أسعار الفراخ البيضاء اليوم الخميس 20-11-2025 في الأقصر    البث المباشر لانطلاقة الجولة الثامنة من دوري أدنوك.. مواجهة مبكرة تجمع خورفكان وشباب الأهلي    اليوم، رئيس كوريا الجنوبية يلتقي السيسي ويلقي كلمة بجامعة القاهرة    مستشفى 15 مايو التخصصي ينظم ورشة تدريبية فى جراحة الأوعية الدموية    اليوم.. محاكمة المتهمة بتشويه وجه عروس طليقها فى مصر القديمة    تحذير عاجل من الأرصاد| شبورة كثيفة.. تعليمات القيادة الآمنة    اليوم.. عرض فيلم "ليس للموت وجود" ضمن مهرجان القاهرة السينمائي    شاهد، أعمال تركيب القضبان والفلنكات بمشروع الخط الأول من شبكة القطار الكهربائي السريع    سيد إسماعيل ضيف الله: «شغف» تعيد قراءة العلاقة بين الشرق والغرب    ترامب يرغب في تعيين وزير الخزانة سكوت بيسنت رئيسا للاحتياطي الاتحادي رغم رفضه للمنصب    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 20 نوفمبر 2025    تحريات لكشف ملابسات سقوط سيدة من عقار فى الهرم    انتهاء الدعاية واستعدادات مكثفة بالمحافظات.. معركة نارية في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    زكريا أبوحرام يكتب: هل يمكن التطوير بلجنة؟    دعاء الفجر| اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله    سفير فلسطين: الموقف الجزائري من القضية الفلسطينية ثابت ولا يتغير    بيان سعودي حول زيارة محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة    مستشار ترامب للشئون الأفريقية: أمريكا ملتزمة بإنهاء الصراع في السودان    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    كيفية تدريب الطفل على الاستيقاظ لصلاة الفجر بسهولة ودون معاناة    مكايدة في صلاح أم محبة لزميله، تعليق مثير من مبابي عن "ملك إفريقيا" بعد فوز أشرف حكيمي    فلسطين.. تعزيزات إسرائيلية إلى قباطية جنوب جنين بعد تسلل وحدة خاصة    مصادر تكشف الأسباب الحقيقية لاستقالة محمد سليم من حزب الجبهة الوطنية    طريقة عمل البصل البودر في المنزل بخطوات بسيطة    إصابة 15 شخصًا.. قرارات جديدة في حادث انقلاب أتوبيس بأكتوبر    محمد أبو الغار: عرض «آخر المعجزات» في مهرجان القاهرة معجزة بعد منعه العام الماضي    يحيى أبو الفتوح: منافسة بين المؤسسات للاستفادة من الذكاء الاصطناعي    طريقة عمل الكشك المصري في المنزل    أفضل طريقة لعمل العدس الساخن في فصل الشتاء    أسعار الدواجن في الأسواق المصرية.. اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    خبيرة اقتصاد: تركيب «وعاء الضغط» يُترجم الحلم النووي على أرض الواقع    مأساة في عزبة المصاص.. وفاة طفلة نتيجة دخان حريق داخل شقة    وردة «داليا».. همسة صامتة في يوم ميلادي    بنات الباشا.. مرثية سينمائية لنساء لا ينقذهن أحد    مروة شتلة تحذر: حرمان الأطفال لاتخاذ قرارات مبكرة يضر شخصيتهم    تأجيل محاكمة المطربة بوسي في اتهامها بالتهرب الضريبي ل3 ديسمبر    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    ضبط صانعة محتوى بتهمة نشر مقاطع فيديو خادشة للحياء ببولاق الدكرور    ارتفاع جديد في أسعار الذهب اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025 داخل الأسواق المصرية    إعلام سوري: اشتباكات الرقة إثر هجوم لقوات سوريا الديمقراطية على مواقع الجيش    موسكو تبدي استعدادًا لاستئناف مفاوضات خفض الأسلحة النووي    بوتين: يجب أن نعتمد على التقنيات التكنولوجية الخاصة بنا في مجالات حوكمة الدولة    إطلاق برامج تدريبية متخصصة لقضاة المحكمة الكنسية اللوثرية بالتعاون مع المعهد القضائي الفلسطيني    فتح باب حجز تذاكر مباراة الأهلي وشبيبة القبائل بدورى أبطال أفريقيا    ضمن مبادرة"صَحِّح مفاهيمك".. أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية حول حُسن الجوار    "مفتاح" لا يقدر بثمن، مفاجآت بشأن هدية ترامب لكريستيانو رونالدو (صور)    خالد الغندور: أفشة ينتظر تحديد مستقبله مع الأهلي    دوري أبطال أفريقيا.. بعثة ريفرز النيجيري تصل القاهرة لمواجهة بيراميدز| صور    تقرير: بسبب مدربه الجديد.. برشلونة يفكر في قطع إعارة فاتي    ديلي ميل: أرسنال يراقب "مايكل إيسيان" الجديد    لربات البيوت.. يجب ارتداء جوانتى أثناء غسل الصحون لتجنب الفطريات    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    تصل إلى 100 ألف جنيه، عقوبة خرق الصمت الانتخابي في انتخابات مجلس النواب    أمريكا: المدعون الفيدراليون يتهمون رجلا بإشعال النار في امرأة بقطار    ماييلي: جائزة أفضل لاعب فخر لى ورسالة للشباب لمواصلة العمل الدؤوب    خالد الجندي: الكفر 3 أنواع.. وصاحب الجنتين وقع في الشرك رغم عناده    أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. علي السمان:"البردعة الإسرائيلية" ليست السبب في فشل مشروع القومية العربية
نشر في الوفد يوم 19 - 05 - 2012

بحلول منتصف ليلة 15 مايو 1948 أعلن عن قيام دولة إسرائيل وأصدر «ماير هاي عوزيل» رئيس حاخامية الأراضي المقدسة نداء إلي أبناء إسرائيل في الشرق، مبيناً فيه أنهم قد حققوا بعون الله حلمهم الذي عمل من أجله جميع الصهيونيين، ومازالوا منذ ثلاثة قرون،
ألا وهو إنشاء دولة إسرائيل التي اعترفت بها الدول في أرض فلسطين المقدسة وسيحققون كذلك فوراً مشروعهم المثالي بالتوسع في شرق الأردن وفلسطين وسوريا، وبعد ذلك العراق وإيران.. وختم الحاخام البيان بقوله: «إلي الأمام إن الله معنا وقد جعل منا شعبه المفضل علي الأرض وميزنا».
وبدأت النكبة العربية بنجاح الكيان الصهيوني في الاستمرار في قلب الأمة العربية مثل «الشوكة» أو مخلب أو ناب للاستعمار لتلعب دوراً خطيراً في شطر الوطن العربي وتمزيق أوصاله وإعاقة النمو والازدهار.
وكشفت النكبة فشل الأنظمة العربية في تنفيذ الوعود والاتفاقات والخطب الرنانة التي ألهبت مشاعر الجماهير.. فكيف تمت الأزمة؟
شاهد فيديو الحوار:
كيف نري إدارة النكبة العربية بعد مرور 64 عاماً؟
- هي نكبة نتيجة الاختيار في إدارة المعارك، والاختيار العربي كان ومازال حرب شعارات، مع أن الطرف الذي أمامنا كان يري المعارك بالنسبة له تخطيط وتربيطات دولية وتدريب جدي وعلم واتفاق في الرأي بين القادة الإسرائيليين أثناء الحروب.. والوضع العربي منذ عام 1948 كانت الخلافات هي الشعار السائد الذي يعرقل النجاح أو النصر، إلا أن تجربة حرب أكتوبر 73 كانت جيدة، لأن مصر اختارت أن تقودها وحدها مع سوريا، وثانياً أن الرئيس السادات اختار إدارة المعركة بالسرية الكاملة حتي بداية العمليات.
إلي أي مدي ألقت هذه النكبة بظلالها علي الواقع العربي؟
- في البداية كان الفكر العربي يدور حول أن ثماني دول عربية اعتبروا أن الخصم الذي أمامهم مجرد عصابات، وهي كذلك بالفعل ولكن لديها مقومات دولة علي الأقل علي المستوي العسكري، والتنظيم الصهيوني لقيادة العمل من «بن جوريون» و«جولدا مائير» وبالتالي ألقت بظلالها بشعور الأمة العربية بأول هزيمة تحيق بها، وحينما ولدت الدولة الإسرائيلية في 48 واجهنا ذلك بمجموعة شعارات أخري وهو عدم الاعتراف بالدولة الوليدة واعترف بها العالم أجمع وعلي رأسه أمريكا والاتحاد السوفيتي ومعظم الدول الأوروبية.
ما نتائج حرب 48 علي الدول التي تمت هزيمتها؟
- أولاً حرب 48 أصبحت الأب الروحي لانفجار ثورة يوليو 1952 لأنه كان هناك بعض الأفكار السائدة، عما يسمي بالأسلحة الفاسدة أثناء الحرب التي شارك في شرائها بعض أعضاء الحاشية الملكية وكانت السبب في الهزيمة، وفجر «إحسان عبدالقدوس» في مجلة «روزاليوسف» حملة إعلامية ضخمة حول هذا الموضوع.. مع أن لي رأياً شخصياً أن الملك فاروق اتخذ قرار الحرب بجدية وعلي مستوي الدولة، ولكن ظلت الدول العربية التي أسست الجامعة العربية لها رؤية مثل سوريا والأردن خلال حكم الملك «عبدالله» والعراق تحت قيادة «نوري السعيد» فكانت ظلال النكبة مزيداً من الانقسامات بين الدول وإلغاء تهمة مسئولية الهزيمة علي الآخر وعشنا في خيال ما أسميناه بالدولة المزعومة.
لكن إعادة التحقيقات في قضية الأسلحة الفاسدة أسفر عن حفظها جميعاً؟
- الأسلحة الفاسدة مثل كل الموضوعات الخلافية في التاريخ، طالما أن قضاء مصر لم يُدن من اتهموا بأدلة ثابتة، فمعني ذلك أن الاتهامات لم تكن جدية، وهذا ما دفع «عادل ثابت» الكاتب المصري أن يصدر كتاباً شهيراً ترجم إلي كل اللغات باسم «الملك المفتري عليه».
دور الجامعة العربية في الصراع العربي - الإسرائيلي؟
- الجامعة العربية كان لها نشاط وتبادل للفكر، ولكن لم يكن لها استراتيجية رغم أن قيادات الجامعة في الماضي كانوا من الشخصيات الكبري مثل «عبدالرحمن عزام باشا» و«حسونة باشا» ولكنها استمرت أكثر من نصف قرن دون أن تجتمع ويتفق رأيها علي خيار استراتيجي، هل نريد الحرب وتصحيح أخطاء النكبة في 1948 أم أن الحرب مستحيلة ونريد السلام ونتفق حوله، وهذا هو السر الكبير وراء اختيار الرئيس السادات، بعد أن فشل في إقناع الجانب الفلسطيني أن ينضم إليه في المفاوضات، بأن يذهب بعد نصر أكتوبر إلي الحل المنفرد في السلام مثل الحل المنفرد بشأن الحرب هو وسوريا رغم أن الأردن كانت موجودة.
كيف تم التغلب علي مشكلة التسليح التي كانت دائماً أزمة عربية في حروبها منذ 48 حتي 1973؟
- للإجابة سأضطر إلي أن أذهب إلي نوع من القسوة في التقييم والحكم، لأن هذه المنطقة يمكن أن نسميها بمنطقة ال «فرص الضائعة» فأي وعي يسمح بعد أن تم إنشاء صرح جبار باسم الهيئة العربية للتصنيع فترة حكم السادات، وبقيادة العمل ل «أشرف مروان»، والذي تقيمه أياً كان إلا أنه كانت لديه مهارات وقدرة للإدارة والاتصالات الدولية التي أدت إلي بدايات طموحة وفعلية علي أرض الواقع من التسليح، وكانت مصر هي المصنع الكبير والمملكة السعودية هي «قدرة التمويل» وإدارة المشاركة مع الملك «فيصل» رحمه الله، والإسهام غير العادي فكراً وتنظيماً وتطبيقاً لرجل السعودية «كمال أدهم» ثم تتغير مواقف الدول العربية بحجة أن السادات ذهب إلي مشروع السلام مع إسرائيل.
هل تقصد أن السلام هو الذي أوقف تصنيع السلاح العربي؟
- أقول هل من الممكن أن نذهب إلي فكر خلاق ومبدع لنسأل هل الذهاب إلي السلام يمنع أن تستمر الدول العربية في تصنيع قدراتها الحربية، وعلي كل فكان هذا من حسن حظ الدول الكبري المصدرة للأسلحة، حيث احتكرت تصدير السلاح للعرب مع التحفظ الفني في نوعيات معينة من الأسلحة لا تسمح لها بانتصار محتمل علي إسرائيل.
بعد انتهاء الملكيات وظهور الجمهوريات العسكرية في سوريا ومصر والعراق.. هل اختلف الصراع العربي - الإسرائيلي؟
- أفضل أن أسميه الخلاف الذي يؤدي أحياناً إلي صراع كما حدث، وأقول إن بعض النظم الملكية العربية قد تكون أكثر ديمقراطية من النظم الجمهورية، وبالتالي المضمون ليس في عنوان نوع الدولة، لكن في قدرتها علي حل مشاكل شعوبها، أما علي مستوي الصراع والخلاف يظل كما هو بل إن طموحات بعض النظم الجمهورية مثل ما حدث في ليبيا وأحياناً سوريا أشد مما كان في السابق، وأقصد هنا النظم الجمهورية ذات الطابع العسكري أو الشعوري مثل الجماهيرية الليبية.
كيف أديرت معركة البناء والتنمية التي كانت ضد مصلحة إسرائيل بدءاً بأزمة تمويل السد العالي؟
- بالنسبة لأسباب الضغوط التي مورست علي بعض الدول العربية، خاصة مصر لمنع وإعاقة بعض مشروعات التنمية العملاقة مثل مشروع السد العالي لم تكن بالضرورة إسرائيل.. ولكنه الخلاف الذي وقع في عام 1954 بين الرئيس عبدالناصر ووزير الخارجية الأمريكي فوستر دالاس، الذي رفض أن يعترف باختيار عبدالناصر بانضمامه إلي دول عدم الانحياز والحياد الإيجابي، وأذكر عبارته الخاصة حينها «أرفض نظرية الحياد لأنه لا يختار بين الخير والشر، والخير الذي نمثله نحن، والشر يمثله الاتحاد السوفيتي»، فهذا هو السبب الحقيقي الذي أدي إلي رفض استعداد البنك الدولي لتمويل السد العالي، وإعطاء القمح إلي مصر، فوجد الرئيس عبدالناصر في اليوم التالي الاتحاد السوفيتي يقدم له القروض اللازمة للسد العالي وأيضاً القمح، ومن هنا بدأ الصراع المصري - الأمريكي تحت مظلة الحرب الباردة.
تأميم قناة السويس الذي أعقبه العدوان الثلاثي وانتصار مصر سياسياً، إلا أنها كانت سبباً في عدوان يونيو 67؟
- تأميم القناة كانت بقصد خلق مصادر تمويل تساعد علي مشروعات التنمية، ولكن كالعادة كانت هناك أخطاء حسابية عن رد فعل العالم الخارجي تجاه هذا القرار لم تكن في حسابات النظام القائم حينها، فقامت ثلاث دول بعدوان ثلاثي وكان انضمام فرنسا لهذا العدوان هو تسوية حساباتها مع مصر لمؤازرتها لثورة الجزائر التي كان عبدالناصر حليفاً سياسياً وعسكرياً وإعلامياً لهذه الثورة، ولكن حرب 56 تاريخياً أدت إلي مولد «جمال عبدالناصر» الزعيم العربي وليس رئيس الدولة، وساهمت أيضاً في تدعيم المقاومة الشعبية للعدوان، ولكن للتاريخ نقول: لولا موقف «إيزنهاور» الرئيس الأمريكي الذي كان يتمتع بأمانة فكرية ومعنوية ورفض استمرار حرب السويس ضد مصر، ولولا ذلك لكانت النتيجة احتلال الجزء من الأراضي المصرية لتسهيل المفاوضات بعد ذلك لإعادة القناة إلي الاحتكارات الدولية.
وماذا كان الثمن الذي دفعته مصر؟
- للأمانة التاريخية كان يجب أن ندفع جزءاً من ثمن هذه الحرب وهو قبولنا مرور السفن الإسرائيلية في مضيق تيران، وهذه كانت العلاقة بل الشرارة لحرب 67، حينما شاء «عبدالناصر» رداً علي المزايدات العربية هجوماً عليه بأنه يسمح بمرور السفن في المضيق، فأراد تأكيداً لشعبيته أن يأمر بغلق المضايق، معتقداً أن الأمم المتحدة ستتدخل لإقناعه بحل سلمي ولم تكن القيادة السياسية تعلم أن أمريكا وإسرائيل كانتا كما نقول في المثل الشعبي «مستخبية في الدرة».. انتظاراً لخطأ في الحسابات مما يسمح لها بالدخول في حرب 67.
لماذا فشل مشروع القومية العربية أمام المخطط الصهيوني؟
- فشلت القومية العربية للأسباب التي ذكرتها في البداية، والقومية كانت في نهاية المطاف تخدم قومية الأوطان مثلاً للقومية العربية في نظر البعثيين في سوريا والعراق كانت لدعم النظام في الدولتين، ولذلك ظلت القومية العربية كما قال الشاعر العملاق «نزار قباني»: نقول الشعر ونبكي علي الأوطان.
د. على السمان اثناء حواره مع محرر الوفد
وماذا عن القومية العربية في مصر؟
- في مصر اعتبرها «عبدالناصر» أمراً جدياً حينما ذهب للوحدة مع سوريا في 1958 ولكن مرة أخري جاءت الحسابات تهدم هذا الحلم فقام البعث السوري بجهد جبار لإقناع «عبدالناصر» في الوحدة مع سوريا وتحقيق الوحدة، ومع أن حسابات البعث تبقي الاستعانة بقوة مصر العددية والسياسية والتسليح في القضاء علي أعداء البعث من الشيوعيين تحت رئاسة «خالد بكراش» وبعد أن دعم البعث السوري قدراته انقلب علي «عبدالناصر» وحدث الانفصال، ومرة أخري انهار وسقط من صفحات التاريخ أحد مشروعات القومية العربية حتي بين نظامين في سوريا والعراق مع قربهما وانتمائهما إلي فكر البعث الذي تحول إلي لغة وأسلوب وتطبيق رافضاً لمنهج قومية عربية حقيقية ليتحول إلي صراعات ومواجهات، وهنا أقول حتي إذا لم ترض العبارة الكثير لم تدخل «البردعة الإسرائيلية» في القومية العربية.
إذا فشل العرب في التنسيق فيما بينهم؟
- هذا الفشل سببه أن نظم الحكم لم تأخذ التنسيق وهو أضعف الإيمان بين الدول مأخذ الجد ولم يلتق مع رغبة شعبية في مقاومة الدور والنفوذ الصهيوني، فظلت النظم كما هي، نظم كلمات وخطابات وشعارات.
لكن هذا التنسيق نجح في حرب أكتوبر؟
- آسف أن أقول إن نجاح السادات ليس نجاح تنسيق بين الدول العربية، خلال حرب أكتوبر، ولكن بتصورات الجانب المصري في أن ينفذ مشروعه وأن يكون مصرياً أولاً وأن يتعاون مع سوريا ومع ذلك لم ينجح التعاون عسكرياً بدليل أن سوريا خسرت الجولان والله أعلم إذا كانت خسرتها فعلياً أو إدارياً، إذا صدقنا أن سقوط الجولان تم قبل أن تفقده سوريا فعلياً.
يتصور البعض أن معاهدة السلام كانت سبباً في الضعف العربي؟
- للانصاف لقد حاول «السادات» قبل الحرب أن تخدم المعركة أهدافاً عربية وعلي رأسها القضية الفلسطينية، ولم ينجح، وبالتالي كان الوضع الطبيعي أن يذهب إلي مسئوليته كرئيس دولة مصر بأن يحرر آخر شبر من أراضيها المحتلة، أما القول بأنها أضعفت الصف العربي فلا أعتقد أنها أضعفته أكثر مما هو عليه.
هل وضعت كامب ديفيد القرار المصري في يد الأمريكان؟
- أنا أتعامل في هذا المجال مع الواقع وهو أن مصر استردت سيناء والأهم أنها استردت كرامتها، ولكن لنعترف أن «السادات» منذ المعركة وهو يعتقد أن القائد الذي يحترم مسئوليته هو الذي لا يذهب إلي الحرب من أجل الحرب، ولكن من أجل الحصول علي مكان محترم علي مائدة مفاوضات، وكانت هذه الكلمات التي سمعتها منه في «ميت أبوالكوم» بعدما أديت دوري أثناء عملي كمسئول عن الإعلام الخارجي في أبريل 1974.. إذن الخلط بين استراتيجية المعركة والنظرة المستقبلية للسلام كانت ستدفع بنا بطبيعة الحال إلي الاستعانة بالجانب الأمريكي، لكي تؤدي مفاوضات السلام فعلياً إلي استرداد باقي الأراضي التي لم تحررها الحرب واستمرار ذلك بعد وفاة الرئيس السادات.
هل تغير الموقف نسبياً بعد وفاة السادات؟
- لا.. بل استمر تحت مسئولية «مبارك» في تحرير آخر جزء، وكان «طابا» حيث بذل الجانب الإسرائيلي جهداً جباراً بعد وفاة الرئيس السادات لاستفزاز القيادة السياسية المصرية بحجة أن الرجل الذي وقعوا معه السلام مات ولا توجد ثقة في القيادة الجديدة، ولكن بذل الرئيس السابق مبارك كل جهده مع مجموعة مشرفة وعالية المستوي والخبرة السياسية والقانونية في معركة التحكيم القانونية حتي حصلنا علي حقوقنا.
ما حصاد الصراع العربي - الإسرائيلي طوال 64 عاماً؟
- المحصلة النهائية أن إسرائيل مازالت موجودة وقائمة، رغم فكر وحلم وخرافة شعار الدولة المزعومة، وأن الجانب الآخر من القومية العربية مازال بعيد عن تحقيق حلمه، وأن الحد الأدني من التنسيق مازال بعيداً عن فكرنا.. وأملي أن يأتي جيل جديد يؤمن بالواقع السياسي علي الأرض وبالإمكانيات الحقيقية وأن تدفع الشعوب نفسها إلي ضرورة التقارب والحوار، وليس بالحتم من أجل إقامة حرب ضد إسرائيل، وإذا توحدت وقويت علي الأقل ستحيد قدرات إسرائيل من احتكار الحقوق الفلسطينية وعلي استمرار الشغب والمناوشات ضد الدول العربية.
وماذا عن نتيجة حصاد السلام مع إسرائيل؟
- حصاد السلام مازال في رأيي أننا استرددنا أرضنا وحولناها إلي قدرات اقتصادية وسياحية عالمية لاسيما في سيناء، وأيضاً أنني كسبت علاقات دولية مازالت تساند مصر حتي لو شاءت اللعبة الدولية من وقت لآخر أن تقلل من قدر هذه المساندة، وبالتالي وبكل صراحة كامب ديفيد خط أحمر لا نريد اللعب به حتي لا نعطي الفرصة إلي المغامرين في إسرائيل لكي يأتوا إلي حدودنا بحجة حماية هذه الحدود مما تسميه المخاطر ضد إسرائيل.. وهذا لا يمنعنا من فتح باب التفاوض بمشاركة أمريكية وهي الطرف الثالث الرسمي في اتفاقية السلام من أجل عمل توازن لصالح مصر واحتمال حلول معقولة حول غزة.
كيف سيكون شكل الصراع العربي - الإسرائيلي بعد ثورات الربيع العربي؟
- هذا سابق لأوانه لأن بعد الثورات تأتي لغة العقل بجانب لغة المشاعر لكي لا نطالب بأكثر مما نستطيع وألا نطلق مرة أخري شعارات ثورية تذهب بنا إلي مغامرات لا يعلم مداها إلا الله.
لكن توجد تحديات في وجود التيار الإسلامي في السلطة؟
- لا أريد أن أجمع تعبير التيارات الإسلامية لأن المرحلة الأولي لوصول الإخوان المسلمين إلي مراحل الحكم سمعنا منهم لغة متعقلة، تقول إنهم سيحترمون الاتفاقيات الدولية المصرية، أما إذا جاءت هذه التيارات يوماً ما أو تيار آخر مع ثورات الربيع العربي لكي تجرنا إلي مغامرات غير محسوبة فحينها سيحسب علي هذه الثورة ثمناً غالياً.
ما الاستراتيجية العربية التي يجب أن تواجه الاستراتيجية الإسرائيلية بعد ثورات الربيع العربي؟
- أولاً نحن في احتياج إلي مشروعات طويلة الأجل لأن ما يفرقنا عنهم هو التعليم ثم التعليم ثم التنمية الاقتصادية وحينما تتعلم الشعوب العربية وتتخلص من الأمية الكاملة أو الجزئية وحينما تستطيع شعوبها الحصول بالقدرة العربية والكرامة علي لقمة العيش والسكن حينئذ ستوجد استراتيجية عربية قادرة علي ما أسميه في لغتي «لغة الدفاع» التي ليست بالضرورة أن تكون لغة الحرب والهجوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.