"الصحة" و"الصيادلة" يتبادلان الاتهامات لتقديم كبش فداء احتدم الصراع ببني سويف خلال الأيام الماضية بين مسؤولي مديرية الصحة والدكتورة أسماء جلال، مدير إدارة الصيدلة، على خلفية الكارثة الطبية شهدتها المحافظة، وتمثلت في وفاة 8 أطفال من بين 36 أصيبوا بارتفاع مفاجئ في درجات الحرارة وإسهال وقيء وغثيان وفقدان للوعي؛ لتناولهم محلول جفاف "الميتاهيدرال"بمستشفيات مراكز ببا وإهناسيا والواسطى. تقول أحلام سلامة، والدة الطفلة "رحمة" التي توفيت: توجهت بطفلتي إلى مستشفى إهناسيا المركزي؛ لعلاجها من الإسهال، وبعد تشخيص حالتها وصف لي الطبيب أكسجينًا وحقنًا، وبعد نحو نصف ساعة توافد أطفال آخرون نحو 10 أطفال يعانون من نفس الأعراض، فقرر الأطباء إعطاءهم محلولًا، وبمجرد أخذهم المحلول أصيبوا بارتعاش وتشنجات فارتفع الصراخ في العنبر. وشهد مستشفى حميات بني سويف وفاة الطفل مالك عبد العزيز محمد، البالغ عامًا، أثناء إنهاء إجراءات نقله للقاهرة، ليسجل ثالث حالة وفاة إثر تعرضه لنزلة معوية حادة، لتناوله جرعة "محلول الجفاف الفاسد"، كما شهد مستشفى بني سويف العام وفاة الطفل محمود سيد محمد قطب، 11 شهرًا، والطفلة مروة أحمد جمعة، ثمانية أشهر، بعد نقلهما من مستشفى ببا المركزي إثر تعرضهما لنزلة معوية حادة، وتناولهما جرعة المحلول الفاسد، ومازال عدد من الأطفال بمستشفى بني سويف العام والحميات والجامعي؛ لتلقى العلاج، بينهم 3 حالات خطرة. من جانبها قالت الدكتورة أسماء جلال علي، مدير إدارة الصيادلة ببني سويف: لست مسؤولة عن الاتهامات الموجهة إليَّ من قِبَل وكيل الصحة ببني سويف والوزارة، في البيان الصادر عنها بخصوص تحويلي للنيابة العامة للتحقيق. وأكدت أن ال500 عبوة من المحلول الواردة بتاريخ 14 يوليو 2015 من الهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية، تفيد بأن الصنف المذكور برقم التشغيلة 140509 مطابق للمواصفات, وخضع للتحليل بالمعامل المركزية لوزارة الصحة, وتم استلام الصنف بناء على هذه الشهادات الصادرة من معامل الوزارة. مدير التموين الطبي: أبلغت الصيادلة هاتفيًّا بإيقاف الصرف وأضافت الدكتورة أسماء محمود، مدير التموين الطبي الدوائي، أنها أبلغت جميع الصيادلة هاتفيًّا بجميع المستشفيات بإيقاف الصرف من الطلبية الجديدة الواردة بتاريخ 14 يوليو 2015, بعد أن أبلغ الدكتور علاء عزت، وكيل الوزارة، لجنة الأزمات شفهيًّا بأن الميتاهيدرال المحلول الوريدي حدث منه تفاعل عكسي على حالات بمستشفى الواسطى المركزي, دون أي تكليف رسمي أو اطلاع الصيادلة على أي مستندات أو تفاصيل تثبت صحة هذا الكلام. وقالت الدكتورة أسماء جلال، مدير إدارة الصيدلة: عندما ظهرت حالات تسمم بمستشفى سمسطا المركزي طلب المستشفى طلبية أدوية, ومن ضمن الأصناف المطلوبة "الريهيدران الوريدي" ولما رفضت الدكتورة مها كامل عزيز صرفه، كتب الدكتور هاني همام، مدير المستشفيات، على إذن الصرف "يتم الصرف فورًا وعاجل" ووقَّع, وكتبت مدير التموين الطبي الدوائي الدكتورة أسماء محمود على إذن الصرف "على أن يتم صرف الريهيدران الوريدى تحت الملاحظة الشديدة" وتم الصرف للصنف المشتبه في تسببه هذه الكارثة. وأضافت جلال أن الواقعة بدأت من ثاني أيام عيد الفطر، حيث تلقى أحد المستشفيات 5 حالات بنفس الأعراض الحالية بمركز الواسطى، وتم التعتيم عليهم تمامًا، ولم تبلغ الوزارة أو الإعلام بهم أو أي جهة أخرى، وبعدها أصدرت قرارًا بوقف صرف هذه التشغيلة، لكن الدكتور هاني همام، مدير المستشفيات بمديرية الصحة ببني سويف، أصدر قرارًا بتوقيع منه بصرف التشغيلة على مسؤوليته الخاصة. من جانبه قال ياسر شلبي، أمين نقابة الصيادلة ببني سويف: نرفض بشكل تام تحميل مديرة إدارة الصيدلة بمديرية الصحة أي مسؤولية خاصة، بعد تقدمها للجهات المسؤولة والنقابة بما يثبت عدم صلتها بموضوع "محلول الجفاف" وأن مسؤولي الصحة ببني سويف والوزارة يبحثون عن "كبش فداء" للحادث، مطالبًا بإقالة وكيل مديرية الصحة ببني سويف ومحاكمته. وفي السياق نفسه، قال الدكتور محيي الدين عبيد، نقيب الصيادلة: مدير إدارة الصيدلة ببني سويف ليست السبب الرئيس في القضية، مطالبًا بفتح تحقيق شامل، بداية من وكيل وزارة الصحة ببني سويف، وصولًا إلى مديري المستشفيات والصيادلة. "الصيادلة": الصحة هي المسؤولة.. ولن نترك أبناءنا أضاف ل"البديل": النقابة ترفض بشدة إلصاق التهم بالصيادلة، وسنحضر التحقيق مع مدير إدارة الصيدلة، فالصيدلي ليس له دخل بهذه القضايا؛ لأن وزارة الصحة المسؤولة عن التشغيلات وتحليلها. وبعد وفاة 4 أطفال جدد سادت حالة من الارتباك بين صفوف قيادات الصحة، مما دفع أهالي الضحايا إلى التهديد برفع دعاوٍ قضائية يطالبون فيها بعزل قيادات الصحة وتعويض مالي كبير. وقال الدكتور منصور حسن، عميد كلية الطب البشري ورئيس مجلس إدارة المستشفى الجامعي ببني سويف: استقبل المستشفى الجامعي الأحد 26 يوليو 2015 كلًّا من الأطفال (مروان فتحي، 7 شهور, محمد محمد أبو العلا، سنة واحدة, ورحمة علي، خمسة أشهر) في حالة غيبوبة كاملة وتشنجات، وكانت الطفلة رحمة في حالة سيئة جدًّا وتم عمل إفاقة وإسعافات لها عدة مرات. وأضاف ل"البديل": كان جميع الأطفال محولين من المستشفى العام بالإسعاف، وتم إدخالهم قسم الأطفال وعمل الإسعافات الأولية والتحاليل اللازمة لهم وإعطاؤهم جرعات من المضادات الحيوية وأدوية التشنجات، وكان التشخيص المبدئي اضطرابات في وظائف المخ وغيبوبة وتشنجات إثر ادعاء أخذ محلول جفاف بالوريد بمستشفي ببا المركزي للطفلين مروان فتحي, محمد محمد، ومستشفى إهناسيا للطفلة رحمة. رئيس "الجامعي": البحث جار عن أسباب التشنجات والغيبوبة وأضاف: بمتابعة الحالات تبين تحسن في حالة الطفلين مروان ومحمد نسبيًّا، ما عدا الطفلة رحمة التي ساءت حالتها وتم وضعها على جهاز التنفس الصناعي، ومن واقع التحاليل الطبية والفحص الإكلينيكي تبين سوء وظائف الكلى بالنسبة للطفلة رحمة التي توفيت في التاسعة والنصف صباح الاثنين 27 يوليو 2015؛ بسبب هبوط حاد في الدورة الدموية والقلب واضطرابات في وظائف المخ والكلى بمواد كيميائية غير واضحة، مشيرًا إلى أن حالة الطفلين مروان ومحمد مستقرة ومتحسنة مع وضع الطفل مروان على جهاز التنفس الصناعي لمدة 12 ساعة، مؤكدًا أن البحث مازال جاريًا لمعرفة أسباب التشنجات والغيبوبة. فيما وافق دكتور أمين لطفي، رئيس جامعة بني سويف، على تشكيل لجنة ثلاثية من السادة أعضاء هيئة التدريس بكلية الصيدلة؛ لفحص العينات الطبية في القضية رقم 3141 إداري مركز إهناسيا والقضية رقم 4666 مركز إداري مركز ببا، بناءً على الخطاب الوارد إلى الجامعة من مكتب المستشار المحامي العام لنيابات بني سويف.