بدأ وزير الخارجية الأمريكية "جون كيري" منذ مطلع الأسبوع الجاري جولة شرق أوسطية، تصدرت القاهرة قائمة البلدان التي تشملها جولة كيري، لينطلق الوزير الأمريكي من مصر نحو قطر، بعد لقاء جمعه بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ووزير خارجية القاهرة سامح شكري، لتحط طائرته في الدوحة، حيث تعقد مناقشات إقليمية بحضور عدد من وزراء خارجية الدول العربية، بالإضافة إلى وزير الخارجية الروسية "سيرجي لافروف". ملفات عديدة تم طرحها على طاولة النقاش خلال لقاءات كيري بالمسؤولين العرب، لكن الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه مؤخرًا بين طهران والدول الست الكبرى، بجانب الأزمة السورية كانا حاضرين بقوة أثناء المحادثات التي عقدها الوزير الأمريكي في القاهرةوالدوحة على حد سواء، هذا بالإضافة إلى العراق والمواجهات الجارية ضد تنظيم داعش الإرهابي، وكذلك الوضع في ليبيا والقضية الفلسطينية فازا بوقت ليس بقليل من ساعات اللقاء. قبل وصول "كيري" إلى العاصمة القطرية، كان يتواجد وزير خارجية موسكو هناك، وعقد عدة لقاءات أبرزها مع الرئيس السابق لما يُعرف بالائتلاف السوري المعارض "معاذ الخطيب"، وكذلك رئيس المكتب السياسي لحركة حماس "خالد مشعل"، وجود وزيري خارجية دولتين بحجم روسيا وأمريكا في الدوحة، يعني أن الفترة القليلة المقبلة ستشهد انفراجة في أزمات منطقة الشرق الأوسط، خاصة أن وزير خارجية السعودية "عادل الجبير" كان حاضرًا هذه اللقاءات أيضًا. تأتي هذه الزيارات التي يقوم بها "كيري" و"لافروف" إلى المنطقة، بعد التقدم الكبير الذي شهدته الساحة الدولية مؤخرًا، بالتوصل إلى اتفاق نهائي بين طهران والدول الكبرى حول برنامج إيران النووي، مما يعني أن ثمة تطورات بالملفات الإقليمية ستشهدها الشهور القليلة المقبلة، لاسيما أن الوضع في اليمن والعراق وسوريا بلغ ذروته، هذا بجانب بعض الملفات التي لا تزال عالقة ولم يتم حسمها بعد في لبنان، لذا تؤكد هذه الزيارات واللقاءات المكثفة أننا نعيش اليوم مرحلة الإعداد والاتفاق، خاصة أن نقطة الانطلاقة لدى وزير خارجية واشنطن مع نظرائه العرب، كانت الإنجاز التاريخي الذي حدث بالتوصل للاتفاق النووي الإيراني مؤخرًا. الوضع في اليمن وتطورات الحرب التي تقودها السعودية بالبلاد، كانت حاضرة أيضًا على طاولة المناقشات بين كيري ووزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، ولعل هذا الملف هو الأقرب للحسم خلال الفترة المقبلة، لاسيما أن المبعوث الدولي إلى اليمن "إسماعيل ولد الشيخ" يجري محاولات مكثفة لتسوية الأزمة، فضلًا عن أن الرياض لم تحقق أي إنجاز عسكري يُذكر حتى الآن، رغم مرور أكثر من 4 شهور على المواجهات والمعارك التي تخوضها ضد الجيش اليمني واللجان الثورية، مما يعني أن فرص قبولها بأي تسوية تحتاج لبعض الضغوط الأمريكية والإقليمية، وهو ما قد يتم إنجازه عقب هذه اللقاءات التي تجمع "كيري" و"لافروف"، بجانب وزراء خارجية مجلس التعاون. تتزامن هذه اللقاءت مع الجهود التي تبذلها روسيا خلال الأيام الجارية لحل الأزمة السورية، والتوصل لتسوية سياسية عبر جمع المعارضة والحكومة على طاولة نقاش واحد، ومنها يبدأ الاتفاق على ملامح الفترة المقبلة في هذا البلد الذي أنهكته الحروب منذ أكثر من 4 سنوات، خاصة في ظل تطورات المشهد بالشرق الأوسط، حيث بدأت خطوات مد جسور التواصل سرًّا بين دمشقوالرياض، فضلًا عن عدم جدوى الرهانات الأمريكية التركية رغم تدريب المعارضة وتزويدها بالمعلومات الاستخباراتية، لكن مازالت الغلبة للجيش السوري، الذي استعاد السيطرة على العديد من المناطق خلال الأسابيع القليلة الماضية.