مع بدء العد التنازلي للانتخابات البرلمانية التركية، وفي الوقت الذي يسعى فيه حزب "العدالة والتنمية" بقيادة الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" إلى التسويق لحزبه في محاولة لتحقيق مراده بمنحه صلاحيات رئاسية أقوى من خلال فوز حزبه في الانتخابات، تحل الذكرى الثانية لمظاهرات تقسيم في تركيا. إجراءات مشددة لمنع التظاهرات شددت الشرطة التركية الإجراءات الأمنية في محيط ساحة تقسيم وسط اسطنبول، بعد عامين على بدء تظاهرات غير مسبوقة ضد الحكومة في يونيو 2013، وأغلقت الشرطة صباحًا الشوارع الرئيسية المؤدية إلى الساحة الشهيرة، وأخلت حديقة "جيزي" العامة القريبة من حيث انطلقت حركة الاحتجاج المناهضة للحكومة قبل عامين، ونشرت الشرطة في الساحة عناصر من شرطة مكافحة الشغب وشاحنات مجهزة بخراطيم المياه تحسبًا لأي بوادر لبدء تظاهرة. المتظاهرون يتحدون الشرطة رغم كل هذه الإجراءات المشددة من قبل السلطات التركية، إلا أن المتظاهرين نزلوا إلى الشوارع حيث تظاهر أكثر من ألف شخص في شوارع اسطنبول الأحد الماضي، وتجمع المتظاهرون المناهضون للحكومة قرب متجر "استقلال" الرئيسي في اسطنبول، لكن الشرطة منعتهم من التوجه إلى ميدان تقسيم، ودعت حركة "التضامن مع تقسيم"، التي تضم عددًا من المنظمات غير الحكومية المعارضة ل"أردوغان" إلى المظاهرات. ميدان تقسيم.. قبل عامين بدأت احتجاجات منتزه ميدان "تقسيم" في تركيا في 28 مايو عام 2013، كانت الاحتجاجات في بدايتها للآلاف من أنصار حماية البيئة تظاهروا للاحتجاج ضد إزالة أشجار في ميدان تقسيم، وإعادة إنشاء ثكنة عسكرية عثمانية هدمت في عام 1940، وفي فجر يوم 31 مايو أخلت الشرطة بالقوة المحتجين من الميدان، وبسبب القمع تحولت التظاهرات الى ثورة سياسية غير مسبوقة ضد النظام. يعد المنتزه من المساحات الخضراء القليلة في وسط الجزء الأوروبي من إسطنبول، وتضمنت خطة التطوير التي اأدها حزب "العدالة والتنمية" تجهيز ممرات مشاة في الميدان، وإعادة بناء ثكنة تقسيم العسكرية التي تعود للعهد العثمانية، وكان من المقرر أن يشمل الطابق الأرضي من الثكنة العسكرية مركزًا تجاريًا، والطابق العلوي يضم شققًا فاخرة. تطورت الاحتجاجات إلى أعمال شغب أصيب خلالها المئات من المتظاهرين بعد أن هاجمت قوات الشرطة المحتجين، واتسع موضوع الاحتجاجات ليشمل الاعتراض على سياسات الحكومة، وطالبت المعارضة على أثر هذه الأحداث بوقف إزالة المنتزه ومحاكمة الشرطة واستقالة محافظ اسطنبول، وانضمت مدن أخرى للتظاهر، وقعت المظاهرات في إسطنبول، وأنقرة، وإزمير، وموغلا، وأنطاليا. تصريحات رئيس الوزراء التركي أنذاك "رجب طيب اأردوغان" وإصراره على استمرار المشروع عقد الأمور أكثر مما كانت عليه، حيث دان "اردوغان" مرارًا المتظاهرين ووصفهم بأنهم "ارهابيون وفوضويين ومخربين" يسعون الى إضعاف الدولة، وحذر من أن الحكومة ستكون صارمة جدا مع الاحتجاجات الشعبية، وهو ما دفع مئات الأتراك إلى التظاهر أمام مقر البرلمان الأوروبي في بروكسل منددين بحكومة "أردوغان"، وانتظمت مسيرات تضامنية في عدة مدن في ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وفي نيويورك بالولايات المتحدة. من اليسار التركي إلى اليمين القومي، احتشد الطيف السياسي التركي كله في ساحة تقسيم، حيث تم الاحتفال بانسحاب الشرطة منها على وقع صرخات "أيها الدكتاتور استقل"، في إشارة إلى رئيس الوزراء أنذاك "رجب طيب أردوغان". شنت حركة "أنونيموس" هجمات الكترونية على مواقع الحكومة التركية، إذ اخترقت موقع رئاسة الوزراء، وشارك في الهجمات أيضًا الجيش السوري الإلكتروني الذي اخترق الموقع الرسمي لوزارة الداخلية التركية ووضع عليه عبارة "التصعيد ضد ظلم استبداد أردوغان"، كما تأثرت البورصة التركية بالأحداث، وسجلت مؤشراتها تراجعات حادة، وقد أعلن اتحاد نقابات القطاع العام التركي إضرابًا لمدة يومين، واتهم الحكومة بأنها تمارس إرهاب الدولة. وفقا للارقام الرسمية للشرطة تظاهر خلال هذه الاحتجاجات حوالي 3.5 ملايين تركي ضد "أردوغان" في كافة انحاء تركيا خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من يونيو، وهذه التظاهرات التي قمعت بالقوة اوقعت ثمانية قتلى على الأقل، وأكثر من ثمانية آلاف جريح.