«البقاء للأقوى».. شعار دولة الانفلات الأمنى

«البقاء للأقوى».. عبارة تنطبق على حال غالبية المصريين فى ظل غياب الرقابة والأجهزة الأمنية، وانشغال أجهزة الدولة فى التصدى للمتظاهرين وإعادة القبضة القمعية من جديد، وظهر ذلك جلياً في عدة مقاطع تم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كان آخرها فيديو قاسي يظهر شنق فلاح في محافظة البحيرة لشاب، بعد ربطه بعامود كهرباء، وسط تجمع للمارة، وغياب تام للأجهزة الأمنية، ليصبح شعار المرحلة "خد حقك بدراعك"
يقول جمال فرويز، الاستشاري النفسي، إن أسباب زيادة معدلات العنف وجرائم القتل في المجتمع تأتى نتيجة انتشار المخدرات، والأفلام التي ظهرت في الأعوام الأخيرة والتي تبرز مظاهر العنف وتحث عليه، مشيراً إلي انحدار مستوي الثقافة بالدولة منذ أواخر السبيعينيات مع توغل الكيان الأمريكي داخل المجتمع المصري.
وأضاف "فرويز" أن انعدام الثقافة والرقى وعدم القراءة، من أسباب اندفاع الفرد نحو العنف، خاصة أن الغالبية بدأوا يفكرون في أخذ حقوقهم بالعنف بدلا من اللجوء للقانون، لافتا إلى أن نسبة الأمية وصلت إلى نحو 40%، ومؤكدا أن الانفلات الأمنى في المجتمع جعل المواطنين يلجأوا إلى أخذ حقوقهم بالعنف.
وتابع: "مشاهدة العنف متواجدة في معظم الأفلام التي ظهرت خلال الآونة الأخيرة، والأحداث التي تحيط بالمجتمع من قتل وإرهاب وتطرف"، لافتاً إلي أن الفيديوهات التي تنشرها "داعش" تعد من ضمن أسباب زيادة معدلات العنف وبث الرعب والخوف في نفوس المواطنين، حيث يقلد بعض الأشخاص التنظيم الإرهابي في جرائم القتل، مشدداً علي ضرورة مواجهة مثل هذه الظواهر عن طريق الخطاب الدينى والتعليم والثقافة.
وطالب الاستشاري النفسي الدولة بأن تشدد العقوبات للحد من انتشار العنف في المجتمع، ومحاصرة المخدرات في السوق والصيدليات، لافتا إلى أنه مثلما يهتم الإعلام بالجريمة، عليه أن يهتم أيضا بالعقوبات حتى يردع الناس من الأحكام، والاهتمام بالمبادئ الأخلاقية ومكارم الأخلاق وغرس مبادئ الحب والسماحة في نفوس المواطنين
ويؤكد محمد زارع، رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، أن انتشار العنف في المجتمع المصري جاء نتيجة تزايد الشعور لدي المواطنين بغياب العدالة الناجزة، وعدم تطبيق القانون بشكل كامل علي الجميع، مما ولد نوعا من الطائفية بالمجتمع، فهناك مجموعة يطبق عليهم القانون ويخضعون للمحاسبة، وآخرون لايتم الاقتراب منهم.
واستطرد "زارع" أن المشكلة الأساسية تتمثل في بطء درجات التقاضي بالمحاكم لسنوات، وفي النهاية قد لا يتحصل صاحب الحق عليه نتيحة ثغرات بالقانون يستغلها البعض، مما يثير حفيظة المواطن، فيلجأ لأخذ حقه بيده، مما يجعل الدولة تسير بقانون الغاب، القوي يحكم ويأخذ حقه دون الانتظار لعدالة الدولة.
وأردف رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، أن المجتمع وقع ضحية خلال السنوات الأخيرة لمشاهد العنف المنتشرة من جانب جميع الأطياف، بالإضافة إلي وسائل الإعلام وماتبثه من أفلام بلطجة، ونشر فكرة أن الحق يؤخذ بالقوة ولا تنتظر القانون لأنه لن يفعل شيئاً في ظل دولة الكراسي والمصالح، الأمر الذى رجح الفكرة بأذهان المواطنين.
وناشد "زارع" الدولة بتطبيق القانون علي الجميع وبخاصة المسئولين ورجال الشرطة قبل المواطنين؛ وذلك لإقناع المواطن بأن حقه سوف يحصل عليه سواء كان من مسئول أو شرطي، وأن عليه الانتظار للعدالة التي تطبق بيد الدولة والتي يجب أن تكون ايضا ناجزة وسريعة.