على مدار 25 عاماً، تبدلت معالم ميدان الأوبرا ولم يتبقّ منه سوى محمد عبدالرازق «المصوراتى» الذى يجلس أسفل تمثال «إبراهيم باشا» منذ 25 عاماً، حاملاً حول رقبته كاميرته الأنتيكا، ومنتظراً لرواد الميدان من المصريين والعرب والأجانب، لالتقاط صور لهم. «مصور الأوبرا»، كما يُطلق عليه زوار الميدان، يعتز بمهنته التى كادت تنقرض وتتبدل كما تبدلت معالم المكان، فهنا كانت «أوبرا عايدة»، وكازينو «صفية حلمى»، حيث يأتى العرب والأجانب من كل مكان، غير أنه مع مرور الزمن تحوّلت الأوبرا إلى جراج كبير، وبات الكازينو أشبه ب«المول التجارى». «وأنا عندى 18 سنة كنت واقف هنا باصور، الموضوع بدأ عندى كهواية، وبمرور الوقت التصوير بقى فى دمى، وتحديداً تحت تمثال إبراهيم باشا»، قالها «محمد»، وهو ينظر للمارة، ويصول ويجول فى الميدان كعادته. مع دقات الثالثة عصراً، بدأ الميدان يزداد ازدحاماً، وتشتد حرارة الجو، وخلال جولات المارة فى الميدان، لاحظ «محمد» نظرات الناس له: «المهنة كانت مقدرة زمان، الناس كانوا بيبصوا لمصور الأوبرا كأنه فنان، عينه غير أى عين، لكن دلوقت ممكن واحد يبص لك ويضحك، ويقول لك إنت بتعمل إيه؟». بسبب قلة العمل، وانصراف عدد من مصورى الأوبرا عن المهنة، كثيراً ما يسمع محمد من المارة جملة: «ياه يا عم محمد، إنت مش فاكرنى، إنت صورتنى من سنين»، الأمر الذى يُشعر مصور الأوبرا بالسعادة، حيث تساعده تلك الكلمات على مقاومة. «أولمبس.. ياشكا.. كانون.. نيكون»، كاميرات عديدة استخدمها ، ويعتز بها، وبالرغم من احتفاظه بالكاميرا الأنتيكا، حرص «محمد» على شراء كاميرا حديثة صغيرة الحجم: «دى ديجيتال بس سعرها رخيص نوعاً ما، أنا ما أعرفش أشترى حاجة غالية، فيه فرق كبير بين الفيلم والفلاش مايعرفهوش غير القديم فى المهنة». صور عديدة يعتز محمد بالتقاطه لها فى فترات مختلفة، ويحرص على الاحتفاظ بها فى جيبه: «أنا مدرستش تصوير، لكن مدرستى كانت الشارع، لأنه بيعلم أكتر من أى كتاب»، قالها بفخر مستطرداً: «بالرغم من حبى للمهنة ما أحبش حد من ولادى يطلع مصوراتى فى الزمن ده، نظرة الناس لينا اختلفت».