الذكية مسبقة الدفع تعد من الأنظمة المتكاملة التي تتيح لحاملها استخدام جميع خطوط المترو (الأول والثاني وأيضا الثالث بعد افتتاحه) بالإضافة إلي إمكانية التعامل بها مستقبلاً علي خطوط السكك الحديدية وعلي بوابات الرسوم في الطرق السريعة التابعة لوزارة النقل، وغير ذلك من الأنشطة المستجدة ، مثلما هو متبع في جميع عالم . وبالتالي سيتم تطبيق النظام الجديد عام 2011 باستثمارات 45 مليون جنيه من خلال توريد وتشغيل 600 ماكينة عبور كمرحلة أولي سيتم خلالها تصنيع ما لا يقل عن 2 مليون كارت في مصر وسوف تساهم الخدمة الجديدة في القضاء علي مشكلة التكدس أمام منافذ بيع التذاكر بمحطات المترو مما يقلل من زمن تواجد الركاب داخل المحطات إضافة إلي أن هذا النظام يتيح للراكب استخراج كارت جديد في حالة فقدان الكارت القديم لأي سبب من الأسباب والاحتفاظ بالمرة الزمنية المتبقية بالكارت القديم بعد أن يقوم بوقف العمل به في حالة فقده.