ابتهج مؤمن ذو الثماني أعوام حين علم من والدته أنهم ذاهبون إلى أحد شواطئ مدينة الإسماعيلية هرباً من الحرارة القاسية في هذا الصيف . الذهاب للشاطئ يعنى لمؤمن يوم كامل من اللعب والمرح والمياه مع الأقارب والأصدقاء دون التعرض للتوبيخ كما يحدث عادة، وحين قرر الصغير النزول إلى المياه نظر لأمه حتى يستأذنها، فما كان منها إلا أن وافقت على نزوله بعد تأكدها من وجود " عم محمد " في مكانه . يعمل عمل محمد منقذًا في الشاطئ وهي مهنة اختفت بمرور السنين مع وجود خدمات مثل الإسعاف البحري والمسعفين المتخصصين، يراقب المنقذ الشاطئ وخاصة الأطفال، كما يراقب علامات الخطر في انتظار التدخل إذا ما حدث مكروه وساءت الأمور بالنسبة لطفل أو أي من رواد الشاطئ . يقول عم محمد: يقتضي عملي كمنقذ أن أجلس على الشاطئ منذ الصباح، وحتى هبوط الليل من كل يوم فالعمل يبدأ مع وصول أول زائر للشاطئ . أثناء لعب مهند في المياه طلبت والدة مهند من عم بلبل مصور الشاطئ، أن يصور الصغير وهو يلعب في تلك اللحظات الجميلة مع أقاربه بالماء، وافق عم بلبل بمقابل 5 جنيهات للصورة، على وعد بأن تتسلم الصورة في خلال نصف ساعة مطبوعة على الطريقة القديمة للتصوير قبل ظهور الكاميرات الديجيتال والموبايلات الحديثة . وأثناء التقاطه الصورة، قال عم بلبل ضاحكًا: " أنا بلبل إيه ون.. تاخد صورتك قبل ما تتصور "، واستكمل " ربك هو الرزاق وغانيها بالحلال "، يلوم عم بلبل ظهور الهواتف الحديثة والكاميرات الديجيتال على انقراض مهنة مصور البلاج، لكنه ورغم ذلك اشترى كاميرا ديجيتال صغيرة ليتمكن من مواكبة العصر ولو قليلًا رغم احتفاظه بكاميرا التصوير القديمة من نوع " ياشكا " . وبعد التقاط الصور استكمل عم بلبل طريقه حول الشاطئ ليقابل زبون جديد على أمل تصويره، بينما شعر الصغير وأقاربه بالجوع، ليظهر صوت ذلك الشاب ينادى " فريسكا ، فريسكا "، فتجمع الأطفال حول الشاب رغبة في الحصول على تلك الحلوى المشهورة . واقترنت زيارة الشواطئ بتناول حلوى الفريسكا وهى "رقائق من البسكويت ملفوف بشكل دائري ويغطيه العسل مع بعض المكسرات"، ويزيد ثمنها الرخيص الإقبال عليها، فيقول أحمد بائع الفريسكا: إن ثمنها لا يتجاوز الجنيه للقطعة ويقبل عليها الكبار والصغار . يرى أحمد أن ما يجعل الناس تقبل على الفريسكا، إضافة إلى الثمن مكوناتها التي تمد الجسم بالطاقة بعد استنزافها في السباحة واللعب على الشاطئ . غربت الشمس ليحين موعد عودة مهند الصغير إلى منزله وفي يده صورة مع عائلته التي التقطها عم بلبل على أمل العودة قريباً ليلعب ويتذوق الفريسكا من الشاب أحمد، وفي قلبه ذكرى سعيدة ليوم قضاه بالإسماعيلية في حراسة عم محمد منقذ الشاطئ .