أسعار السلع الغذائية في تزايد يومًا بعد يوم، بشكل جنوني لا يلتفت لصرخات المواطن المصري، والذي لا يكف ليل نهار عن السؤال المؤلم: أين الدولة؟ وهل تخلت عن دورها وتركت الناس لغول الأسعار يفعل بهم ما يشاء؟ وإذا كانت الدولة بكل سطوتها وقوتها لم تستطع إنقاذهم من جشع التجار، فمن يستطيع؟! وعلى الرغم من وجود أجهزة في مصر من شأنها أن تجيب عن تلك التساؤلات وأن ترفع جشع التجار، كجهاز حماية المستهلك وغيره من الأجهزة والمنظمات المعنية بمراقبة الأسواق، التي لا يعرف المواطن المصري عنها شيئًا. ومؤخرًا كشف استطلاع رأى لمركز معلومات مجلس الوزراء عن أن 55% من المواطنين لم يسمعوا عن وجود قانون لحماية المستهلك فى مصر، مقارنة بنسبة 50% فى استطلاع مارس 2011، فيما أشار 61.8% إلى أن القانون يحمى حقوقهم كمستهلكين، وأجاب 19.7% أن القانون يحتاج إلى تعديل، واقترحوا تغليظ العقوبات فى حال عدم التزام أصحاب المحلات بتطبيق القانون، بالإضافة إلى مراقبة السلع وجودتها وأسعارها. وعرض اللواء حمدى حلمى المشرف على مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء نتائج الاستطلاع الذى تم إجراؤه حول "رؤية المصريين لقانون حماية المستهلك والأجهزة المعنية بتطبيقه"، وقال إن نتائج الاستطلاع أظهرت أن 46.5% من المواطنين يعرفون أن قانون حماية المستهلك يحمى المستهلك فى حالة وجود عيب فى السلعة أو الخدمة، فيما لا يعرف 53.5% أنه يحمى المستهلك. وكانت المفاجأة أن 61% ممن شملهم الاستطلاع لم يسمعوا عن جهاز حماية المستهلك، مقابل 64% فى استطلاع مارس 2011، أى أن نسبة من يعرفون بوجود جهاز حماية المستهلك تراجعت 3% خلال 4 سنوات، كما كشفت نتائج الاستطلاع عن أن 75% لم يسمعوا عن حماية المستهلك، مقابل 82% فى استطلاع مارس 2011. وأظهرت نتائج الاستطلاع أن 97% لم يتقدموا بشكوى من سلعة أو خدمة لجهاز أو جمعيات حماية المستهلك، وأن 72% لا يعرفون أن لهم حقًّا فى إمكانية استبدال السلعة لو أن بها عيوبًا خلال 14 يومًا من الشراء، وذلك مقابل 68% فى استطلاع مارس 2011 ، كما أظهرت النتائج أن 46.7% يعرفون أن البائع ملزم بتقديم فاتورة مدون بها المعلومات الصحيحة. وكان من بين النتائج أن 38% ممن شملهم الاستطلاع لا يهتمون بالحصول على فاتورة شراء أى منتج جديد، كما كشف أن 81% على استعداد للاستغناء عن الضمان مقابل الشراء بسعر أقل، كما كشفت النتائج أن 91.3% يشترون المنتجات من المحلات مباشرة، فيما يقوم 15% بالشراء من الباعة الجائلين، وكانت نسبة من يشترون عن طريق إعلانات التليفزيون 10.3%، وعبر الإنترنت 3.9%. وتعد تلك المؤشرات خطيرة؛ لأن وعي المواطن المصري بتلك الأجهزة التي تحافظ على حقوقه يكاد يكون معدومًا بشكل كامل. وعن ذلك يقول أشرف شندي، الخبير الاقتصادي، إن دور جهاز حماية المستهلك يكاد يكون معدومًا في الفترة الحالية، مشيرًا إلى أن عدم وعي المواطن بالجهاز يرجع إلى عدم وجود رقابة، فلو كانت هناك رقابة فعالة، لكان المواطن قد أدرك حقوقه من عدمها. وأكد "شندي" على أن "فرض رقابة من الدولة على الأسعار أصبح أمراً ضروريًّا، خاصة بعد حالة الانفلات التى تشهدها الأسواق من وقت لآخر، فقد آن الأوان لإعادة النظر فى سياسات الدولة فيما يتعلق بحماية المواطن من ارتفاع الأسعار، خاصة أننا منذ سنوات عديدة نعانى من فوضى فى الأسعار، والدولة تتحرج من استخدام آليات لضبط الأسواق؛ خوفاً من الاتهام بأنها لا تتبع نظام السوق الحرة، لذلك أصبحت يدها مغلولة فى ممارسة دورها فى الرقابة وضبط الأسواق". وأضاف أن هناك آليات كثيرة يجب أن تتبعها الدولة، منها تحديد هوامش الربح فى تجارة الجملة والتجزئة، ويعتمد هذا الهامش على حساب التكلفة، بما يمنع التجار من تحقيق أرباح طائلة من استغلال المواطنين، مشددًا على ضرورة وجود توعية للمواطن فيما يتناسب مع ما يفعله. وأكدت الدكتورة سعاد الديب رئيس اتحاد جمعيات حماية المستهلك أن جهاز حماية المستهلك ربما تراجع دوره خلال الفترة الأخيرة، ولكنه يقوم بدور كبير في ذات الوقت، مشيرة إلى أن عدم معرفة المواطن بالجهاز ترجع إلى غياب الدور التوعوي والتثقيفي الذي لا بد أن تقوم به الدوله تجاه المواطن المصري. ولفت عاطف يعقوب رئيس جهاز حماية المستهلك إلى أن الدستور الجديد تضمن مادة تتعلق بحماية المستهلك وتوفير السلعة بالسعر العادل لها، مشيرًا إلى أن السعر العادل ظهر بوضوح فى ربط المجمعات بالنقاط خلال منظومة الخبز، لافتًا إلى أهمية تعديل السلوكيات المرتبطة بالمستهلك، مؤكدًا اهتمام الدولة بحقوق المستهلك ودعمه، منوهًا إلى أهمية دور محور المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية والتى تمثل معاونًا أساسيًّا فى حماية المستهلك. وأوضح رئيس جهاز حماية المستهلك أن الجهاز وضع خطة تعتمد على وجود مرجعية فنية من خلال إنشاء جهاز لسلامة الغذاء فى مصر؛ وذلك لتنسيق العمل بين الأجهزة المختلفة وتدعيم الأجهزة التى تعمل فى نفس الاتجاه.