تردد القلم كثيرا قبل كتابة هذا المقال. ليس لكونه سيكتب عن أكثر كسراتنا وخيباتنا مرارة وألم، بل لأن آثار نكستنا التي مازالت باقية فينا، وأخشي أن أكتب علي هذا الأثر ما يعزز بقاءه فينا.. أتذكر قصة لجنرال متقاعد كان يحكى أن عملاء إسرائيل كانوا يحسبوا زمن تحرك الضباط من السكنات إلي مراكز القيادة.. بل ويرصدوا علاقاتهم الاجتماعية والأسرية، وإذا صدق هذا القول أو خاب.. فمجمل ما حدث في 5 يونيه ليس صدفة، فإسرائيل لا تتحرك بمنطق ومنطلق رد الفعل.. فلم يكن إغلاق مضيق تيران هو السبب بل هو الفرصة، فقد كانت 67 خطة مجهزة لاجتياح الأراضي العربية وتنتظر ساعة الصفر ليس إلا، بل إننا لن نبالغ عندما نقول أن أظرف وزارة الدفاع الإسرائيلية مليئة بخطط معدلة ومستوحاة من جولتنا الأربعة معهم علي أمل منهم لتكرار 67. وأردنا أو لم نرد الاعتراف.. فإن آثار يونيه 67 مازالت قائمة وباقية فينا فقد قبلنا بوجود إسرائيل وسقطت القدس واحتلت الجولان .. ودفع العراق ثمن دعمه. علي كل، إذا كنا نعتبر 5 يونيه هزيمة عسكرية بشكلها التكتيكي فنصرنا العظيم في أكتوبر كان ينبغي أن يكون استراتيجيا وإن لم يقدر له الله ذلك، إلا أنه في النهاية قد حول الهزيمة إلي حالة من التعادل العسكري و التفوق النسبي علي العدو وإن افتقدنا التوازن الاستراتيجي فيما بعد النصر، ليس لقبولنا مبدأ التفاوض ومنه الي السلام بقدر ما فرضه هذا التفاوض من خلل تكتيكي واستراتيجي علي معادلة الصراع المحتمل. وإذا كانت متباينة الصراع تقول أن النكبة سبب النكسة ثم كانت النكسة دافع النصر ليتحقق بكل فخر، ومنة علي خجل إلى السلام وباعتبار هذا السلام هدنة لا قدر فسيتبعه جولة جديدة ستكون لصالح… وعند تلك النقاط يجب أن نتوقف لنختار من بين أقواس التاريخ ما نريد أن يكون عليه المستقبل. ويبقي أن نقول: إذا كانت النكسة قد ولدت من رحم النكبة.. فمن رحم أكتوبر سيولد يوما نصر جديد. إن ما نكتبه هنا ليس حالة من تقمص روح هزيمة يونيه أو التمسك بها، بل هو محاولة لاستدعاء روح أكتوبر للوقوف علي ناصية مصيرنا لندافع.. ويوما كتب نزار قباني علي هامش النكسة فقال: لا تلعنوا السماء إذا تخلت عنكم.. لا تلعنوا الظروف فالله يؤتي النصر من يشاء وليس حداداً لديكم.. يصنع السيوف