في غزة، مجموعة شبابية قررت أن تغير شكل المباني وجدران البيوت التي تصدعت مؤخراً نتاجاً للحرب الاسرائيلية الهمجية على القطاع، في رسالةٍ للعالم أجمع بأن غزة ما زالت تلون حياتها وأن الناس قادرين على الاستمرار وسط كل هذه الظروف التي تحيط بالمواطنين وبمدينتهم التي يحبونها بكلِّ أشكالها وألوانها. مجموعة شبابية أطلقت على نفسها اسم "حياة" قررت أن تغير معالم المخيمات والحوائط، لترسم الابتسامة على شفاه الأطفال الذين زارهم الفرح ابتهاجاً بشكلٍ حائطهم الجديد. هذه المجموعة المكونة من عدد خمسة عشر شاباً وفتاة، تحاول أن تغير معالم الحياة في مدينة غزة إلى الأفضل. وفي حوار أجراه البديل مع أحمد مرتجى منسق المجموعة، قال مرتجى: " في البداية فريق حياة الشبابي، هو فريق تطوعي يضم كلا الجنسين يقدم خدمات إنسانية بالدرجة الأولى، ربما الإسم أتى من إيماننا بأننا كشباب لدينا طاقة إيجابية بإمكانها أن تخدم المجتمع وتعمل على إحياء قيم وعادات وأنشطة ماتت أو ربما ضعفت، وأيضاً تكوّن إسم الفريق من إيماننا بمقولة (ونحن نحبُّ الحياة ما استطعنا إليها سبيلا)، فحبُّنا للحياة وشغفنا لأن نرى الحياة كما نريد جعل من مصطلح حياة وما يحمله من معاني جميلة وراقية اسماً لفريقنا" أما عن أهداف المجموعة الرئيسية، أردف مرتجى: "نحن كشباب مبادرين ومتطوعين من واجبنا الإنساني والمجتمعي أن نقدم شيء لأفراد شعبنا ولو كان بسيطاً، فهدفنا واضح وهو تقديم خدمات إنسانية بكافة أشكالها بعيداً عن السياسة والأحزاب التي قتلت مجتمعنا، فواجبنا كشباب النهوض بهذا المجتمع من خلال مبادرات وأنشطة وفعاليات تنهض بالمجتمع وتُغيِّر فيه إلى الأفضل". وعن مبادرة تلوين جدران المنازل، تابع مرتجى في حديثه للبديل: " فكرة تلوين جزء من مخيم الشاطئ جاءت لنا حيث كلنا يعرف أنَّ اكثر كثافة سكانية تتركز في هذا المخيم، وأيضاً هو مخيم يجمع اللاجئين الفلسطينيين واللون الغالب عليه هو اللون الرمادي، وبالإضافة إلى المعيشة السيئة التي يعيشها سكان هذه المنطقة، فكانت فكرة تلوين ولو جزء بسيط من هذا المخيم بألوان فرح وسعادة بدلاً من اللون الرمادي الذي يذكرنا عادةً بردم البيوت بعد القصف الإسرائيلي لها. في البداية قدمنا الفكرة لمؤسسة تامر ضمن مشروع "بناء الأمل" الذي أطلقته؛ فتم ترشيح مبادرتنا وتبنيها، نزلنا لمعاينة المكان، وتحديد أيام العمل وتجهيز المعدات"، وتابع مرتجى حديثه للبديل حول قبول هذه الفكرة من الناس، قائلاً: "لا أخفي عليكم أنه في البداية كان لدينا تخوّف من إستقبال الناس لمثل هذه الفكرة، خصوصاً أنك تحاول تغيير معالم اعتاد عليها الناس، ولكن الخوف لم يمنعنا من الاستمرار، نزلنا في أول يوم للتلوين والتزيين، تفاجأنا من استقبال أهالي الحي لنا، وترحيبهم بنا، حتى أنه كان يساعدنا في العمل من الشيخ الكبير حتى الطفل الصغير. وربما مثل هذه المبادرة أعادت لشباب الحي روح التطوع حيث كان يأتي شباب يساعدوننا وهم ليسو من أهل المنطقة". من جهته قال أحمد المدهون أحد المشاركين في هذه المبادرة للبديل: "الكلام أبسط من أن يعبِّر عن المشاعر الإيجابية الكثيرة كونك واحدٌ من المبادرين المشاركين الذين يسعون إلى تخفيف اللون الأسود واللون الرمادي من المخيم، وإلى زرع ألوان الفرح والأمل، هذه المشاعر ناتجة عن معرفتك بأنَّ هذه الأشياء البسيطة التي تقوم بعملها سوف تعيد للمخيم رمزيته ولأبنائه ثقتهم، وسوف وتقدم لكل شخص يمر بأزقة المخيم طاقة إيجابية كبيرة، لا يمكنني نسيان كمية الحب الكبيرة التي يحملها سكان هذا المخيم في قلوبهم". هل هناك أفكار أخرى تريدون تنفيذها؟ سأله مراسل البديل؛ فأجاب المدهون: "بالتأكيد هناك الكثير من الأفكار الإبداعية البسيطة التي سوف نبدأ من خلالها بتغيير بعض الأمور الموجودة في المجتمع إلى الأفضل. هذه الأفكار تعتمد على التغيير من الداخل، حتى يستطيع الأفراد التغيير في مجتمعاتهم". ما زال الشبان في غزة يحاولون رسم معالم الحياة على كلِّ شبر من القطاع، هم ينسجون خيوط الحياة في الوقت الذي يشتد فيه الظلام وحدَّة الحياة على هذه الفئة تحديداً من الناس، والذين أستيقظوا باكراً ليجدوا أنهم قد أصبحوا شباباً بعد أن قضوا طفولتهم في ظروفٍ معيشية صعبة، وسط الحصار والحروب التي تشنها إسرائيل بين الحين والآخر على القطاع. ليقولوا للعالم أجمع: "نحن نعيش، حتى وإن أرادت الدنيا قتلنا". صور – خاص البديل