تشهد المخابز والأفران هذه الأيام مارثون سنوى روحانى تتسابقن فيه السيدات على عمل عمل الكعك والبسكوت قبيل عيد الفطر المبارك، وسط بهجة ترتسم على وجوه الأطفال والكبار، كعادة فرعونية قديمها ورثها المصريون عبر العصور والأجيال المتلاحقة. "كعك العيد".. عادة توارثها المصريون منذ عصر الفراعنة، مرورًا بالأخشيديين والمماليك حتى الفاطميين والأيوبيين، إلى أن وصل إلى عصرنا هذا، فمنذ العصر الفرعوني وجدران المعابد شاهدة على تواجده كعادة مصرية أصيلة، فنجد النقوش على المعابد القديمة، حيث كان يقدمه الفراعنة كقرابين وهدايا للآلهة، وظل الكعك يرمز الدلالات الدينية والأساطير لأنهم كانوا يربطون الكعك بالفلك، لأن منهم من كان يرمز له على أنه القمر أو الشمس نظرًا لاستدارته. كما انتشر الكعك في العصر الأخشيدي وذلك سنة 924م، مرورًا بالعصر الفاطمي، من خلال إنشاء مؤسسة أطلق عليها "دار الفطرة" لإنتاج الكعك وتوزيعه على الفقراء والمحتاجين حتى لا يحرموا منه في مناسبة كعيد الفطر. وامتدت هذه المؤسسة إلى العصر الأيوبي، حيث اعتبروا توزيع الكعك حينها كصدقة، وذلك حتى في العصور الوسطى، حتى أصبح توزيع الكعك نص في حج الوقف، أي أصبح يوزع على الحجاج في الكعبة والبيت الحرام. أما المماليك، فقد بالغوا الاهتمام بالكعك، حيث اعتبره من أوجه البر والصدقات على الفقراء، وذكر ذلك في الوقفيات الخاصة بعصر المماليك بكتب التاريخ، وكذلك رسائلهم، كما نجد أن في هذا العصر كانوا يأمرون بحشو الكعك ب"دنانير الذهب"، وتوزع على سادة القوم، كما أطلقوا عليه "أفطن له" بمعنى "أنظر ما بالكعك من دنانير"؛ كوسيلة للترفية والتسلية. وعن "الكعك" كمسمى، فتكشف عنه الأساطير الفرعونية، خاصة أسطورة "إيزيس وأوزوريس"، حيث كانت تقف دومًا حاملة في يدها اليمنى "كعكة"، وفي يدها اليسرى "خبز"، ويقال هنا إن كعك يأتي من فعل "عكعك" ويعني بالفرعونية "القيام بالعجن"، ومن هنا أُطلق عليه كعك، وأصبح من العادات المورثة للاحتفال بالعيد. ومع اقتراب عيد الفطر المبارك، تشتعل أسعار الكحك وسط الأزمات المالية التي تمر بها الأسرة المصرية، فوصل سعر كيلو الكعك إلى 50 جنيها، وهكذا البسكويت والميني، أما عن الغريبة، فوصل سعرها إلى 70 جنيه للكيلو الواحد، فضلًا عن ارتفاع أسعار الدقيق والسمن البلدي للأسر التي تخبز في منازلهم. وكانت ل"البديل" جولة لتتعرف على الأسعار وآراء المواطنين ونسبة الشراء، فيقول محمد حسان، بائع كعك في إحدى المحلات الشهيرة، إن أسعار الكعك لم تختلف كثيرًا عن العام الماضي، لكن الإقبال على شرائه انخفض للغاية. وأضاف "حسان" أن العديد من القطاعات تشهد تأثرا بسبب الحالة الاقتصادية التي تمر بها مصر في الوقت الحالي، لذا فالمواطنون لن يتحملوا شراء كعك العيد بسعر 200 جنيه للعلبة الواحدة. وتابع: "الكثير من المواطنين سيلجأون إلى الكعك الذي تطرحه القوات المسلحة، لكنه أيضًا مرتفع الأسعار، فوصل سعر الكيلو ل38 جنيهاً، والبيتي فور ب47 جنيهاً للكيلو، والبسكوت ب36 جنيهاً، والبسكوت المشكل ب38، وهو ما لم تتحملة أي أسرة مصرية". واستطرد: "اتجهت العديد من الأسر هذا العام إلى صنع كعك العيد في المنازل، لكن الأمر مكلف للغاية، فكيلو السمن البلدي بسعر 70 جنيهًا، فضلًا عن الدقيق والسمسم وغيرها"، لافتا إلى أن ارتفاع الأسعار لن يكون لدى المخابز وحدها، بل لدى الجميع. من جانبها، قالت نهي محمد، ربة منزل، يصعب عليها شراء كيلو من كل صنف؛ لأن ذلك سيكلفها 300 جنيه وربما أكثر، مضيفة أنها ستكتفى بشراء علبة مشكل لأولادها؛ من أجل فرحة العيد، مشيرة إلى أن محلات الكعك ترفع شعار "يا كحك العيد مين يشتريك" بسبب غلاء الأسعار. وفى نفس السياق، أوضحت مريم محمد، موظفة، أنها لن تشتري كحك العيد جاهزا هذا العام؛ بسبب ارتفاع الأسعار وعدم اقتناعها بجودة الكحك فى المحلات، مؤكدة أن الكحك "البيتى" أفضل وأرخص من الجاهز، فأسعار مكوناته رغم غلائها، إلا أنها توفر كثيراً، مشيرة إلى أنها ستحاول عمل عينات بسيطة في المنزل، وإذا لم تنجح فسوف تشتري من المحالات.